×
محافظة المنطقة الشرقية

عصام الجودر ينتهي من تسجيل ألبومه في جمهورية التشيك

صورة الخبر

نشأت «شربات» وسط أسرة كثيرة العدد والدها مزارع بسيط يحصل على قوته وقوت أسرته يوماً بيوم من خلال العمل في حقول أثرياء القرية، لذلك كانت الأسرة فقيرة تعاني شظف العيش، وكانت «شربات» مثل كل فتاة تنتظر ابن الحلال وتتمنى أن تتزوج وتنجب أولادًا وتكون لها أسرة تغمرها بحنانها وعطفها، وكانت منذ طفولتها تسبق عمرها الحقيقي بكثير في كل أمور حياتها، كما كانت تتمتع بقدر وافر من الجمال، ما جعل الشباب يلاحقونها وهي في سن مبكرة، وكانت الروايات التي تسمعها من صديقاتها عن علاقاتهن الغرامية جعلتها متلهفة لانتظار الفارس الذي تحلم به، وبالفعل دق قلبها لأول مرة عندما كان عمرها لا يتعدى الرابعة عشرة، فقد خطف جارها «فتحي» قلبها وامتلك وجدانها وهامت به نظرًا لحلاوة حديثه والمشاعر الفياضة التي غمرها بها، وتركزت كل أمانيهما في تتويج قصة حبهما بالزواج، واعتبرت نفسها فتاة محظوظة بحبه لدرجة كانت هي نفسها لا تصدقها، فكثيرًا ما كانت تلمح إعجاب فتيات القرية به، وكل واحدة منهن تتمنى لو تحظى باهتمام ولو بسيط منه. وعدها «فتحي» بصدق بأن يبذل كل جهده حتى يتزوجها، ورسم معها حياتهما المستقبلية وكيف سيعيشان وينعمان في سعادة دائمة، فتركت العنان لقلبها ومشاعرها، ومع الوقت أصبحت الكلمات غير كافية للتعبير عما يجيش في قلبيهما، وتدريجيًا تحولت العلاقة إلى علاقة مريبة وأعطته مقدماً ما كان يجب أن يكون آخر ما يحصل عليه.تعددت اللقاءات المحرمة بينهما على مدى عدة أشهر.تهافت الخطاب للزواج ب«شربات» ومن بينهم «فتحي»، وبالطبع لم يكن اختيار العريس يتعلق بها فقد كان لوالدها الرأي الأول والأخير وكانت له حسابات مختلفة، فالعريس لا بد أن يكون لديه المال الكافي للزواج والجهاز، والمهم ألا يكلفه شيئًا من تكاليف الزواج، وعلى الرغم من أن «فتحي» التحق بأعمال عدة حتى يوفر نفقات زواجه، رفضه والدها عندما تقدم إلى أسرتها يطلبها للزواج، وذلك لأسباب عدة أهمها سوء الأحوال المادية لأسرته بما لا يمكنها من مساعدته ولو بالقليل لإتمام زواجه، بل على العكس كانت أسرته في حاجة لمساعدته لمواصلة الحياة علاوة على أنه توجد خلافات بين الأسرتين بسبب الجيرة، والأهم من كل ذلك أن العلاقة بين الحبيبين تناثرت بعض الشائعات عنها بين أهالي القرية، والموافقة على زواجهما تعني تأكيد هذه الأقاويل.ورغم أن «شربات» أبدت لأبيها موافقتها على «فتحي» ليكون شريك حياتها وأنها لن تتزوج غيره، لم يهتم والدها برأيها أوبتهديدها بالانتحار، وكرر «فتحي» محاولاته التي باءت بالفشل، وفي المرة الأخيرة كاد الأمر يصل إلى تشابك بالأيدي مع شقيقها الذي طرده من المنزل وتوعده بالإيذاء إذا لم يبتعد عن أخته، وضرب شقيقته علقة ساخنة، فقد شعر بأنه أصبح مفضوحًا بين كل من يعيشون حوله ويرونه ولم يجد الأب حلًا للموقف سوى إصدار أوامره بمنع «شربات» من الخروج من المنزل لأي سبب ووضعها تحت رقابة صارمة لمنعها من اللقاء مع «فتحي».وعندما تقدم إلى «شربات» ابن خالتها «رمضان» كانت فرحة أسرتها لا توصف ووافق والدها على الفور، فعلى الرغم من أنه لم يكن من ذوي الأملاك بحث عن فرصة للسفر إلى إحدى الدول العربية ونجح في مسعاه وحصل على عقد عمل بمرتب كبير وعاد إلى القرية بعد خمس سنوات في الغربة وكله شوق ورغبة في أن يرتبط بابنة الحلال، لذلك كان «رمضان» يعتبر من الأثرياء بالنسبة لأسرة «شربات» التي لا تملك من حطام الدنيا شيئًا، وأعلن الأب موافقته وترحيبه خاصة وأنه شاب طيب والجميع يشهد بحسن أخلاقه، ويكبرها بخمس سنوات‏ فقط، كما وعد بتأثيث عش الزوجية وإعفائه من جميع النفقات، إلا أن «شربات» أعلنت رفضها بصراحة لكن والدها أجبرها على الموافقة من دون اهتمام بمشاعرها، فلم يكن أمامها سوى الاستسلام لقرار والدها الذي حدد موعد الخطوبة على ابن خالتها وسيقت كما تساق الشاة وتزينت ليلة خطوبتها من دون أن تنظر في المرآة لتطمئن على هيئتها وتظاهرت بالابتسام وهي لا تعرف معنى الابتسامة الحقيقي.قدم لها العريس شبكة غالية الثمن لكنه فشل في الحصول على حبها وظلت علاقتهما فاترة خالية من الإحساس، خاصة وأنه لم يكن يجيد الحديث أو التعبير عن مشاعره، كما كان قلب «شربات» مشغولًا بحبيبها «فتحي»، وظلت مشاعرها تجاهه بلا تغيير خاصة وأنهما ظلا يلتقيان سواء مصادفة أم بترتيب مسبق، وكلما التقيا تجدد الحب والأحلام في إقناع أبيها بتغيير موقفه، لكن «شربات» بالطبع لم تستطع أن تفصح عن رغبتها مرة أخرى، وأصبح أفراد أسرتها لا يرون سوى الدموع في عينيها، وعندما يزورها خطيبها كانت دائمًا متجهمة الوجه وكأنها تتعمد أن تجعله يشعر بما يعتمل في قلبها من عدم الرضا عنه وتحاول استثارة غضبه بشتى الطرق، وافتعلت معه عددًا من المشاجرات حتى تجعله يشعر باليأس منها لعله يفسخ الخطوبة بنفسه، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل وتحمل كل مضايقاتها وكان يتحاشى إثارة غضبها، فقد كان يحسد نفسه عليها ويتمنى رضاها ويطلبه بقدر استطاعته وأرجع جمودها وفتورها معه إلى عدم معرفتها به جيدًا وأن العشرة بعد الزواج والحياة المشتركة كفيلتان بحصوله على حبها، وبعد أن تعتاد عليه سوف تتغير الأحوال.سارت الأمور في مجراها الطبيعي وتم عقد القران وتحديد موعد الزفاف وكلما اقترب الموعد كان شعور «شربات» بالخطر الذي يتهددها يزداد، فعندما تتزوج سيعرف زوجها أنها فقدت عذريتها وربما يتم قتلها.قبل إتمام الزفاف بأسبوع واحد التقت مع «فتحي» واتفقا على ضرورة التخلص من العريس وقتله حتى لا يفتضح أمرها، كما أنها وقتها ستصبح أرملة وعندما يتقدم فتحي سيلاقي الموافقة.تلقت الشرطة بلاغاً بالعثور على جثة طافية في النهر لشاب في العقد الثالث من العمر بملابسه مكبل اليدين والقدمين والرقبة ومربوط بحجر، وتبين أن الجثة في حالة تعفن ولم يتعرف إليها أحد.تم تشكيل فريق بحث لكشف غموض الجريمة، وعن طريق بلاغ بغياب «رمضان» تم تحديد شخصيته، وكشفت التحريات أنه حسن السير والسلوك وليست له خلافات مع أحد وأن عروسه «شربات» تربطها قصة حب وعلاقة آثمة بأحد شباب القرية.تم إلقاء القبض على «شربات» وبتضييق الخناق عليها ومحاصرتها بالمعلومات التي تؤكد علاقتها مع «فتحي» انهارت واعترفت بجريمتها بالاشتراك مع «فتحي» وأنهما اتفقا على أن تستدرج عريسها إلى مكان هادئ بالقرب من شاطئ النهر بحجة النزهة، وبمجرد وصولهما إلى المكان المتفق عليه انقض عليه «فتحي» الذي كان في الانتظار ووضع حبلًا حول رقبته بينما قامت هي بشل حركته حتى فارق الحياة وبعدها أوثقاه بالحبال وألقيا الجثة في النهر بعد أن تم ربطها بحجر كبير لضمان عدم ظهورها على السطح مرة أخرى، ووجهت «شربات» الاتهام لأسرتها بدفعها لارتكاب الجريمة لرفضها زواجها من «فتحي» وإجبارها على الزواج بالقتيل.ألقي القبض على «فتحي» الذي اعترف أيضًا وأمرت النيابة بجبسهما على ذمة التحقيق بتهمة قتل «رمضان» عمدًا مع سبق الإصرار وإحالتهما إلى محكمة الجنايات.