نخطىء كثيراً ويخطئ معنا كل من يطلق على المحرضين الذين يسيئون إلى المناشط الثقافية والاجتماعية والفنية، بتسميتهم بـ»المحتسبين»، والخطأ أيضاً يمتد إلى وسائل الاعلام المقروءة والمرئية وما ينقل في وسائط الإعلام الإلكترونية الذين دأبوا على تسمية هؤلاء المحرضين بالمحتسبين، فهؤلاء ما هم إلا محرضين على العنف والخروج على السائد والذوق والسلوك السليم، بعضهم طلاب شهرة والبعض الآخر جهلة لا يفقهون شرعاً ولا عقيدة ولا فقهاً. أردت بهذا المدخل أن أبدأ الحديث عن التصرف الأهوج والأخرق الذي يجب أن يحاسب عليه ما قام به أحد الأشخاص المخربين والمحرضين على الفوضى والدعوة للتطرف في أحد أماسي معرض الكتاب الدولي في الرياض الذي يقام حالياً في العاصمة. في البدء ما كان لمثل هؤلاء الأشخاص المتطرفين أن يتركوا بالاستمرار بمثل هذه الأعمال التي جعلت كثيراً من المجتمعات والدول تصنفنا كشعب متطرف، وكل هذا بسبب أفعال هؤلاء الذين تركوا للقيام بما يحلوا لهم دون عقاب، على رغم أنهم عنوان التطرف ودعاة التحريض، وبعد كل ما يقومون به من تجاوزات واعتداء على أفراد المجتمع وتخريب أكثر من مناسبة رسمية، ومع هذا يطلق عليهم لقب «المحتسبون»، ولا أعرف أي احتساب هذا وهم الذين يرتكبون مخالفة شرعية بينة، إذ إن تغيير المنكر -إذا كان هناك منكر- لا يمكن أن يكون باليد من قبل أشخاص غير مكلفين رسمياً بذلك وفي بلادنا والحمد لله جهات رسمية مكلفة بهذا الأمر، وهناك أنظمة وتعليمات تنظم كيفية التعامل مع مثل هذه الأشياء وإزالة المنكر وإلغائه من قبل أشخاص رسميين، أما أن يقوم كل من هب ودب بذلك فهذا مدعاة للفوضى وإثارة للشغب، بل عمل تحريضي ينشر الفتنة ويعممها بين أفراد المجتمع. أما المنكر الذي قام به وارتكبه مع سبق الإصرار والقصد من قام بالاعتداء على الفريق الموسيقي الماليزي في معرض الكتاب الدولي في الرياض فهو ذنب كبير شرعياً وسلوكياً وكسراً وتحدياً للنظام العام، فقد ارتكب عن عمد وسبق وإصرار إساءة بحق ضيوف البلد من بلد إسلامي عريق يفترض أن نحببهم بالإسلام لا أن نضرهم، ثم إن اعتراف هذا الشخص المتطرف والمحرض على الفتنة والفوضى حسم أمراً هو موضع خلاف بين علماء المسلمين، إذ إن كثيراً من العلماء لم يقطعوا بحرمة الموسيقى، وهذا الاختلاف رحمة للمسلمين، فمن يقبل الموسيقى يستمع إليها، ومن يرفضها فمن حقه أن يبتعد ولا يستمع ولا يشارك في الحفلات الموسيقية، أما أن يخرب ويعتدي على من يشارك في تلك الحفلات ويحاول أن يغير بيده ما يعتبره هو أنه منكر، فهذا نوع من الإرهاب والتحريض على الفتنة والفوضى. ولهذا يجب أن يتوقف من يقوم بمثل هذه الأعمال من «المحتسبين»، بل يجب تسميتهم التسمية التي تتطابق مع أفعالهم كإرهابيين ومحرضين على العنف والفتنة.