×
محافظة المنطقة الشرقية

محمد البدر... بطل من ذاك الزمان - مقالات

صورة الخبر

تنتشر في بلادنا – بحمد الله - آلاف الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية التي تقدم برامج متنوعة وتقوم بأنشطة كثيرة، تشمل المساعدات للمحتاجين سواء أكانت غذائية أم اجتماعية أم صحية، علاوة على تمتع المجتمع السعودي بروح العطاء وبذل المال ومساعدة المحتاجين؛ طمعا في الأجر والمثوبة، ليس فقط في داخل المملكة، بل في خارجها. لكن بعد عقود من الميل الفطري غير المحدود لدى المجتمع السعودي للعطاء والعمل الخيري، أدى الإرهاب إلى زيادة الحذر والتوجس، الأمر الذي يتطلب تحسين مستوى الشفافية، ورفع مستوى كفاءة المؤسسات الخيرية، وهو ما يتطلب زيادة الشفافية لكسب ثقة المانحين، خاصة أن كثيرا من الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية تعاني ضعف القيادات الإدارية، وقلة البرامج المقدمة، وضعف الرقابة وتقويم الأداء، وكذلك ضعف الرقابة المالية، وذلك يحد – حتما - من فاعلية العمل الخيري. فمن الملاحظ أن معظم هذه المؤسسات لا تعنى كثيرا ببناء قدرات فئات المجتمع المحتاجة والمستفيدة من الدعم، ولا تلتفت كثيرا إلى رفع كفاءة وفاعلية المنظمات الخيرية، ولا تسعى - بجدية - إلى تنويع الأنشطة، لتشمل التوعية المجتمعية المتنوعة، وبناء المدارس، والمراكز الصحية، أو دعم الدراسات والبحوث التي تسعى لتنمية المجتمع، وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه المجتمع. طبعا لا ينبغي التعميم، فهناك استثناءات لابد أن تذكر فتشكر، تأتي في مقدمتها مؤسسة الملك خالد الخيرية التي تتبنى برامج تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات غير الربحية وتعزيز قدرات قيادات العمل الخيري من خلال ورش العمل والمحاضرات المتعددة. بالتأكيد فإن رفع كفاءة وفاعلية العمل الخيري يتطلب تنمية الوعي المجتمعي بأهمية العمل الخيري، وإيجاد قيادات ذات كفاءة عالية، واستقطاب عاملين يتمتعون بميول فطرية للعطاء ومساعدة الناس، ولا يقل عن ذلك أهمية تبني مفهوم "العمل المؤسسي" الذي يستند إلى أنظمة واضحة، ويقوم على إجراءات سليمة، تتسم بالشفافية، وتخضع للحوكمة. وتبقى هناك تساؤلات مهمة تتطلب الإجابة، منها: ما مدى فاعلية الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية في المملكة؟ وكم نسبة المصروفات الإدارية management cost وكذلك جلب الدعم fund-raising؟ في الحقيقة، لا يمكن الإجابة عن هذه التساؤلات بسهولة، بسبب ندرة إحصاءات العمل الخيري وعدم دقتها، إضافة إلى ضعف الشفافية وغياب المساءلة والحوكمة! ولكن تحسن الإشارة إلى أن الإحصاءات الدولية تشير إلى أن تكاليف الإدارة وجلب الدعم يراوح ما بين 10 إلى نحو 30 في المائة، أي أن ما بين 70 و90 في المائة من الإنفاق على العمل الخيري يصل إلى المستفيدين. ولتحسين أداء هذا القطاع في المملكة العربية السعودية، يتحدث كثير من المهتمين بهذا القطاع عن إجراءات ومقترحات مهمة، منها، أولا: ضرورة تحسين الإحصاءات التي تمكن من حساب مؤشرات الأداء المهمة، مثل الميزانيات، ونسبة ما يصل للمستفيد من التبرعات والهبات المقدمة للعمل الخيري، وكذلك نسبة الإنفاق على البرامج، وأنواع هذه البرامج وأهدافها. ثانيا: تبني الشفافية والمساءلة والحوكمة. ثالثا، إصدار نظام للجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية لتعزيز ممارسة العمل المؤسسي وبناء قدرات العاملين في مجال العمل الخيري. رابعا: إعلان الميزانيات السنوية للجمعيات والمؤسسات غير الربحية لتوضيح الإيرادات والمصروفات والبرامج. خامسا، تنظيم مزيد من ورش العمل لرفع مستوى أداء العاملين في المؤسسات. سادسا، تأسيس هيئة للعمل الخيري والتطوعي تعنى بتطوير هذا القطاع والتنسيق بين منظماته من جهة، وبين القطاعين العام والخاص من جهة أخرى.author: أ. د. رشود بن محمد الخريف