لعل من أكثر القضايا العامة التصاقاً بالنفوس الأبية والعقول السليمة قضية العدل. والعدل أول ما أمر به المؤمن إذ قال الله عز وجل: (إن الله يأمر بالعدل)، وقد أوجب الله على نفسه العدل وحرم عليها الظلم، كما حرّمه على خلقه. ولذلك كان رائعا تصريح فضيلة الشيخ/ عبدالعزيز الحميد رئيس محكمة الاستئناف في الرياض الذي أوضح أن البت في قضايا الدم (عقوبة القتل) لا تُقر إلا بموافقة سامية بعد مرورها على 13 قاضياً، ثلاثة منهم في المحكمة الابتدائية (أولى مراحل التقاضي)، ثم 5 في محكمة الاستئناف (ثاني مراحل التقاضي) وأخيراً 5 في المحكمة العليا (آخر مراحل التقاضي). قضايا الدماء خطيرة، والبت فيها أخطر، فهي مخيفة خاصة إذا لم يكن فيها الحق واضح أبلج كوضوح الشمس في رابعة النهار، كأن يكون إقراراً بلا إكراه، أو بإجماع شهود عدول. ومتى ما وقع السيف في الرقبة أو الرصاصة في القلب، فقد انتهى كل شيء وذهب الملف بأكمله إلى يوم لا جور فيه، وإلى عادل لا يخفى عليه شيء. وأما التساهل في قضايا الدماء، فأم الكوارث على المجتمعات التي تعاني منها. ولكم بلغت مسامع الناس -في عهود مضت ودول اختفت- أحكام القتل بالشبهة أو بالتهم المبيتة مثل الخيانة أو التآمر، أو حتى عدم التصفيق سراً وعلناً للقائد الملهم والزعيم الأوحد. هكذا عاشت الشيوعية البائدة ردحاً من الزمن تسوم الناس سوء العذاب فتسفك دماءهم لأدنى تهمة أو أقل شبهة، فما كان الله ليذرهم حتى أطاح بهم دولة تلو دولة، وما بقي لهم اليوم إلا فتات لا قيمة له، مثل العسكر في بورما، وبشار السفاح في الشام. وأما المسارعون إلى إصدار أحكام القتل، فهم يستحقون كل شفقة، ذلك لأنهم يلعبون بالنار، بل بقنابل متفجرة في أيديهم سترتد عليهم وبالاً ودماراً؛ وربما خلوداً في النار! ليست العبرة هي نهاية المشهد في الحياة الدنيا، وإنما نهاية المشهد في الحياة الآخرة، ولذلك صاح سحرة فرعون بلسانٍ واحد: (أقضِ ما أنت قاضٍ، إنما تقضى هذه الحياة الدنيا..). salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain