بذل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان جهودا جبارة من أجل إصلاح الاقتصاد السعودي الذي عانى كثيرا من جراء المنافسة الحادة في السوق النفطية، فلقد شهدت السنوات الأخيرة تنافسا محموما للمحافظة على الحصص في السوق النفطية مع تنامي قدرات الدول في إنتاج النفط الصخري وأيضا تحول الولايات المتحدة إلى التصدير وأيضا عودة دول أخرى إلى السوق، وبعد أن قام خادم الحرمين الشريفين بعديد من الخطوات المهمة جدا من أجل إصلاح البيت الاقتصادي السعودي من الداخل، فقد جاءت جولته لدول شرق آسيا من أجل تعزيز المواقف وفتح فرص جديدة للاقتصاد، وكما يرى كثير من المحليين فإن المملكة عملت بجهد واضح للمحافظة على حصتها السوقية ولتؤكد وجودها بقوة في هذه المنطقة العالمية المهمة وذلك بعقد صفقات تاريخية من بينها مشروع مجمع للبتروكيماويات والتكرير في ماليزيا الذي تبلغ قيمته سبعة مليارات دولار ثم تلا ذلك مشروع مماثل لتوسيع مصفاة نفط إندونيسيا بقيمة بلغت ستة مليارات. فالمملكة وهي تسعى جاهدة إلى إصلاح الميزانية العامة داخليا فإنها لا تهمل مسألة تحسين الإيرادات النفطية، وبالـتأكيد فإن المملكة ترسل رسالة واضحة بهذا الشأن فحتى إن كنا نعمل لعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل في البلاد فإن الأصل هو أن يستمر النفط في تحقيق مكاسبه وإيراداته القوية وإن تم استغلاله استغلالا أمثل، وأن تعمل المملكة جاهدة على تحسين وضعها التنافسي وتحقيق نمو في هذا الجانب للتغلب على انخفاض الأسعار. وإذا حققت المملكة أهدافها الداخلية من حيث تنمية القطاع الخاص كي يقدم إسهاما أكبر في الناتج المحلي غير النفطي فإن الهدف النهائي من تضافر كل هذه الجهود هو تعزيز الإيرادات بشكل غير مسبوق. وهكذا هي الحال، فالأيام تكشف عن الخطة الطموحة جدا التي يسعى إليها الملك سلمان لرخاء هذا الشعب، وهذا الوطن بكل مكوناته، ويثبت الملك في زيارته التاريخية لهذه الدول الشرق آسيوية الإسلامية أن المملكة تحمل الخير للعالم، وأن التنمية هي أساس ومحور السياسة السعودية، "ورؤية المملكة 2030" التي تؤكد الدور الرئيس للمملكة كمحور للعالم الإسلامي وأنه يجب استغلال الوضع الجغرافي المتميز في تحقيق ارتباط بين قارات العالم، فالمصانع في ماليزيا وإندونيسيا التي تحقق مستويات نمو قوية وثابتة وستحصل على اللقيم من مصافي النفط التي تستثمرها المملكة هناك ستمر سلعها من المملكة لتوزع من خلالها إلى أنحاء العالم، وفي ظل هذه الرؤية وهذه الاستثمارات الضخمة التي تكللت مع زيارة الملك لهذه الدول فإن الاقتصاد السعودي يجد فرصا واسعة للنمو المستدام من خلال ضمان أسواق مستقرة للنفط وأيضا نمو القطاع الخاص في الداخل الذي سيجد أرضا صلبة لتحقيق مساهمته الاقتصادية. فالسلع المصنعة وشبه المصنعة في شرق آسيا ستمر إلى العالم من هنا وستحمل سماتها السعودية حتما. وإذا كانت الصورة تظهر في أولها تعزيز الحصص السوقية من خلال زيادة الاستثمارات النفطية فإنها تظهر بجلاء أيضا الهدف النهائي من هذه الاستثمارات الذي يجب أن يصب في إيجاد أسواق جديدة للقطاع الخاص وسلع أفضل.author: كلمة الاقتصادية