×
محافظة المنطقة الشرقية

هيئة الاستثمار للعنصر البشري

صورة الخبر

تتعرض الصحف السعودية لصعوبات مادية تهدد وجودها لدرجة دفعت وبشكل غير مسبوق عدداً من مسؤولي تلك الصحف للتصريح بذلك الخطر والمطالبة بخطوات جادة لمواجهته، كما أن هذا الموضوع تم اشباعه نقاشاً من قبل الكثير من الكتاب والإعلاميين. الملفت بالنسبة لي أن معظم تلك النقاشات والتصريحات حول مستقبل الصحافة المطبوعة بالسعودية كانت تدور في مسارات غير سليمة وذلك بشكل متعمد أحياناً مدفوعا بالعواطف والرغبات والمصالح، أو غير متعمد أحياناً أخرى مدفوعاً بعدم فهم حقيقة ما يجري في صناعة النشر الورقي والرقمي. التالي 10 جوانب ضرورية لإعادة النقاش في هذا الموضوع الهام للمسار السليم بشكل يكفل الوصول لأفضل النتائج للإعلام السعودي: ١ -ضرورة إدراك المعنى الحقيقي لمفهوم “الاعلام الجديد”: في كثير من النقاشات التي كنت طرفا فيها كان هناك كثير من الخلط بين مفهوم إعلام جديد ومفاهيم أخرى مثل شبكات التواصل الاجتماعي والصحافة الالكترونية والشبكة العنكبوتية العالمية. إدراك وفهم ماهية الإعلام الجديد وخصائصه ووسائلة هو متطلب أساسي وأولي لفهم صناعة الإعلام والنشر الرقمي ونقاش تأثيراته. ٢- كائن مختلف: الاعلام الجديد –ومنه الصحافة الإلكترونية- هو كائن مختلف تماماً ونقاش قضاياه لا يمكن أن يتم بفكر قديم قائم على ما تعلمناه من مفاهيم ونظريات وأسس خاصة بالإعلام التقليدي. هذه المفاهيم والنظريات والأسس تظل هامة وضرورية في جميع الأحوال، لكن استخدامها لتحليل ونقاش قضايا الاعلام الجديد يقودنا دوماً إلى طريق مسدود. 3- تجنب الشخصنة: الحديث عن اندثار الصحافة المطبوعة لا يعني مناصبتها العداء، بل هو تحليل قائم على حقائق واحصاءات لأرقام التوزيع والاعلانات والمقرؤية وسلوك المستهلكين، وبالتالي يجب إخراج أي دراسة ونقاش لمستقبل الصحافة السعودية من منطق الشخصنة والميول والمصالح إلى منطق حقائق وواقع السوق والصناعة. 4- فرض التغيير: مقاومة التطوير والتغيير يحدث بشكل قوي وملحوظ داخل المؤسسات الصحفية، وبدون وجود قيادات تؤمن بالتغيير وتفرضه فإنه ستتم إعاقته أو ابطاءه تحت كافة الحجج والذرائع. 5- الصحافة الالكترونية هي الصحافة الالكترونية: عند الحديث عن الصحافة الالكترونية السعودية فنحن لا نتحدث فقط عن تلك الصحافة الناشئة المملوكة للأفراد، بل يشمل ذلك أيضاً جميع مواقع الصحف الورقية والقنوات التلفزيونية وغيرها. وبالتالي فإن مقولة أن الصحافة الإلكترونية السعودية تفتقد للمهنية والمصداقية هو تعميم غير دقيق. 6 -تخفيف اللوم على الصحف الالكترونية الفردية: فهذه الصحف قامت على استثمارات فردية بسيطة وجهود كبيرة تستحق الشكر والتوجيه. مع التأكيد على عدم قبول وعدم التسامح مع أي تجاوزات تقوم بها بعض تلك الصحف لحقوق النشر والملكية الفكرية. 7- اللوم للمؤسسات الصحفية ذات الموارد المادية الضخمة: هذه المؤسسات أهملت التطوير لسنوات طويلة ووجهت استثماراتها الكبيرة لمشاريع لا علاقة لها بالإعلام واكتفت بصرف “الفتات” على تدريب وتطوير صحفييها ومحرريها وعلى الاعلام الرقمي رغم كونه طريق نجاتها الوحيد. مثال بارز ومتقدم هو صحيفة نيويورك تايمز الرقمية التي بلغ عدد مشتركيها 1.6 مليون مشترك، وصرح مؤخرا رئيسها التنفيذي مارك ثمبسون بأن هدفهم هو الوصول الى 10 ملايين مشترك معتبرا إياه هدفا قابلا للتحقيق. 8 -العربية.نت كنموذج نجاح: لماذا نجحت العربية في انشاء موقع الكتروني متطور وإبداعي في حين عجزت بعض المؤسسات الصحفية المقتدرة عن ذلك رغم امتلاكها للمال الوفير والخبرات والأفراد المؤهلين؟ سؤال يستحق التمعن، قد يحمل مقالي هذا في بعض ثناياه الإجابة عليه. 9- المؤسسات الصحفية الأقل قدرة مالياً: هذه المؤسسات لا بديل أمامها سوى رمي كل ثقلها في اتجاه الاعلام الرقمي والتحرر تدريجياً من الحبر والورق اذا ارادت الاستمرار والنجاة. ١٠ -الصحف الالكترونية الفردية: عليهم مواصلة التطوير وتجنب الاعتماد على الإثارة والتهويل، والتركيز على بناء المهنية والمصداقية والابداع، فالطريق أمامهم مفتوح رغم كل ما يوجه لهم من انتقادات. د د.سعود كاتب الرياض بوست