أفلاطون قال"لا تخافوا من الموت فالخوف هو سلاحه المؤثر"،في روسيا يجري بشكل عملي تطبيق هذه المقولة الأفلاطونية حيث يقوم رجلان بزرع رصاصة واحدة في مسدس من نوع smith and Wesson الذي يحمل ست خانات ليقفا أمام بعضهم البعض ويقومانِ بتدوير خزان الرصاص ويبدأ كل منهما سحب الزناد مقامرين على الموت وقد تكون الرصاصة في رأس الرجل المقابل باحتمال 1 من 6 وهو احتمال يكفي للخوف على ما أظن! هذا اللعبة من الأكثر الألعاب انتشاراً في روسيا منذ بداية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم وتحديداً أكثر بين الجنود الروس بمختلف أعمارهم ،تحمل هذه اللعبة معنىً مبطناً وعميقاً يهدف هذا المعنى في المقدمة إلى الإثارة حتى وإن كان الطريق الموصل إليها طريقاً يتسم بالعنف والعواقب المجنونة،كذلك تقدم هذه اللعبة رسالة تعبر عن القيام بفعل الموت بشكلٍ اختياري؛فالموت هو شرط أساسي للوجود لكن هذا الشرط دائماً ما يأتي لنا دون أن يحظى بقبول أو بإقدام من الطرف الآخر وتحديداً أكثر مركز هذا الوجود-الإنسان- أي كما تشير الحكمة الأمريكية الشهيرة"كل شيء يقبل التفاوض إلا الموت" لكن لعبة الروليت خرقت الحكمة الأمريكية الشهيرة ووجدت في أساسها وفي بنيتها العميقة للتفاوض مع الموت وإن كان تفاوضاً يحمل الكثير من المخاطرة! لقد حاول الكثير من المفكرين قراءة دلالة هذه اللعبة خصوصاً وأنها بدأت في الانتشار في بعض المجتمعات العربية وإن كان بشكلٍ محدود حيث يرى الأستاذ ناظم الزيرجاوي أن هذا الصنف من الألعاب إنما يأتي من فكرة إنسانية غارقة في القدم حتى وإن ظهرت على شكل لعبة بهدف المتعة،فالإنسان منذ القدم وهو يسأل عن مدى غايته من وجوده إن كان في نهاية المطاف سيأخذه الموت إجباراً ودونما اختيار تماماً كما قال الشاعر عمر الخيام:"لو كان مجيئي باختياري ما جئت ...ولو كانت صيرورتي بأمري ما صرت" فهذه اللعبة تبين مدى حيرة الإنسان حول فكرة قدومه إلى هذه الحياة تماماً كما يقول إيليا أبو ماضي في قصيدته الطلاسم: جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري! كما أنها-أي اللعبة- تبين اضطراب فكرة الخلود واحتلال فكرة العدم مكانها خصوصاً مع كثرة الحروب البشرية والتي أصبحت في كثير من الأحيان تنشأ بدون سببٍ مقنع، تنشأ تلك الحروب فقط ليقتل الإنسان الإنسان الآخر حيث أصبح الإنسان بدلاً من الكائنات الأخرى هو المصدر الحقيقي للخوف! لقد مارس هذه اللعبة شخصيات مشهورة في الثقافات العالمية ففي مذكرات مالكوم إكس يذكر أنه استخدم هذه اللعبة ليبين لأصدقائه فقط أنه لا يخاف إطلاقاً من الموت،كذلك ويليام شولكي الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل حينما حاول الانتحار عن طريق ممارسها إلا أنه ووللأسف لم يحالفه الحظ ليموت!