يحول اللعب بالرمل إلى لعبة لكتابة الكلمات، لا يهوى اللعب غير المجدي كباقي الأطفال، شغفه الأرقام والحروف، يترك المكان والجميع إذا رأى آلة حاسبة، يمسك الهواتف الذكية لا للعب وإنما من أجل تعلم ترجمة الكلمات وغيرها. الطفل حسين علي ميرزا من مواليد العام 2012 لم يكمل من العمر 5 أعوام حتى الآن، إلا إنه بحسب التشخيص فإن عمره العقلي أكبر من عمره الزمني، وهو من الحالات النادرة في مملكة البحرين. استقبلت «الوسط» حسين ووالديه للتعرف عليه، فهو الطفل الوحيد لهذه العائلة وهو الحالة الوحيدة في مملكة البحرين، ما دفع عائلته للاهتمام به وإبراز قدراته العقلية لعل هناك مدرسة تحتضن هذه القدرات، فجمعت العائلة له كل القصص في ركن منزلي، لكونه طفلا يهوى القراءة والحروف والأرقام، فهو شغوف بها. قالت والدته: «إن حسين هو ابني الوحيد، وقد أنجبته بشكل طبيعي، لم أعان من أي مشاكل، في عمر السنتين كنت ألحظ بأنه غير متفاعل كثيراً مع من حوله، ما دفعني إلى اللجوء لمؤسسة التربية الخاصة، فكنت أخشى بأن يكون مصابا بالتوحد، وبقي هناك لفترة من الزمن، وتأكدنا بأنه لا يعاني من التوحد، وإنما هو طفل بعمر عقلي أكبر من عمره، مما دائماً يدفعه إلى استغلال وقته بشكل تعليمي». وأضافت «هو الحالة الوحيدة في البحرين بحسب ما ذكرته المؤسسة، وهو الطفل الوحيد الشغوف بالحروف والأرقام، يقرأ كل ما يراه أمامه سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، وقد تعلم اللغة الإنجليزية معنا وبدون اللجوء إلى مدارس خاصة، حتى أن من يراه يستغرب من فصاحة لسانه وانطلاقته في التحدث بالإنجليزية، إضافة إلى أنه يكتب كل ما يمليه عليه أحد سواء كان باللغة العربية أو الإنجليزية». وتابعت «في وضعه فإنه يحب التعلم الذاتي، فهو يتعلم بنفسه بدون مساعدة أحد، فكل ما على المدرس أو المدرسة شرح الطريقة مرة واحدة ليواصل هو بعد ذلك». في تلك الأثناء، أمسك حسين قصة باللغة الإنجليزي وبدأ يقرأها، قد لا يكون يعي أحداث هذه القصة بالكامل، إلا إنه قادر على قراءتها بشكل كامل وبدون توقف، على الرغم من أن عمره لا يتجاوز الخمس سنوات. ومع تطور عقل حسين بدأ في تأليف القصص، وإن كانت بسطور بسيطة، وقد كان تأليفه باللغة الإنجليزية على الرغم من أنه لم يلتحق بمدرسة خاصة أبداً. حسين قادر على استخدام الكمبيوتر وبحرفية كبيرة وبدون مساعدة ما فاجأ عائلة، بأنه يجيد الاستخدام والبحث وعادة ما يحول أداة اللعب إلى أداة للتعليم. التحق حسين بإحدى الروضات حتى إن معلمة الروضة قامت بتقسيم سبورة الفصل إلى قسمين؛ تتولى هي القسم الأول وهو القسم الثاني، وأصبح يلقب بالمعلم الصغير، ولكونه في المستوى الثاني حالياً في الروضة فإن الأخيرة تقوم بين فترة وأخرى بضمه إلى حصص المستوى الثالث فقدراته عالية جداً، وأحياناً يشعر بالملل لكون أن جميع المعلومات التي يتلقاها يعرفها مسبقاً. تعاود أمه الحديث مجدداً قائلة «ألحقته بالروضة لا من اجل التعلم فقط وإنما ليكون برفقة الأطفال، فهو طفل مستواه العقلي وبحسب التشخيص أكبر من عمره الزمني، لذا قمت بتسجيله في إحدى الروضات، ليكون برفقة الأطفال، إلا إنه مع ذلك مازال شغوفاً بالحروف والأرقام، فعند الاستراحة يفكر كيف سيقضي وقته في اللعب بالحروف والأرقام، وكيف سيقوم بتركيب الكلمات، حتى وإن كانت الكلمة جديدة». وأضافت «يعشق الآلة الحاسبة، فهو يحب عمليات الجمع والطرح، كما أنه قادر على القيام بهذه العمليات عبر ذهنه بدون الحاجة إلى الآلة الحاسبة». وتابعت «أسعى جاهدة إلى تعليمه، وذلك عبر جمع القصص وتوفير كل الألعاب التعليمية له». أما والده فهو يسعى الآخر جاهداً بتوفير الأفضل له، ولعشق حسين القراءة اصطحبه إلى أحد المحلات المتخصصة بالقراءة، والتي عادة لا تستقبل من هم في عمره، ولكن لأنه قادر على القراءة تمت الموافقة عليه. حسين ينتظر أن يدخل المدرسة بعد عام تقريباً، إلا إنه بسبب موهبته وبعد مراجعة عدد من المؤسسات، تم اختيار مدرستين ليكون حسين في إحداهما، إلا إن رسوم المدرسة غير قادرة عائلته على توفيرها، إضافة إلى انه حتى المدارس التي يمكن أن تستطيع عائلته توفير مصاريفها فإنه بعد الاتصالات تبين أنه لا توجد مقاعد شاغرة. ولفتت أم حسين إلى أنها قامت بالاتصال بمركز الموهوبين على الرغم من أن هذا المركز لمن هم في الصف الرابع الابتدائي وما فوق، إلا إن رد المركز جاء بأنه في حال التحق بصف الأول فإنه ستتم إقامة برامج له. وقالت: «نتمنى أن تكون هناك مدرسة من المدارس التي رشحنا لها أن تقوم بتبني موهبته وقدراته وذلك ليلتحق بها، وذلك من اجل تطوير هذه القدرات، ومحاولة تنميتها، فهو طفل لم يتجاوز الخامسة، وقادر على قراءة كل ما هو أمامه، إضافة إلى كتابة كل ما يملى عليه، وعدم توفير بيئة مدرسية مناسبة له قد تؤثر على موهبته وقدراته، وقد لاحظت عدم اهتمام المدارس بحالته على الرغم من أنه من الحالات النادرة التي قد تستفيد المدرسة منه أيضاً». أما المحيطون بحسين فقدروا هذا التميز، فقد كتبوا رسائلهم لإعجابهم بهذه القدرات؛ القراءة والكتابة والقيام بعمليات حسابية وتأليف القصص، وما كان لوالدته إلا أن تقوم بجمع ملف عنه يضم جميع إنجازاته وجميع الرسائل الموجهة له من عائلته والمحيطين به.