< وتماماً تعني تماماً لا فراطة ولا مفاصل فيها، وهو ما لا تجده عند السائقين في طرقاتنا، عند الدوار والتقاطعات داخل الأحياء وخارجها. وعلى رغم معرفة السائق الآخر بأن الأفضلية لغيره إلا أنه لا يتوقف تماماً، بل يتوثب كأنه ثعلب! وأنت بين أمرين، إما أن تُقدِم أو أن تحجم، وهي مقامرة يومية، أما إذا آثرت السلامة لأنك تعلم أن الثعلب في داخل السائق نهاز للفرص ويجس نبض و«إقدام» صاحب الأولوية، فإنك لن تسلم من غضب من يسير خلفك، فهو لا يرى سواك أنت معوقاً له عن... الحرية! أما إن كان الثعلب يقود سيارة كبيرة ضخمة أو حافلة للطلبة والطالبات فهو لن يحور ولن يدور، بل سـ«يدرعم» مثل ذئب أمعط، وقد يلتفت إليك بابتسامة صفراء أو نظرة تشفٍ! هذه واحدة من كثير من الممارسات المرورية اليومية التي لا تهتم بها إدارة المرور، مثلها كمثل التفحيط المدرسي! والعجيب أنني شاهدت مقطعاً مصوراً لشخص يخبر فيه أنه تمت مخالفته مرورياً، لأنه وضع ملفاً علاقياً أو ورقياً على «طبلون» السيارة، لأن الملف «يعوق» الرؤية! صحيح أن وضع الأجسام التي تعكس الضوء على «طبلون» السيارة يؤثر في رؤية السائق للطريق بشكل طفيف، لكن تسجيل مثل هذه المخالفة - إن كان المقطع دقيقاً - أعتبره من «الترف» المروري في مقابل ما تحفل به شوارعنا من مخالفات قاتلة، من عكس للسير وتهور وتفحيط وسط الأحياء السكنية. هذه من مخالفات السائقين، لكن مخالفات المقاولين مسكوت عنها في وضع إشارات السلامة المناسبة ليلاً ونهاراً أمام الأعمال التي ينفذونها، فلا يزال الوضع على ما كان، على رغم كل ما «يشاع» عن حركة جديدة في الضبط المروري. إن السلامة هي المسؤولية الأولى لإدارة المرور، ومعها انسيابية الحركة، بالإمكان الجمع بين تحقيق السلامة والجباية، وإدارة المرور في واقع الأمر تمت خصخصة أجزاء مهمة من مسؤولياتها مثل سنوات وأصبحت تقوم به شركات، إلا أن هذا لم ينعكس على حسن ترتيبها للأولويات في مباشرة المخالفات وتحسين الواقع المروري، وهو ما يطرح أسئلة عن نتائج الخصخصة على الطريقة السعودية. إذا أرادت إدارة المرور أن تحسن صورتها وتقوم بواجباتها تجاه الإنسان في بلادنا فعليها وضع أولوياتها بما يتوافق مع الأخطار المحدقة به، وما انتشر في الطرقات من مخالفات بسبب تراخي إدارة المرور المخصخص نصفها. asuwayed@