مازلت أذكر ما قرأته من نتائج أحد الأبحاث العلمية لمعهد الطفولة الأمريكي الذي قام به مختصون في علم النفس والتربية، أن جلوس الجدة مع أحفادها ابتداء من عمر السنتين، يقوي وينمي قدرات الطفل ومهاراته ويصقل حدة الذكاء وسرعة البديهة ويحقق ملكات الإنصات والاستماع والجرأة في التحدث، كما أكدت الدراسة أن الأطفال الذين تمتعوا بحكايات سردت عليهم بشكل دوري، كانوا أسرع في إجابة الأسئلة التي تختبر المهارات الذهنية وكانوا أسرع في تعلم القراءة، وأكثر قدرة في التعبير عن أنفسهم من الأطفال الذين لم يتمتعوا بهذه الميزة. كما أن طريقة الحوار التي تتبعها أغلب الجدات وكذلك طريقة المناقشة الودية التي تتم بين الجدة والطفل أثناء روايتها للقصة، أو بطرح أسئلة خاصة بها، وجد أنها تساعد على تطوير مهارات الطفل في الاستماع والكلام، وكذلك تنمية قدراته على الاستنتاج وربط الأحداث، وهذا يعطي الطفل القدرة على التفكير العقلاني والمنطقي، ويساعده على حل المشاكل التي تواجهه في كبره من خلال قدرته الاستنتاجية. كما «حكايات الجدة » لها قيمتها الخاصة ولها مذاقها في طريقة سردها المميز، ولها قيمتها المعنوية ومضمونها الفعلي الحكيم، الذي لا نجده هذا الزمن في قصص الكتاب ولا روايات الأدباء ولا في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، فحكايات الجدات في ليالي الصيف وما تشمله من اتصال نفسي ومفاهيم رمزية واستشارات إيجابية ورائحة جميلة، ناهيك عن ذلك الانسجام الروحي العجيب بين الجدة وبين حفيدها الذي هو أثمن من الكنز النفيس وأعمق من عمق البحر. والعطلة الصيفية القادمة تعتبر من أهم الأوقات التي يمكن للأهل قضاؤها مع أطفالهم وتعليمهم الكثير من المهارات واكتشاف قدراتهم ومواهبهم أو حتى ابتكاراتهم، فهي أيضاً فترة يمكن من خلالها أن نزيد فيها قوة العلاقات الأسرية بين الطفل ووالديه أو حتى أقاربه، خصوصا علاقته مع «الجد أو الجدة » اللذين لديهما الكثير من الحكمة والعطاء وحسن الرؤية وسعة الافق والقدرة على تحمل الهفوات والتوجيه بالحكمة والهدوء دون كلل او ملل فما اغلى من الولد إلا ولد الولد، ولذلك من المهم ان يحاول الوالدان بكل جهد ان يستغلا هذه الاجازة بتكثيف الزيارات لتقوية علاقة الطفل بجدية ليستعيد الجدان دورهما وقيمتهما الحقيقية وليستفيد الأطفال منهما ما ينير لهم مستقبلهم، وعلى دروب الخير نلتقي..