انتهت جولة المحادثات الثانية في جنيف بين نظام الأسد والمعارضة دون تحقيق تقدم يذكر، مما دفع المبعوث الأممي لسوريا الأخضر الإبراهيمي للاعتذار للشعب السوري، ودفع واشنطن كذلك للإعلان عن مراجعة لسياساتها تجاه الأزمة السورية، والبحث في خيارات جديدة، بطلب من الرئيس أوباما! وكل ذلك يقول إن الأزمة السورية قد عادت إلى المربع الأول، سياسيا، وإن الأسد قد نجح بمساعدة روسية في إضاعة الوقت، والتلاعب بالمجتمع الدولي دون إنجاز أي اتفاق، حيث لم يتم إيقاف آلة القتل الأسدية بسوريا، ولا رفع المعاناة عن المحاصرين، ولا تدمير الأسلحة الكيماوية بالمواعيد المتفق عليها دوليا. ولذا فعندما تعلن واشنطن عن بحث الرئيس الأميركي لمراجعة حول سوريا، والبحث عن خيارات جديدة، فهذا يعني إقرارا أميركيًّا بأن الأزمة السورية تعود للمربع الأول، ويعني أن الرئيس أوباما يريد زيارة المنطقة، وتحديدا السعودية الشهر المقبل، وبين يديه رؤية جديدة، وخيارات مقنعة، خصوصا أن جميع الخيارات الأميركية المترددة تجاه سوريا قد فشلت. وما يؤكد فشل الخيارات الأميركية التسريبات الجديدة الواردة من واشنطن حول رؤية الإدارة الأميركية للتعامل مع الأزمة السورية الآن، ومن تلك التسريبات ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤولين كبار أطلعوا الصحافيين على محادثات أوباما مع العاهل الأردني الذي يزور أميركا الآن، والتقى الرئيس أوباما، حيث تقول التسريبات الأميركية إن جميع البدائل مطروحة الآن حول الملف السوري باستثناء تدخل قوات أميركية. وبحسب ما نقلته رويترز فإن من ضمن الخيارات المطروحة إمكانية تسليح المعارضة السورية، مع قول أحد المسؤولين الأميركيين بأن هذه الخطوة «لن تتخذ إلا إذا كانت ستساعد في دفع العملية نحو حل سياسي»، مضيفا أنه «من المؤكد أن المساعدة في تحسين موقف المعارضة السورية والضغط على النظام السوري جزء من الحسابات الكلية». وهذه التصريحات بحد ذاتها تؤكد ما قيل مرارا عن عدم وجود خطة حقيقية من قبل إدارة أوباما للتعامل مع الأزمة السورية، ليس اليوم، بل منذ انطلاق الثورة السورية. فالمتابع للأزمة هناك منذ انطلاقها، وتعامل إدارة أوباما معها، يلمس أن تلك الأزمة لا تحتل الأولوية القصوى لدى الإدارة الأميركية التي لم تظهر جدية حقيقية في التعامل مع جرائم الأسد، ورغم كل التصريحات الأميركية الأخيرة عن أن ما يحدث في سوريا يشكل خطرا حقيقيا على الأمن الأميركي، فقد عادت الأزمة السورية الآن للمربع الأول سياسيا، وها نحن نسمع عن خيارات أميركية جديدة تجاه سوريا، وهو الأمر الذي من المؤكد أنه لن يقلق الأسد، وحلفاءه، خصوصا أن اللغة الأميركية تجاه الأسد لا تزال تظهر التردد، والعجز، وهو ما سيسر الأسد بالطبع الذي لا يفهم إلا لغة القوة، والأفعال، وليس التصريحات المترددة التي تمنحه مزيدا من الوقت لمواصلة ارتكاب جرائمه، والبحث عن خطط للهروب إلى الأمام بمساعدة روسية - إيرانية. tariq@asharqalawsat.com