في صيف سنة 1415ه كنت في القاهرة مع العائلة، واستيقظت ذات يوم باكراً على غير العادة، وبعد الإفطار فكرت أين أذهب؟ أخيراً قررت زيارة منزل طه حسين الذي تحول إلى متحف ثقافي.. يشبه فيلا شوقي التي أمر بها على طريق الفندق.. وجدنا فيلا العميد في شارع متفرع من شارع الهرم.. عند الباب جلست امرأة سوداء منعتني من الدخول بحجة أن المنزل تحت الترميم.. قلت: ألا يوجد مسؤول غيرك؟! دخلت وجاءت معها سيدة رحبت بي بعد أن قلت: إني سائح سعودي وأحب العميد.. دخلت المنزل الذي كان فعلاً تحت الترميم، كان واسعاً وجميلاً في حدود ألف متر، وفيه صالة رحبة. قالت السيدة المثقفة: إن العميد يستقبل فيها الضيوف ويدير فيها حوارات ممتعة (صالون طه حسين).. كل ما في المنزل يدل على جزالة الراحل وذوق سيدة الدار زوجته الفرنسية التي كنت أقرأ كتابها في تلك الرحلة (معك) عن ذكرياتها مع طه حسين، وقد عجبت من تكرارها لشح الموارد(..على الرغم من مرتب الجامعة ومكافأة جريدة السياسة وعائد المؤلفات فقد بقي وضعنا المادي في منتهى السوء..) كما تقول ص 17. أعدت السبب إلى كرم طه حسين رحمه الله، فقد كان منزله قصراً بمعيار تلك الأيام، وكان كريماً مع طلبته الفقراء المجيدين (كالأب الروحي) ويقضي إجازته في فرنسا.. وكان أنيقاً بما يليق بمكانته.. ونموذجاً للكفاح العجيب وقوة الإرادة..