×
محافظة المنطقة الشرقية

طالب أردني يعيد تدوير بقايا الهواتف الذكية

صورة الخبر

عندما تتردد شعارات لا للعنف ضد المرأة، وتغزو الجرائد والمحطات الفضائية وجوه نسائية اخترنّ ارتداء عباءة المظلومية للدفاع عن المرأة بدون أن يكلفن أنفسهن عناء البحث عن مواطن الخلل، ولماذا يتزايد عدد المعنّفات سنوياً رغم تكرارهن لنفس الخطاب واللقاءات الموسمية التي أضحت تستحوذ على ميزانيات مهمة قد لا تستفيد منها بطلة الفيلم "المرأة المستضعفة". وهذا ما يجعل من قضية المرأة في جوهرها ليست قضية حرية، بل هي قضية إدراك لدور المرأة الاجتماعي ونضوجها النفسي والأخلاقي، إذا أردنا تخليصها من إحساسها بالدونية والضحية، فنحن اليوم في عصر أضحت النساء يتقلدن فيه مناصب مهمة وبلوغهن لأهدافهن جاء نتيجة لتحدٍّ وإصرار، ولم يأتِ ثمرة لخطاب مظلومية عقيم . وهنا أستحضر جيسيكا بينجامين، محللة نفسية نسوية، تناولت في كتاباتها كيف تتحمل المرأة مسؤولية الوضع الذي تعيشه، كما شددت على ضرورة أن نتحدى الفصل التقطبي بين الجنسين في حياتنا الروحية والثقافية والاجتماعية، وعلينا أن ننتقد ليس فقط تمجيد الجانب الذكوري، ولكن أيضاً الثناء المفرط للجانب النسوي. من الضروري هنا ألا نختار جانباً، ولكن الاستمرار في التركيز على النموذج الثنائي نفسه. واعتبرت أن الفكر النسوي حالياً بحاجة لمنظور حاد بشأن هذه المسألة بعد أن قام الاتجاه الرئيسي النسوي بصياغة مشكلة السيطرة على أنها ضعف نسوي، الذي هو ضحية عدوان ذكوري. وتخشى المفكرات النسويات الأكثر تطوراً أحياناً من تقديم شرح للخضوع الأنثوي، خوفاً من أن اعترافهن بمشاركة المرأة في علاقات السيطرة التي تنقل المسؤولية من الرجال إلى النساء، وتحول الانتصار الأخلاقي من حوزة النساء للرجال. وتشير بينجامين إلى أن ضعف السياسات المتطرفة يكمن في تمجيدها للمظلومين، وكأن سياستهم وثقافتهم لم تؤثر على نظام الحكم، وكأن الناس لا يتشاركون مسؤولية استعبادهم. وتعبر المحللة النفسية عن حجم خطورة الفصل التقطبي قائلة: "عندما ننظر للسيطرة على أنها علاقة بسيطة (الفاعل + مفعول به)، نحن نحول التحليل لمجرد سخط أخلاقي، بالإضافة إلى ذلك، نظرة سطحية كهذه تنتج من جديد مبنى جندرياً متقطباً على الرغم من أنها تلبس قناع محاربته". لا يمكن لأي أحد أن ينكر أن النساء تكبدن الاضطهاد الاجتماعي جراء الفروق البيولوجية والثقافية بينهن وبين الرجال، التي تفرض عليهن متطلبات تضعهن في مكان المستلبات، يمكن لنا أن نستوعب هذا الضعف في الماضي بسبب الوعي الاجتماعي السائد آنذاك، ولكن لا يمكننا التفسير لماذا بعض النساء العصريات ما زلن يعشن بأفكار بالية تجعل من الضعف والحاجة إلى المنقذ أمراً محسوماً وهدفاً أسمى في حياتهن وحقيقة تكلفهن مشقة انتظار غودو. وللقضاء على ظاهرة العنف في المجتمعات المحافظة علينا أن نحرر المرأة أولاً ونحرر بعض المناضلات من فكرة الرجل عدو النساء؛ لأن العدو ولد داخلنا نحن النساء، وتغذى من الأفكار الموروثة والثقافة السائدة. الكثير من بيننا نحن النساء لم يفرض عليهن الزواج مبكراً، ولكنهن اخترن الزواج عوضاً عن مواصلة المسار الأكاديمي، فهن يدركن أن التعليم العالي سيزيد من حظوظ تأخر سن الزواج. لم نعد نحن النساء بحاجة إلى من يمارس الرقيب علينا ويمارس العنف والقمع، فنحن من نمارس على ذواتنا الرقابة، ويسكننا هاجس رفض المجتمع لنا، وعندما نفشل في تجاربنا نلجأ إلى البكاء والتلذذ بدور الضحية. "نضوج المرأة الأخلاقي هو الشرط السابق لحريتها النفسية؛ لأنها حين تقر بأنها ليست فقط ضحية رجل أو مجتمع، بل أيضاً ضحية ذاتها، تستطيع استرجاع سيطرتها على حياتها وإحساسها بالقوة وبامتلاك نفسها". العديد من النساء ما زلن يعشن ظروف القمع والاستعباد، وهذا شأن الإنسان بصفة عامة يعيش الظلم ويحتاج إلى المساعدة ومد يد العون إليه؛ ليتجاوز ضائقته، بيد أن العديدات منا نحن النساء يعشن ظروفاً طبيعية ويتوفرن على إمكانيات تخولهن مواصلة مسارهن وتحقيق إنجازات مهمة على كافة الأصعدة، لكن الخوف والضعف يجعلهن يفضلن الخنوع وحياة الظل. نعم نحن النساء ضحايا ذواتنا، ومن يتاجرن بهموم المستضعفات، نحن ضحايا رفضن النضوج النفسي واكتفائنا بقراءة أو كتابة روايات تزيد من تكريس احتقارنا لذواتنا، نحن ضحايا وسنبقى ضحايا حتى ندرك أن العدو يسكننا، وليس الرجل الذي أضحى يتقاسم معنا نفس الهموم والتحديات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.