عرض رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، على الصين التعاون لإطلاق ثورة جديدة في مجال الطاقة من شأنها الاستفادة من النفط دون إضرار بالبيئة. ونقلت صحيفة الاقتصادية السعودية عن الناصر قوله خلال مشاركته، أمس الأحد 19 مارس/آذار2017، في منتدى التنمية في الصين لعام 2017 الذي يعقد في العاصمة بكين، أن تعزيز العلاقات التاريخية الراسخة بين السعودية والصين، يمكن أن يصل إلى آفاقٍ أبعد من خلال مجموعة كبيرة من الفرص التجارية والاقتصادية الجديدة التي تشمل التعاون في مجال الطاقة، ونقل المعرفة والتقنية، والصناعات الصديقة للبيئة والقائمة على الابتكار. وجاء انعقاد منتدى التنمية في الصين هذا العام 2017 مباشرة في أعقاب الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى الصين. وشارك الناصر في المنتدى بكلمة أمام الوزراء والمسؤولين الصينيين وقادة مؤسسات دولية ورؤساء شركات عالميين.مبادرات اقتصادية وقال إن المملكة تُعدُّ نقطة انطلاق مثالية لمبادرات الصين الاقتصادية الاستراتيجية الأساسية، الرامية إلى تحقيق الازدهار للتجارة بين الشرق الأوسط وآسيا، مما يوفر حلقة وصل تجارية حيوية مع المناطق الأخرى التي تحيط بالبلدين. وأضاف الناصر: "منذ فترةٍ ليست بالقصيرة، دأبنا في المملكة العربية السعودية، وباهتمامٍ بالغ، على متابعة المبادرات الاقتصادية الاستراتيجية الأساسية الثلاث التي أطلقتها الصين تحت اسم: "الانفتاح على العالم"، و"الحزام والطريق"، و"صُنع في الصين عام 2025"، وقد زاد هذا الاهتمام بعد إطلاق "رؤية المملكة 2030" العام الماضي، نظراً للقواسم المشتركة التي تجمع بين الرؤية وهذه المبادرات الثلاث. ولذلك، فإن ثمة فرصاً هائلة يمكن استغلالها من قبل بلدينا وشركاتنا". وأردف قائلاً: "إن أرامكو السعودية مستعدة للتعاون فيما يتعلق بالفرص الاستثمارية التي تعزز من تقارب البلدين الكبيرين". الساحل الغربي وأبرز الناصر ثلاثة محاور يمكن أن يسفر عنها هذا التعاون وتستفيد منها الشركات العاملة في مجموعة كبيرة ومختلفة من الصناعات. يتعلق المحور الأول بتحسين التدفقات الاستثمارية المتبادلة بين البلدين، وهذا الأمر من شأنه أن يصب في مبادرتي "الانفتاح على العالم"، و"الحزام والطريق"، وكذلك رؤية المملكة 2030. وفي هذا الصدد، قال الناصر: "يمكن للشركات الصينية الاستفادة من موقع المملكة الاستراتيجي على طريق الحرير البحري، من خلال تأسيس منصاتٍ للتصنيع، والخدمات اللوجستية، والأبحاث والتطوير، لا سيَّما على الساحل الغربي. وانطلاقاً من هناك، تستطيع هذه الشركات الوصول بسهولة إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموماً، والاتجاه شمالاً إلى أوروبا، كما سيسهل عليها الاستفادة من وفرة إمدادات الطاقة والبتروكيميائيات في المملكة". وأضاف الناصر: "وبالقدر ذاته، ومع توفُّر الفرص المناسبة، نرغب في تعزيز العلاقة مع الصين على صعيد إمدادات النفط ومضاعفة استثماراتنا في الصين، ولا سيَّما في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق".طاقة بلا حريق المحور الثاني، كان بمثابة دعوة لثورة في مجال الطاقة تتسق فيه مع الالتزام تجاه اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ، حيث لفت الناصر: إلى أنه على الرغم من أن معظم الهيدروجين لا يزال يُستخلص من الغاز حالياً، فمن الممكن العمل على زيادة معدلات استخلاصه من النفط والفحم. وقال "إننا إذا ما نجحنا في تحقيق المواءمة والتوافق بين استخلاص الكربون واستغلاله وتخزينه من جهة، والمواد الهيدروكربونية من جهة أخرى، فسيكون بإمكاننا حينها استخلاص الهيدروجين دون الإضرار بالبيئة". وأضاف "إن من شأن هذا الإنجاز أن يطلق ثورة تقنية في مجال النقل في المستقبل، وأن الشوط الذي قطعته السيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني لا يقل كثيراً عن السيارات الكهربائية، وأن هذه الخلايا قادرة أيضاً على إحداث ثورة تقنية في مجال توليد الطاقة الكهربائية". وتابع: "ستسهم خلايا الوقود الهيدروجيني، إذا ما اقترنت بتقنية استخلاص الكربون واستغلاله وتخزينه، في تمكين المملكة من تحويل مواردها الهائلة من النفط والغاز إلى طاقة حركية وكهربائية نظيفة قائمة على استخدام الهيدروجين". النفط إلى كيميائيات أما المحور الثالث فيتركز حول استخدامات النفط التي "لا تتضمن الحرق" لتحويله إلى مجموعة متنوعة من المواد الجديدة. وفي هذا الإطار، قال الناصر: "إننا في أرامكو السعودية متحمسون على وجه الخصوص إزاء مبادرة "تحويل النفط الخام إلى كيميائيات"، التي تستهدف تحويل النفط الخام بصورة مباشرة إلى مواد بتروكيميائية دون المرور بمرحلة التكرير. وقال "هذه المبادرة بمقدورها أن تغيّر مشهد المنافسة في مجال البتروكيميائيات وتساعد في تطوير مواد جديدة متقدمة، فضلاً عن إمكانية توفر استخدامات جديدة في هذا الخصوص، لافتاً إلى أن ذلك سينعكس أيضاً على مبادرة "صُنع في الصين عام 2025"، إذ تشكل المواد الجديدة جزءاً من مجالات التركيز العشرة المتعلقة بالمبادرة.