تكاثر المتخلفون والمهاجرون عبر العقود الماضية بشكل مريب، وهذا التكاثر عبر وسائل عدة، منها القدوم إلى المملكة تحت ستار الحج والعمرة أو العمل، ثم البقاء والاستيطان وعدم العودة، أو الهجرة غير الشرعية، بحيث يرحلون من بلادهم متنقلين عبر البر والبحر، حتى يصلوا إلى وجهتهم المقصودة، وفي ترحالهم يجدون من يساندهم خارج حدود بلادنا، وأيضا يجدون من ينقلهم بطرق مشبوهة بين مدن ومحافظات الوطن، وزد على كل هذا تكاثرهم بالتزاوج والتناسل بشكل عشوائي، لا يحكمه مرجع ديني أو قانوني في معظم الأحوال. وهكذا استمرت الأعداد في التزايد، حتى كونت أحياء عشوائية داخل المدن، أضحت خاصة بهم ومعزولة عن محيطها بشكل أو بآخر، فانتشرت فيها المخالفات، والسرقات، والمخدرات، والتزوير، والممارسات الشاذة التي لم يكن يعرفها المجتمع السعودي المحافظ، لقد جلبوا معهم ثقافات وعادات غريبة، خاصة أن بعضهم أتى من بيئاتٍ الله وحده أعلم بحالها. ومع هذا التزايد العددي المطرد أخذ شررهم يتطاير خارج محيطهم، وصرنا بين الفينة والأخرى نسمع عن جريمة أبطالها من المهاجرين والمتخلفين، حتى وصل بهم الحال إلى الاعتداء على رجال الأمن، وهذا مؤشر خطير ومرحلة متقدمة تستوجب اتخاذ قرار حاسم يضع حدا لهؤلاء، فرجل الأمن له هيبته والتعدي عليه بأي شكل كان، قولا أو فعلا، له تبعات ودلالات لا يمكن التغاضي عنها. رجال الأمن هم حماة الوطن يسهرون لينام عامة الناس، ويضحون بأرواحهم دفاعا عن غيرهم. والحقيقة أن القبض على المجرمين ومعاقبتهم تعد بمثابة مكافحة أعراض مرض متجذر، بحاجة إلى من يصوب الدواء نحوه بشكل مباشر، وقد سمعنا عن بعض الخطط التي تستهدف هؤلاء، لكن على ما يبدو أنها في كل مرة تصطدم بمعوقات تشتت عملها. على أي حال، أن تبدأ متأخرا خير من ألا تبدأ. دعوكم من بعض الأصوات الإعلامية التي تدعو إلى تأهيل هؤلاء، وإعادة بناء أحيائهم، وترى أن مواجهة خطرهم عنصرية، وأمر غير محبب، ولا يتوافق مع حقوق الإنسان، وهذا فيه خلط للأمر وتشتيت للآراء والخطط؛ لهدف لا يخفى على ذي لب. المنطق والعقل يقولان: هؤلاء مهاجرون غير شرعيين أو متخلفون يقيمون بصيغة غير نظامية، وبكل بساطة تصحيح وضعهم يحتم عودتهم إلى ديارهم. أما أن نكافئهم على أفعالهم بأن نبني لهم الأحياء، ونوفر لهم العمل ونؤهلهم له، فهذا أمر غير مقبول، الأمر يتعلق بأمن الوطن، ويمتد ليصل إلى التركيبة الثقافية للمجتمع برمته، ما يعني أنه في غاية الخطورة. وبالمناسبة، ثمة دول منحتهم حرية التعلم والعمل، بيد أن أحياءهم ظلت أوكارا لأنواع الفساد. لنضع الأمور في نصابها الصحيح حفاظا على مستقبل هذا البلد وشعبه. في نهاية المطاف، أعلم يقينا أن هذه مشكلة معقدة ومتشابكة، وهي نتيجة تراكمات مدة زمنية طويلة، لكن في المقابل محاولة تجاهلها يزيدها تعقيدا، فمن المعلوم أن حل القضايا الصعبة عادة مكلف وله تبعات، إلا أن المواجهة أفضل من الصمت والوقوف موقف المتفرج، ونؤكد مجددا على أن الأمر لا يتعلق بعنصرية أو عرقية، فنحن يشاركنا العمل، والمأكل والمشرب، والمسكن أكثر من 10 ملايين وافد، يتمتعون بأمن ومستوى صحي ومعيشي لا يجدون له مثيلا في بلادهم، إذًا، الأمر يتعلق بسيادة دولة، وقوانين متعارف عليها، ولنختم بمثال يوضح المفهوم، ونفرض أن ألف سعودي ذهبوا إلى أي دولة، وطلبوا قطعة أرض تكون موطنا لهم، يبنون فيها منازلهم الخاصة ويمارسون حياتهم داخلها، بماذا يا ترى يقابلون؟!