من الجميل بروز بعض مراكز الدراسات الخليجية الجديدة والناشطة في إصدار البحوث والدراسات الجادة، والتي تكون مرشدا للسياسيين في استشراف مستقبل المنطقة واتجاهات السياسات الإقليمية وتأثير المشاريع الجيوسياسية المختلفة فيها. وهذا هو الدور الذي التزم به مركز الإمارات للسياسات ومقره مدينة أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة الذي أُسس عام ٢٠١٣ م. وفي أحد إصداراته في العام الماضي والموسوم بـ «تحول التقدير الاستراتيجي الأميركي للشرق الأوسط وانعكاساته على أمن الخليج» والذي يقوم بدراسة القرار الأميركي في التوجه نحو آسيا، وتقليل الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج. والتركيز على ما يسمى بـ «عقيدة أوباما»، والتي تعتمد على تقليص التدخل الأميركي في صراعات المنطقة من خلال التدخل العسكري المباشر، والاكتفاء بمساعدة الحلفاء بالمعلومات الاستخباراتية وبيع السلاح! وتقول الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة المركز «إن الجدال، وحتى الخلاف الذي أثارته آراء الرئيس أوباما وقبلها السياسة الأميركية الراهنة تجاه المنطقة، يؤكد أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ودول المنطقة دخلت مرحلة جديدة، لذا أصبح من المهم مقاربة التغيرات في تلك العلاقات واستكشاف مساراتها المستقبلية». وترى الدراسة أن من المهم على دول المنطقة أن تركز على القدرات الذاتية والاعتماد على سياسات مستقلة بقدر الإمكان، من دون التقليل من التعاون المشترك مع الدول الحليفة. ومع أهمية هذه الدراسة والآراء المطروحة فيها، إلا أن غالبية المشتركين يتبنون توجها واحدا، لذا تفتقر الدراسة إلى الاستماع لتوجهات أخرى متنوعة يكون لوجودها في جلسات الحوار تنويع للآراء والأفكار المطروحة، وتعطي للدراسة قيمة علمية أكبر، خاصة أن صانع القرار يريد دائما الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر، ومعرفة كل الاتجاهات قبل تبني رأي مستقبلي في مواجهة المتغيرات السياسية المقبلة. وهذا الأسلوب هو الذي تعتمد عليه مؤسسات البحث العلمي العالمية ذات المصداقية العالية في طرح تصوراتها للمستقبل ورصد تحركات الدول الكبرى وسياساتها المتغيرة.عبدالمحسن يوسف جمالajamal2@hotmail.com