×
محافظة المنطقة الشرقية

فرص وظيفية

صورة الخبر

برلين - هي متخصصة في العلوم الفيزيائية من ألمانيا الشرقية من صفاتها ضبط النفس والتحفظ لا تحب التعجل في أخذ القرارات ولم تستسغ قط الاهتمام الذي يأتي به شغل منصب أقوى زعماء أوروبا. أما هو فثري من أباطرة العقارات في نيويورك متسرع في إبداء آرائه ويستمتع بالأضواء. من الصعب تخيل اثنين أكثر اختلافا سواء من حيث الأسلوب أو من حيث الجوهر من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب. يلتقي الاثنان الثلاثاء للمرة الأولى في لقاء شديد الأهمية تتابعه الحكومات في مختلف أنحاء العالم بحثا عن خيوط تكشف مستقبل التحالف الأوروبي الأميركي الذي ساهم في تشكيل النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية ويهدد ترامب بوضع نهاية له. قال تشارلز كابتشان الذي كان مستشارا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في السياسة الأوروبية بوصفه عضوا في مجلس الأمن القومي "هل أعتقد أن الصداقة ستتوطد بينهما؟ لا على الأرجح. فهما شخصيتان في غاية الاختلاف". وأضاف "لكنني أعتقد أنهما يهتمان اهتماما قويا على المستويين السياسي والاستراتيجي باكتساب كيفية العمل معا. ربما كان هذا هو أهم اجتماع مع زعيم أجنبي في رئاسة ترامب." ويقول مسؤولون ألمان إن ميركل (62 عاما) التي تميل للتدقيق في التفاصيل ثابرت على الإعداد بكل اجتهاد لرحلتها إلى واشنطن. ويضيفون أنها شاهدت خطب ترامب ودققت في مقابلاته الإعلامية بما في ذلك حديث مطول مع مجلة بلاي بوي عام 1990 يطرح فيه الكثير من الآراء الجدلية التي يحاول الآن وهو رئيس وضعها موضع التنفيذ. وقال المسؤولون إن بعض المقربين منها عكفوا على تحليل لقاءات ترامب مع قادة آخرين بمن فيهم تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا وشينزو آبي رئيس وزراء اليابان وجاستين ترودو رئيس وزراء كندا وتبادلوا الرسائل مع بعض نظرائهم حول كيفية التعامل مع ترامب نجم تلفزيون الواقع السابق الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. وقال مسؤول ألماني كبير "علينا أن نكون مستعدين لعدم ميله للإنصات لفترة طويلة وأنه يفضل المواقف الواضحة ولا يريد الخوض في التفاصيل." خطأ كارثي الهوة بين الزعيمين شاسعة في الاقتصاد وفي السياسة الخارجية. فقد وصف ترامب (70 عاما) قرار ميركل السماح لمئات الألوف من اللاجئين بدخول ألمانيا بأنه "خطأ كارثي". كما هدد بفرض رسوم على شركات السيارات الألمانية التي تورد سياراتها إلى السوق الأميركية. وانتقد برلين لعدم زيادة إنفاقها على الدفاع مكررا شكوى أميركية قديمة وعدت ميركل بالعمل على حلها. ومن مصادر التوتر الأخرى الفائض التجاري الألماني البالغ 50 مليار يورو في التجارة مع الولايات المتحدة. وقد اتهم بيتر نافارو مستشار ترامب ألمانيا باكتساب مزايا تجارية غير عادلة من خلال ضعف اليورو. وأشارت ميركل ووزراؤها إلى أن البنك المركزي الأوروبي لا برلين هو المتحكم في مصير العملة الأوروبية الموحدة. وستكون روسيا أيضا من الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن ترامب سيسعى للاستماع إلى نصيحة ميركل فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من جانبها انتقدت ميركل حظر السفر الذي فرضه ترامب على مواطني عدة دول غالبية سكانها من المسلمين. وفي مكالمة هاتفية في يناير/كانون الثاني شرحت ميركل لترامب أن اتفاقية جنيف تلزم الموقعين عليها بمن فيهم الولايات المتحدة باستقبال اللاجئين بسبب الحروب لأسباب إنسانية. كذلك تشعر ميركل بالقلق خشية أن يواصل ترامب، الذي أشاد مرارا بقرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، العمل على إضعاف الاتحاد بهذا الخطاب في وقت يمر فيه التكتل بأزمة عميقة ناجمة عن صعود الأحزاب الشعبوية المناوئة للوحدة. وقال انتوني غاردنر الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي حتى يناير/كانون الثاني "أوروبا في حالة هشة متزعزعة وألمانيا تحاول ضمان تماسك مشروع التكامل الأوروبي. أحسب أن المستشارة ستبغي توضيح ذلك للرئيس." وأضاف "هذه فرصة لرسم إطار لمجالات الاهتمام المشترك وتحديد جدول أعمال إيجابي. لكن اجتماعا واحدا لن يغير الجو السائد وحده." احتمال ظهور مفاجآت ترامب هو ثالث رئيس أميركي تتعامل معه ميركل أقدم زعماء أوروبا. فقد أقامت علاقة طيبة مع جورج دبليو بوش الذي كان حريصا على إصلاح العلاقات مع ألمانيا بعد الصدام الذي وقع بينه وبين غيرهارد شرودر المستشار الألماني السابق بسبب حرب العراق. ورغم أن العلاقات مع أوباما بدأت بداية صعبة عندما رفضت ميركل طلبه إلقاء خطاب عند بوابة براندنبورغ خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2008 فقد توطدت الأواصر بينهما بمرور الوقت وتعاونا في فرض العقوبات على روسيا وبدء مفاوضات التجارة الحرة بين أوروبا والولايات المتحدة. وعندما زار أوباما برلين في نوفمبر بعد أسبوع من فوز ترامب في الانتخابات اعترفت ميركل بأن "الفراق صعب علي". وستحرص الزعيمة الألمانية أشد الحرص في تصرفاتها في واشنطن. ففي ضوء الانتخابات التي تترقبها ألمانيا في سبتمبر/أيلول يتعين عليها أن تتجنب تزويد خصومها السياسيين بالذخيرة من خلال التقرب من ترامب. كما أنها لا يمكنها أن تتحمل مواجهة قد تضر بالمصالح الألمانية. ومن أكبر المخاوف في معسكر المستشارة قبل الزيارة احتمال حدوث مفاجآت ليست في الحسبان. فقد كان لرئيس الوزراء الياباني مصافحة محرجة استمرت 19 ثانية مع ترامب بينما تعرضت رئيسة وزراء بريطانيا لانتقادات في بعض وسائل الإعلام البريطانية بسبب تشابك يدها مع يد ترامب خلال تجولهما معا في البيت الأبيض. وعندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بترامب الشهر الماضي أمضى هو وفريقه اليوم السابق في دراسة تصورات لا نهاية لها وبحث الأسئلة التي يمكن أن تطرح لضمان استعداد الجانب الإسرائيلي لأي احتمال. ومع ذلك فقد بوغتوا عندما تحدث ترامب على غير المتوقع في مؤتمر صحفي عن قضايا المستوطنات والدولة الفلسطينية المستقبلية. وقد اعترفت ميركل بأنها لم تكن ترتاح للمفاجآت أثناء طفولتها حتى أنها كانت تضع قائمة أمنياتها لعيد الميلاد قبله بشهور لتفادي وضع تفاجأ فيه بهدية غير متوقعة. أما في لقائها مع ترامب فربما يتعين عليها أن تتوقع أي شيء.