هل تكون صورة الطفل السوري (3 سنوات) إيلان عبد الله كردي، وهو غريق على الشاطئ التركي، موقظة للعالم؟ طفل من بلدة كوباني السورية، ذات الغالبية الكردية، هرب هو ووالده وأمه وشقيقه الصغير، على قوارب التهريب، طمعا في الوصول لبر الأمان الأوروبي، فلقي الطفل وشقيقه غالب وأمه ريحان الموت، بعدما هرب صاحب القارب وتركهم لوحوش الماء. صورة الطفل بقميصه الأحمر، وهو منكفئ على وجهه الغض، وزبد الموج القاتل يغمر وجنتيه الرقيقتين المنغمستين في ملوحة الشاطئ، تهز كل إنسان، وتعقد كل لسان. فجأة صار مشهد الطفل السوري إيلان ملخصا للكارثة السورية، فمثل إيلان، الملايين من الهاربين السوريين، بكل البراري والبحار. اهتزت أوروبا، والغرب، لصورة إيلان، وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لقد تأثرت كثيرا للصورة، لأنني أولا أشعر بمشاعر الأب. قال ذلك ودول أوروبا كلها تعيش أزمة حادة بسبب تدفق مئات الآلاف من السوريين هربا من جحيم الأسد ونيران «داعش». من يدري، ربما تعيد صدمة الطفل إيلان، للعقل، وقبله الضمير العالمي، رعشة حياة وهبة عمل، لحل «حقيقي» للكارثة السورية، إن لم يكن ذلك بسبب الحرج الأخلاقي، والدافع الإنساني، فعلى الأقل بسبب تبعات إهمال الكارثة السورية، ومن تلك التبعات «العالمية» ظهور «داعش» السوداء، وحش القرن الحالي، وانثيال أمواج الهجرة البشرية السورية إلى أوروبا. الصورة تغني أحيانا عن الكثير من الكلام، تؤثر في مجرى الأمور الكبرى، ومن ذلك الصورة الشهيرة للطفلة الفيتنامية (كيم فوك) وهي تجري وتصرخ عارية من لهب قنابل النابالم الأميركية، قبل أربعين عاما، وهي الصورة التي اعتبرت من أشهر صور الحرب. وكانت سببا في تكوين رأي عام ضاغط لإنهاء الحرب الفيتنامية. مأساة سوريا معروفة، وتزيد كل يوم كارثية على العالم كله. تحقيق الأمم المتحدة حول المأساة مؤخرا انتقد ما وصفه بـ«إخفاق العالم» في حماية اللاجئين السوريين. فهذه الحرب أجبرت 4 ملايين من السوريين على الفرار للخارج، و7.6 مليون للنزوح داخل سوريا. التقرير يقول إن أوروبا استقبلت 250 ألف طلب لجوء سوري، لكن دول الجوار العربية وتركيا تحتضن 4 ملايين سوري. هذه المأساة سببها الأول، عدم «حزم» الإدارة الأميركية من البداية. عدم الإصغاء والتعاون «الحقيقي» مع الدول التي كانت تريد إنهاء هذه المسألة مبكرا، وكانت تحذر بوضوح من هذه المآلات.. والآن يتحدثون عن إخفاق «العالم»! هو إخفاق الغرب جملة، مع جموح حلفاء النظام الأسدي، في موسكو وطهران. هذا هو الحال.