خلص تقرير صادر عن معهد غالوب، بشأن «إعادة هندسة إدارة الأداء»، إلى أن «الموظفين يطالبون في الوقت الحالي بالحصول على المزيد من شركاتهم. فهم يسعون نحو عمل هادف ذي مغزى ويتطلعون لمدراء يولونهم الرعاية كأشخاص ويمنحونهم تواصلاً مستمراً وتوقعات وظيفية واضحة، وفرصاً للتعلم والتطور. ومن أجل الاستجابة لهذه المطالب، بات من اللازم أن تكون أنشطة الشركات لإدارة الأداء مصممة لتساعد الموظفين على التحفيز والتطور ليقدموا أفضل ما عندهم قدر الإمكان». ونبه التقرير - الذي أعده بن ويجرت، وجيم هارتر، من معهد غالوب - إلى أن «أساليب إدارة الأداء التقليدية غير مصممة لتلبية مطالب القوة العاملة الحديثة. وقد اكتشفت العديد من الشركات إخفاقها في إشراك موظفيها لأنهم - أي الموظفين - يعتقدون أن تقارير مراجعة الأداء غير عادلة وغير موضوعية، ولا تحدث إلا نادراً مما يقلل حماسهم نحو تحسين أدائهم. وانطلاقاً من هذا الواقع، شرعت الشركات في البحث عن البدائل التي تلبي مطالب موظفيها وتحفزهم على تحسين أدائهم». ورأى التقرير أنه «من الجيد في الأمر أن هذه الشركات لا ترغب في التخلص بشكل كامل من ممارساتها التقليدية المتعلقة بإدارة الأداء - كتقارير المراجعة والتقييمات - بل يسعون إلى تحسين أساليب إجراء هذه المراجعات. وحين تنفذ هذه الإجراءات بشكل صحيح، عندئذ ستسهم عملية قياس الأداء في تحقيق المساءلة والعدالة في التقييم، والإرشاد الجيد نحو التحسين». وأكد التقرير أن «إطلاق هذا التغيير يتطلب قادة قادرين على تنفيذ أساليب تطوير الأداء المستمر، إضافة لمدراء على اطلاع بنقاط القوة التي يتمتع بها موظفوهم واحتياجاتهم الوظيفية. بعدها ينبغي على المدراء الاستفادة من هذه المعلومات في تحديد توقعاتٍ بفعالية أكبر وتدريب مستمر وإرساء ثقافة المساءلة لتحقيق الانسجام بين وضع الفرد ووضع المؤسسة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة». الحالة المتطورة لإدارة الأداء وأفاد التقرير أن النظم التقليدية لإدارة الأداء باتت غير قادرة على الاستمرار، وقد أمضى الكثير من الشركات والمدراء والقادة والموظفون وقتاً طويلاً في مراجعات الأداء المحبطة التي لم تسفر عن أي تحسن في الأداء سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. وأشار التقرير إلى أن العديد من الشركات مثل أكسنتشر، أدوبي، وشركة كارجيل، جنرال إلكتريك، وجوجل ومايكروسوفت ونيتفليكس، عقدت عزمها على التخلي عن النظم التقليدية في هذا المجال، وشرعت في إعادة إنتاج نظام جديد لإدارة الأداء يلائم كلاً منها على حدة. وذكر التقرير أنه من أجل تحقيق هذا الغرض، كان لابد من التعرف أولاً على عناصر الخلل في النظم القديمة ومعرفة أسبابها، وحينئذ يسهل تحديد توقعات الأداء، ومراجعة التقدم المحرز، وتعديل الأهداف، والتعرف على الإنجازات وتطوير الموظفين على أسس فردية. ما هو مفهوم إدارة الأداء؟ وأوضح التقرير أن إدارة الأداء عملية تسهم في الوصول إلى إدارة فعالة للأفراد والمجموعات بغية تحقيق مستويات عليا من الأداء المؤسساتي. إذ يؤكد المعنيون أن الإدارة الفعالة للأداء ينبغي أن تكون استراتيجية شاملة لإدارة الموارد البشرية ولكل المجالات التي تؤثر على عملية اتخاذ القرارات الخاصة بالموظفين مثل سياسات الموارد البشرية، والثقافة، وأهداف الأداء ونظم الاتصالات. وبين التقرير أن 20 في المئة فقط من الموظفين يتفقون بشدة على أن أداءهم يدار بطريقة محفزة لهم للقيام بعمل متميز. وبين التقرير أن الهدف من إدارة الأداء هو تحسين الأداء، لكن الأساليب التقليدية تخفق باستمرار في تحقيق هذا الهدف. الأساليب التقليدية لتقييم الأداء ووفقاً للتقرير، فإن هذه الأساليب تتمثل في: تقييمات الأداء، الترتيب الإجباري: وفي هذا النوع يطلب من المدراء إعادة تقسيم موظفيهم إلى ثلاث فئات محددة سلفاً. الفئة الأولى من ذوي الأداء الممتاز (مثلاً 20 في المئة أداء ممتاز) وأصحاب الأداء المتوسط (60 في المئة أداء متوسط) وفئة الأداء الضعيف (20 في المئة أداء ضعيف)، معايير الأداء الموحدة، وقد تبين أن 14 في المئة فقط من الموظفين يتفقون بشدة على أن تقارير مراجعة الأداء التي تصلهم تحفزهم على تحسين أدائهم، إلى جانب القرارات المرتبطة بالترقيات والمكافآت المالية. تراجع الأساليب التقليدية لإدارة الأداء وقال التقرير، أنه حين يجد الموظفون عملهم يتحول إلى أرقام تصف أداءهم، فإن تركيزهم ينتقل من السعي لتحسين أدائهم إلى مدى أهلية مديريهم في الحكم على أدائهم. فقد تبين أن 29 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة بأن مراجعات الأداء التي يتلقونها تكون عادلة وأن 26 في المئة منهم يتفقون بشدة بأنها دقيقة. نظرة فاحصة لتقارير المراجعة السنوية ونبه التقرير أنه لإعادة هندسة عملية مراجعة الأداء، لابد للمدراء والقادة من التعرف على سبب شعور الموظفين بأن تقارير أدائهم لا تتسم بالدقة أو العدل. وقد أظهر التحليل الذي أجراه معهد غالوب بأن النفور الشديد من أساليب مراجعة الأداء التقليدية يُعزى إلى خمسة معوقات نفسية، هي: التغذية الراجعة غير المنتظمة، عدم الوضوح، تحيز المدير، ردود الفعل السلبية على التقييم والتغذية الراجعة، والتركيز الكبير على الحوافز المالية. وتبين أن 26 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة بأن التغذية الراجعة التي يتلقونها تساعدهم على تحسين عملهم، بالإضافة إلى أن 21 في المئة فقط من الموظفين يتفقون بشدة على أن الحوافز المالية تشجعهم على تحقيق أهدافهم. المطالبة بالتغيير وجاء في التقرير أن الأسباب الخمسة المذكورة أعلاه تساهم في تثبيط الموظفين. كما أن هذه الأساليب تعتمد على معلومات وإجراءات غير كافية، الأمر الذي يؤدي إلى إرباك الأحاديث الشخصية والتفاعل بين الموظفين بل ويقضي على رغبتهم في التحسين المستمر. وفي خضم هذه المشكلات قد يلجأ بعض المدراء إلى استبعاد بعض أساليب التقييم الحالية، لكن جدوى هذا الأمر تعتمد على نوع الخلل وما هو الأمر الذي يراد تحقيقه. ما الذي يريده الموظفون من شركتهم ومديرهم؟ أوضح التقرير أن بيئة العمل تشهد تطوراً ملحوظاً، ولذا بات من اللازم تطوير أساليب إدارة الموظفين، وخصوصاً مع بروز الحاجة إلى التحول نحو «تطوير الأداء» الذي يركز على المواهب الطبيعية، واحتياجات الأداء، والشعور بالهدف. ما الذي تسعى له القوة العاملة الجديدة عند التقدم للوظيفة؟ وأفاد التقرير أن أبناء جيل الألفية يرغبون في أن تتم إدارتهم بطريقة تختلف عمن سبقهم من الموظفين، وحين لا تلبى احتياجاتهم فإنهم لا يشعرون بالانتماء النفسي تجاه شركتهم. ولذا نجد أن 60 في المئة من جيل الألفية من القوى العاملة في الولايات المتحدة يبحثون في الوقت الحالي عن فرص عمل جديدة. كما أن إضفاء الطابع الفردي في تقييم الأداء له أهمية بالغة في تحديث إدارة الأداء، ولذا ينبغي للمدراء أن يحاولوا التعرف على شكل هذه الاحتياجات العالمية لكل موظف على حدة. التحول من إدارة الأداء إلى تطوير الأداء ذكر التقرير أن الرؤساء الذين يعملون ضمن النظم التقليدية لإدارة الأداء يكافحون من أجل تحفيز موظفيهم نحو التطور، وذلك للأسباب التالية: التوقعات غير الواضحة وغير المتطابقة، التغذية الراجعة غير الفعالة وغير المنتظمة، ممارسات التقييم غير العادلة والمساءلة في غير موضعها. وفي المقابل، يمكن للمؤسسات تحويل مديريهم إلى مدربين من خلال تدريبهم بشكل فعال ومتناسق على: تحديد التوقعات، التدريب المستمر، إرساء المساءلة، وتبين أن 50 في المئة من الموظفين يعرفون بوضوح ما هو متوقع منهم في العمل. ويشير التقرير إلى أن المدير الجيد هو الذي لا يكتفي بتحديد التوقعات وإشراك الموظفين فيها فحسب، بل يساعدهم على فهم قيمة ما يقومون به ومدى انسجامه مع أهداف الفريق والمؤسسة. المعايير الأساسية لتحديد التوقعات وبين التقرير 3 توقعات في هذا الجانب، وهي: توقعات واضحة: وهي شرط أساسي في تحديد التوقعات بحيث يكون الموظف أو المدير على علم بشكل واضح بمهامه ومسئولياته؛ وما هو معيار الأداء المتميز والمقبول ودون المستوى؛ والأدوات التي سيقاس بها الأداء. وتبين أن 26 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة على أن مديرهم يساعدهم باستمرار على بيان الأولويات. توقعات تشاركية: إن مشاركة الموظفين في عملية تحديد التوقعات يؤدي إلى أن تكون التوقعات عادلة وملائمة ومليئة بالتحدي، إلى جانب إسهامها في ترسيخ الثقة بين المدراء والموظفين. وتبين أن 30 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة أن مدراءهم يشركونهم في وضع الأهداف. وقد أثبتت الدراسة أن هؤلاء الموظفين أكثر مشاركة وانهماكاً في عملهم بـ 4 مرات من الموظفين الآخرين. توقعات متطابقة: أثبتت الدراسة أن الأفراد والمجموعات يعملون بشكل أفضل حين يكون الموظف معنياً بالأهداف الفردية والجماعية، حيث تسهم هذه التوقعات المتطابقة في مزيد من الانسجام بين عمل الموظف وعمل المؤسسة. وتبين أن 44 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة بأن أهداف عملهم تتطابق بالأهداف العامة للمؤسسة. التدريب المستمر وأوضح التقرير أن التدريب المستمر والتغذية الراجعة المنتظمة تساعد المدراء على التعرف على المهام والمشروعات التي يعمل عليها الموظفون، مما يسهم في تحسين الأداء. إن أكثر الانتقادات الموجهة إلى أساليب إدارة الأداء التقليدية تعود إلى الاقتصار على التقييم السنوي للموظف. ووفقاً للتقرير، فإن 20 في المئة من الموظفين يتفقون بشدة أنهم تحدثوا إلى مديرهم حول الإجراءات التي توصلهم إلى أهدافهم في الأشهر الستة الماضية. وأوصى معهد غالوب بالتركيز على ثلاثة أنماط من الحوارات التدريبية الفعالة، وهي: الأول: الحوارات المتكررة، والمركزة، وذات المنحى المستقبلي، وهو التفاعل اليومي مع الموظف بمختلف الأدوات كالبريد الإلكتروني والاتصال الهاتفي وغيرها. وهذا لا يعني الرقابة الدائمة، بل هو شعور باهتمام المدير ومعرفته بتفاصيل عمل الموظف وتقديم الدعم له عند الحاجة. وقد أوصى معهد غالوب بتقديم نوع من أنواع التدريب للموظفين مرة كل أسبوع على الأقل. وقد أثبتت الدراسة أن الموظفين الذين يتلقون تغذية راجعة يومية من مديريهم هم أكثر انخراطاً في عملهم بـ 3 مرات ممن لا يحصلون على تغذية راجعة إلا مرة واحدة في السنة أو أقل. والنمط الثاني هو الحوار المركز: والذي يساعد الموظفين على العمل بكفاءة أكبر، لذا ينبغي على المدراء أن يتسموا بالوضوح والتركيز عند تعيين المهام وتحديد الأولويات. والنمط الثالث هو الحوار ذو المنحى المستقبلي: أثبتت الدراسات أن التركيز على أخطاء الماضي في إدارة الأداء، يؤدي إلى تثبيط الموظفين وتراجع أدائهم، في حين أن أفضل الحوارات التدريبية هي التي تأخذ منحى مستقبلياً وتخلق حواراً إيجابياً ومحفزاً للموظفين للمضي قدماً. إرساء المساءلة وأكد التقرير أن المساءلة لها أهمية بالغة في تحقيق الأداء العالي، ومن دونها تبقى عملية إنشاء التوقعات والتدريب المستمر مجرد كلام لا أكثر. وقد أثبتت الدراسة أن الموظفين الذين يتلقون مساءلة عن أدائهم من قبل مديريهم هم أكثر انخراطاً في عملهم بمرتين ونصف ممن لا يحصلون على المساءلة. ومن أجل مساعدة المديرين في تحويل تقارير الأداء السنوية المرعبة إلى تقارير بناءة، حدد معهد غالوب سمات رئيسية لجعل تقارير الإنجاز أكثر فاعلية، وهي كالتالي: موجهة نحو الإنجاز: تقارير الأداء الناجحة تبدأ بالاحتفاء بإنجازات الموظف وإبراز النجاحات التي حققها، مما ينعكس إيجاباً على أدائه المستقبلي ورغبته في التطوير. عادلة ودقيقة: الموظفون بحاجة إلى أن يثقوا بالمعلومات المستخدمة في وصف أدائهم قبل استعراض تقارير الأداء كأداة فعالة في تحسين الأداء. إذ يتفق بشدة 2 من أصل 10 موظفين أن المقاييس المستخدمة لتقييم أدائهم تقع تحت سيطرتهم، وأن عدداً قليلاً من الموظفين - 14 في المئة - يتفقون بشدة أن تقارير الأداء التي يحصلون عليها تحفزهم نحو مزيد من التحسين. وأوصى معهد غالوب بقياس الأداء الميداني بالاستعانة بهذه الأنواع الثلاثة من البيانات: 1. المقاييس الكمية التي تقع ضمن سيطرة الموظفين وتعكس النتائج الرئيسية مثل الإنتاجية والربحية، إضافة للدقة والكفاءة. 2. الملاحظات الذاتية التي تعكس الأداء بشكل كيفي من حيث توقعات الدور والسماح للمدير بتقديم التغذية الراجعة التي تساعد في فهم سياق الأداء. 3. الأهداف ذات المنظور الفردي التي تأخذ في عين الاعتبار ما يمتلكه كل فرد في المجموعة من خبرة، وتجربة، ومهام وظيفية فريدة إلى جانب المسئوليات العامة للوظيفة. ونبه التقرير إلى أنه حين يضع المدراء في اعتبارهم مصادر متعددة للقياس، يصبح القياس أكثر موثوقية ودقة. تطوير الأداء القائم على نقاط القوة والمرتكز على المشاركة وأفاد التقرير أن التدريب الفعال هو أكثر من مجرد أحاديث متكررة مع الموظفين ومناقشة لمهام العمل - بل هو في الأصل التواصل مع الموظفين من خلال المهارات الشخصية الفعالة، والفهم الفردي لكل موظف على حدة. وبين التقرير أن المكونات الأساسية الثلاثة لدورة تطوير الأداء هي أساس التدريب الفعال: تحديد التوقعات، التدريب المستمر، وإرساء المساءلة.