إذا كانت عجائب الدنيا سبعة فترشحي كمواطن مصري للانتخابات الرئاسية هو الأعجوبة الثامنة، وإن كانت المستحيلات ثلاثة ففوزي كمدني بهذا المنصب هو عين المستحيل الرابع، ولكن لا بأس إذا تمسكت بحقوقي الدستورية فربما صنفتني اليونسكو لذلك ضمن تُراث الشعوب المستحق للحماية. بالتأكيد لن أتمكن من استكمال مستندات الترشح من الأساس، ولكن ما العيب في أن أحلم قبل أن تصدر التعليمات بتجريم الأحلام؟ المهم ألا يحول أحد هذا الحلم البريء إلى كابوس. وطالما قررت خوض التجربة في منامي، فمن واجبي أن أقدم لشعبي الذي يشاركني النوم برنامجي الانتخابي، الذي أنتوي تحقيق كل حرف فيه على طريقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي طبق ما أشتهر به العرب من المأثور الشعبي الذي إندثر ولكنني أتعهد بإعادته إلى التعامل وهو: أن الرجل يُربط من لسانه. فالرجل الذي ينطق حرفاً لأطفاله وزوجته في المنزل أو لجيرانه في السكن أو للمتعاملين معه في العمل، أو لشعبه في الوطن، عليه الوفاء بما نطق، وبذلك فإن أول بند في برنامجي الانتخابي هو إعادة الشرف والصدق للسان الرجال، بدءاً باستهداف شريحة كبيرة من الصفوة الذين يمثلون المثل الأعلى لغيرهم من العامة، لإقناعهم بأن الكذب والخداع ليسا فضيلة كما يؤمنون، وعليهم أن يعلموا أن التهرب من المسؤولية ليس من الرجولة، فمن يخطئ عليه أن يتحمل النتيجة وحده، فالوطن ليس مجالاً للتجارب الفوقية الفاشلة، ولا أحد معصوما من الخطأ، وأنا أولهم كرئيس محتمل. البند الثاني إعلاء شأن المواطن، اعتماداً على عنصر وحيد هو القانون، فهو قاعدة عامة مُجردة تنطبق على الكافة، فلا حصانة لأحد أمامه، ولا يحتفظ أي مسؤول بصفته الوظيفية خارج مكان عمله مطلقاً، والمواطنة هي الصفة الوحيدة التي يُعامل على أساسها الجميع، فحصانة بعض الوظائف تُمنح لمن يؤدي عملاً لصالح الوطن وليست ميزة تستأهل معاملة مختلفة للمسؤولين الذين عليهم وأقربائهم وأتباعهم التواضع أمام القانون، والتوقف عن ترديد الجملة الممقوتة: عارف إنت بتكلم مين؟ وذلك يستدعي تطوير وسائل الإدارة وحفظ الأمن وأساليب التعامل داخل جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها أقسام الشرطة، وإعتماد التسجيل الإلكتروني لجميع المعاملات ومنع إعطاء أو تلقي الأوامر الهاتفية مطلقاً وحظر استعمال الهواتف الشخصية أثناء وقت العمل. البند الثالث، تجريد جميع الوظائف القيادية من أي مزايا مادية أو أدبية تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية وقواعدها الواردة في البند السادس من البرنامج الانتخابي، فالمناصب ليست مطلباً للطامعين، أو مغنماً للمنتفعين، مع تغيير وسيلة إختيار الوزراء وكبار المسؤولين، بإحلال أسلوب جديد مبني على المنافسة العلمية والخبرة العملية من بين المواطنين الذين لا يتجاوزون خمسون عاماً والأفضلية لمن هم أقل من خمسون، وتكون الكفاءة هي المعيار الوحيد للاختيار، والنجاح الذي حققه المُرشح في سابقة أعماله مقياساً مرجحا لاختياره، وتقتصر وجهة النظر الأمنية على نواحي متخصصة في أضيق الحدود، ليست الآراء الشخصية أو التوجهات الفكرية جزءاً منها، فلا يجوز حرمان الوطن من الكفاءات بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو التوجه السياسي. البند الرابع، اعتبار عمليات الإقتراض الخارجي والداخلي، وقبول المساعدات المالية الخارجية، والتبذير وإهدار المال العام، وقبول الرشوة واستغلال النفوذ، والتدخل في سير تحقيقات الجهات الأمنية والعدلية أو التلاعب فيها، جرائم تطبق على مرتكبها العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإذا كان القتل يزهق روح إنسان، فإن تلك الجرائم تزهق روح الوطن بإفقاره وإشاعة التسول والتواكل على الغير وعدم الاعتماد على الذات، وإهانة الكرامة الوطنية، ونشر الفساد بين المواطنين الأمر الذي يحط من قيمة العمل ويضرب الأخلاق والاستقامة في مقتل. البند الخامس، إن السياحة هي الصناعة الوطنية الأولى التي تستوعب أعداداً كبيرة ومتنوعة من العاملين، وهي المصدر الأهم للدخل القومي، فتكرس الدولة جميع إمكانياتها المادية والبشرية والمعنوية للرفع من شأنها وتطويرها وكل ما يرتبط بها من عناصر (المطارات، الفنادق، المواصلات، الاتصالات، الأسواق، الخدمات المساعدة والمرافق) خلال ستة أشهر لتكون على المستوى المناسب، وتوعية الرأي العام بأهمية جذب السائحين من جميع أنحاء العالم، وتدريب كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهم على أساليب التعامل الراقية وفقاً للمعايير العالمية، واستمرار التحديث المستمر والتطوير لجميع المعالم السياحية. البند السادس، تحقيقاً للعدالة الاجتماعية تطبق الدولة مبدأ وظيفة واحدة فقط مدفوعة الراتب لكل مسؤول، وما عداها من التكليفات يكون بلا مقابل مادي بأي شكل من الأشكال، ويُعاد توزيع الدخل القومي على جميع المواطنين بقصر المرتبات على رقم واحد فقط وفقاً لجداول موحدة لدرجات جميع العاملين في الدولة بغض النظر عن المهام المسندة لكل جهة، بحيث تتلاشى الفوارق المادية بينها، وإلغاء وظائف المستشارين، وظيفة العضو المنتدب، الانتدابات لجميع الوظائف داخل وخارج الجهات، بدل التمثيل، بدل حضور الجلسات واللجان، مكافآت العمل الإضافي، جميع أنواع المكافآت، ويُمنع منعاً باتاً توظيف أي مسؤول مهما بلغت درجته الوظيفية، بعد بلوغه سن التقاعد. البند السابع، حظر تصدير جميع المواد الخام، والاقتصار على تصديرها في صورتها الجديدة بعد تصنيعها بذاتها أو إضافة نسبة منها لأنواع متعددة من الصناعات، بحيث يكون بناء صناعة وطنية ذات قدرة تنافسية عالمية هو النتيجة النهائية لجميع عمليات استخراج المواد الخام الطبيعية ويسري ذلك على إنتاج الأراضي الزراعية مع اعتبار القطن المحصول الزراعي الأول في مصر والعمل على إعادته إلى سابق عهده كأفضل الأقطان على مستوى العالم. البند الثامن، تحديث التعليم من خلال خطوتين متلازمتين، الأولى إلغاء جميع المناهج والمقررات الدراسية المعمول بها حالياً في مراحل التعليم الأساسي بدءاً من رياض الأطفال وحتى الصف السادس الابتدائي بالتدريج المتوالي، وتُستبدل بمناهج حديثة كلياً تختار من بين مناهج مجموعة من الدول المتقدمة (الدول الإسكندنافية، الدول الأوربية، الولايات المتحدة، اليابان)، ويبدأ التطبيق فوراً على رياض الأطفال والصفين الأول والثاني الابتدائي) بحيث يتدرج التطبيق تصاعدياً عاماً تلو الآخر وصولاً لنهاية مرحلة التعليم الأساسي، وبالتوازي مع ذلك تقوم الجامعات بتطوير برامجها الأكاديمية بالتركيز على الاحتياجات الفعلية لسوق العمل. والخطوة الثانية إخضاع جميع المعلمين العاملين في مراحل التعليم المختلفة لدورات تربوية تدريبية مكثقة انطلاقاً من المناهج الحديثة، ويتم بصورة عاجلة تدريب خريجي كليات التربية وكليات الآداب من حديثي التخرج الذين سيُسند لهم تدريس مرحلتي رياض الأطفال والصفين الأول والثاني الابتدائي. البند التاسع، جميع أعمال السلطة التنفيذية تخضع لرقابة السلطتين التشريعية والقضائية، ولا يُمكن تحصين أي عمل ضد رقابة القضاء، ولا يُحتج بنظرية أعمال السيادة في مواجهة الأطراف الوطنية، فالسيادة للشعب وحده، ويقتصر الدفع بهذه النظرية في مواجهة الأطراف غير الوطنية الخارجية فقط وبما لا يخل بالحق الأصيل للشعب. خوفاً من الاسترسال في مساوئ تلك النظرية رأيت أن أوقظ نفسي بنفسي بدلاً من أن أتعرض للإيقاظ القسري، على أمل أن أستطيع استكمال هذا الحلم الخطير في وقت لاحق، لعلي أتمكن من كتابة بقية برنامجي الانتخابي، فإلى ذلك الحين أستودعكم الله. عادل الجوهري Adel.elgohary@gmail.com