تعرضت المملكة العربية السعودية لحرب إرهابية إلكترونية، تهدد أمنها القومي، وتستخدم فيها مختلف أنواع الفيروسات والبرمجيات الخبيثة، بسبب مكانتها السياسية وثقلها الاقتصادي، ودورها الإقليمي الذي يتقاطع مع أدوار دول أخرى معادية في المنطقة. ولم يكن اتهام إيران من قبل المدير العام للمركز السعودي للأمن المعلوماتي، التابع للداخلية السعودية، صالح المطيري، مفاجئاً لمتابعي فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للأمن الإلكتروني، الذي انعقد في الرياض يوم 27 فبراير الماضي، عندما قال إن قراصنة في إيران، هم الذين شنوا هجوماً إلكترونياً جديداً بفيروس «شمعون 2»، وفيروس «الفدية» في أواخر شهر يناير الماضي، استهدف نحو 22 مؤسسة حكومية وخاصة، منها وزارات العمل، الاتصالات، التنمية الاجتماعية، الصحة، الإسكان. وكشف موقع سحام نيوز الإلكتروني، المقرب من الزعيم الإصلاحي الإيراني مهدي كروبي، أن نظام طهران هو من يقف وراء الحرب الإلكترونية ضد السعودية وتركيا، خصوصاً بعد عملية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية في اليمن، والتقارب بين الرياض وأنقرة، مشيراً إلى أن إيران أنشأت مركزاً سرياً أسمته «المركز الوطني للفضاء الإلكتروني»، يعمل تحت إشراف المرشد الأعلى علي خامنئي، ويهدف إلى شن هجمات إلكترونية على كل من السعودية وتركيا. هجمات ولم تكن الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها مؤسسات حكومية وخاصة سعودية في يناير الماضي، هي الأولى من نوعها، رغم قوتها وشراستها، فقد سبقتها هجمات مماثلة، منها ما تعرضت لها شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو» ومؤسسات أخرى قبل أربع سنوات. وعلى خلفية تنامي المخاطر الإلكترونية، ومع الحاجة إلى التوفيق بين الأمن الإلكتروني وضرورات العمل، تعمل السعودية على دعم الجهود الرامية لبناء استراتيجية أمنية إلكترونية قوية ومرنة للمنطقة، تمتد إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي، على اعتبار أنها تمس الأمن القومي للدول الست بالمجلس. وكان صالح المطيري، المدير العام للمركز السعودي للأمن المعلوماتي، قد حذر في وقت سابق، من أن دول الخليج الست مهددة، ولكنه قال «إذا تعاونّا سنكون قادرين على حماية القطاعات كلها»، موضحاً أن مركزه أحبط 124 «اختراقاً» عام 2016. ويؤكد خبراء الأمن الإلكتروني، أن معركة حماية المعلومات ستتواصل مع القراصنة، وستزداد ضراوة، كما تطورت أنظمة وطرق حماية المعلومات، مشيرين في الوقت نفسه، إلى أن زيادة الإنفاق المالي على أنظمة الحماية، ليست الحل الأخير، لكن يجب أن يواكبها رفع قدرات العاملين، وبصورة مستمرة، على هذه الأنظمة، وصولاً إلى التعامل باستباقية لصد أي هجمات على المؤسسات والشركات. هدف من جهته، اعتبر خبير أمن المعلومات، أيمن الحازمي، أن الإمكانات الرقمية والإلكترونية الكبيرة للسعودية، تجعلها هدفاً مميزاً للهجمات الإلكترونية، حيث تمتلك المملكة أكبر عدد من المشتركين في خدمة الإنترنت في العالم العربي وخدمة الإنترنت، فقد زاد عدد المشتركين بما يقرب من 30 في المئة منذ عام 2010. كما يمثل السعوديون 40 في المئة من مستخدمي موقع «تويتر»، كما يمثلون 10 من مستخدمي موقع «فيسبوك» في العالم العربي، وهي الأرقام المرجحة للارتفاع في السنوات المقبلة.