برأيي أن برنامج الابتعاث هو أحد أهم القرارات الإيجابية التي ميزت عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإذا كان هناك من أخطأ استغلاله بسوء سلوك أو تقصير أداء، فإن خطأه لا يتعداه إلى غيره، فالغالبية من المبتعثين كانوا خير سفراء لأنفسهم ولوطنهم! أما إذا كان هناك من يرى في برنامج الابتعاث غير ذلك فهو حر في رأيه مادام يعبر عنه بطريقة حضارية لا تتجاوز أصول الحوار! لقد نهضت المملكة في السبعينات بفضل جيل من المبتعثين الذين كسبوا المعرفة من الدراسة في الجامعات العالمية المرموقة والاحتكاك بالحضارات الإنسانية الأخرى، بينما تعثرت الخطى لاحقا مع انكفاء خطط الابتعاث والتقوقع المحلي، فجاء برنامج الابتعاث الجديد ليبعث روحا جديدة في طموحات وآمال بناء المستقبل! ومن يتحفظ على تأثير الابتعاث على سلوكيات وأفكار المبتعثين يظن أن السلوكيات في جامعاتنا المحلية بل وفي مجتمعنا نفسه المبتلى بنسب عالية لبيع الخمور المهربة قد بلغت حد الكمال، أو أن الأفكار عندنا مصانة في خزائن مقفلة لا تصل إليها مفاتيح الإنترنت والستلايت في عالم لم يعد فيه أحد بمنأى عن التواصل والتأثر بثقافات وحضارات وسلوكيات المجتمعات الأخرى! ولو كنا سنغلق أبواب الابتعاث لمجرد أن مبتعثا انحرف سلوكه أو مبتعثة تجردت من حيائها، لوجب أن نغلق حتى جامعاتنا المحلية، ففيها مما يشتكي منه المعترضون ما يشيب له الولدان! وإذا كان هناك من ابتعاث يستحق بذل الجهد لوقفه، فهو ابتعاث شبابنا لساحات القتال للالتحاق بجامعات الإرهاب والقتل والكراهية! باختصار، المشكلة ليست في برنامج الابتعاث بل في عقول ترفض الانبعاث، ووقف برنامج الابتعاث لن يعيدنا إلى تلك القرية الطينية المحصنة من الآثام.. فحتى تلك القرية الطينية لم تكن محصنة، واسألوا «الشيبان»!.