×
محافظة المنطقة الشرقية

منتدى «البنك الإسلامي» يستكشف مشاريع الشراكة

صورة الخبر

أسيل جندي-القدس بينما يحتفل العالم بالقضاء على التمييز العنصري في 21 مارس/آذار من كل عام، ما زال نحو ثلاثمئة ألف فلسطيني في القدس يخضعون لأعتى نظام فصل عنصري (أبارتايد) يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، ويسلبهم بسببه أبسط حقوقهم الأساسية. في عام 1948 تعرض أكثر من 80 ألف فلسطيني للتهجير من منازلهم غربي القدس، وبعد احتلال ما تبقى من المدينة عام 1967 بشكل مخالف للقانون الدولي، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسات الفصل العنصري باستخدام قوانين تمييزية بالقدس بهدف الحد من نمو المجتمع المقدسي، كما تتورط إسرائيل بانتهاج التهجير القسري الصامت وسياسات استعمارية للحفاظ على أغلبية يهودية في المدينة، وفق منظمات حقوقية. والأسبوع الماضي حضرت القدس بقوة في تقرير لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا) بشأن عنصرية الاحتلال ضد الفلسطينيين. وأكد التقرير أن التمييز يطال المقدسيين في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل وفي حقوق الإقامة والبناء، إضافة لعمليات الطرد وهدم المنازل التي تخدم السياسة الإسرائيلية المسماة سياسة التوازن الديمغرافي لصالح السكان اليهود.الاحتلال هجّر أكثر من مئة ألف مقدسي من القدس إلى مناطق عزلها الجدار عن المدينة (الجزيرة) فوقية اليهودووفقا لبيانات أصدرتها كل من: مؤسسة الحق، وسانت إيف، والشبكة، ومركز العمل المجتمعي، وبديل -وكلها مؤسسات حقوقية- فإن التمييز العنصري بالقدس يبدأ بسياسة "مركز الحياة"، إذ يتمكن كل يهودي يصل لإسرائيل من الخارج أن يصبح مواطنا فيها، بينما تم إلغاء أكثر من 14 ألفا وخمسمئة إقامة لفلسطينيين بالقدس منذ عام 1967 وتتم معاملتهم على أنهم مهاجرين في بلادهم، وقد مُنحوا إقامات يمكن إلغاؤها في أية لحظة. وفي قانون الجنسية لا يوجد أي طفل يهودي غير مسجل بملحق الهوية وجواز السفر مع والديه، بينما يوجد نحو عشرة آلاف طفل مقدسي غير مسجلين كمقيمين في المدينة. أما فيما يتعلق بالدخول للقدس فتُشجع الأسر اليهودية على الانتقال للعيش فيها، مقابل رفض أكثر من ثلث طلبات لمِّ الشمل بين عامي 2000 و 2013 للمقدسيين في الداخلية الإسرائيلية، ولم يعد ممكنا منذ عام 2008 لأي زوجين من القدس وغزة أن يتقدما بطلب لمّ الشمل. وتتمتع المستوطنات بطرق خاصة بها للوصول لمركز المدينة، بينما يفصل الجدار العازل أكثر من مئة ألف مقدسي عن المدينة.الاحتلال بنى في القدس 15 مستوطنة منذ عام 1967 والمقدسيون يعانون نقصا في الوحدات السكنية يبلغ 46 ألفا (الجزيرة) في قطاع البناء رُصدت 78% من مخالفات البناء في غربي القدس (الجزء المحتل عام 1948) خضع 27% منها للهدم، وفي شرق القدس رُصدت 22% من المخالفات خضع 84% منها لأوامر هدم. وليس بعيدا عن السكن، تم بناء 15 مستوطنة لسكن 210 آلاف مستوطن، يقابل ذلك نقص في الوحدات السكنية بشرقي القدس يبلغ 43 ألف وحدة، بالإضافة إلى ستين ألف مقدسي معرضون لخطر تدمير منازلهم. وفي إطار توزيع الميزانيات، فإن 90% من ميزانية المدينة تذهب لـ63% من سكان القدس اليهود، و10% تذهب لـ37% من سكان المدينة العرب، مما ينعكس بشكل جلي على البنية التحتية والخدمات الرديئة. ويستمر التمييز العنصري ضد المقدسيين بمثولهم أمام القضاء الإسرائيلي الذي تعتبره منظمات حقوقية جزءا لا يتجزأ من منظومة الأبارتايد المتكاملة، إذ يُمارس النظام في أروقة المحاكم دون التفريق بين قاصر وبالغ، بينما يقابل ذلك التراخي الواضح في القضايا التي يتهم بها الإسرائيليون بجرائم بشعة ضد الفلسطينيين.مواطنون فلسطينيون يصطفون في طوابير أمام مؤسسة إسرائيلية للتأمين بالقدس (الجزيرة) تمييز ناعموفي تعليقها على هذه السياسات التمييزية، قالت رئيسة دائرة العلوم السياسية في جامعة القدس آمنة بدران إن نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا كان واضحا ولم يكن بالإمكان إنكار هذه السياسة والترويج على أنها نظام شرعي، لكن في الحالة الفلسطينية استطاعت الصهيونية أن تسوق نفسها على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وتمكنت من ممارسة فصل عنصري ذكي وناعم. وعن خصوصية مدينة القدس، أضافت أنه ليس بوسع إسرائيل في الوقت الحالي أن تضع الفلسطينيين في شاحنات وتخرجهم من القدس، لكن بإمكانها من خلال ممارسات الفصل والعنصرية جعل حياة المقدسيين مستحيلة في المدينة مما يدفعهم للهجرة منها، وهكذا يتحقق هدفها بإبقاء أقل عدد من السكان وأكبر مساحة من الأرض لها. وتابعت في حديثها للجزيرة نت أن كل القوانين التمييزية ولدت مع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948 لكن تجلياتها واضحة في القدس اليوم، مؤكدة أنه -وحتى يتمكن الفلسطينيون من النهوض- لا بد من تحديد إستراتيجياتهم للنضال والمقاومة من أجل التحرر، "وأحد هذه الإستراتيجيات فض الشرعية عن الأيديولوجيا الصهيونية وإعادة تثبيتها كأحد أشكال العنصرية التي يرفضها العالم".