النسخة: الورقية - دولي نشر كاتب صحافي مقالاً بعنوان «تويتر لا يصلح لنا!»، ومما جاء فيه: «للأسف لا يمكن القول بأن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً تويتر في السعودية بمعدلات هي الأعلى في العالم يمكن أن يرفع سقف حرية الرأي ويرسخ قيم احترام حق الاختلاف. فالظاهر للعيان حتى الآن أن قسماً هائلاً من السعوديين حوّلوا هذه الوسائل الحديثة إلى أسلحة لقمع بعضهم بعضاً وتبادل الشتائم والاتهامات المجانية... ما فات على أعضاء مجلس الشورى أن الهجوم التويتري يأتي ضد أي كان ولأي سبب كان... باختصار تويتر وبقية وسائل التواصل الاجتماعي لا تصلح لنا، فقد ابتكرتها شعوب تدرك أن الاختلاف هو سر الإبداع ومفتاح التقدم... وحين جاءت الفرصة ليتحدث الجميع بحرية، لم نعرف ما نقوله لمن يختلف معنا فاتجهنا الى شتمه... ما دمنا نعتقد أن أي فرد يمكن أن يشتري الحرية من محل لبيع الجوالات». أتفق مع كاتب المقال في نقاط وأختلف معه في أخرى هي الأهم نسبةً وتناسباً، كماً وكيفاً. أتفق معه في إساءة استخدام حرية الرأي والتعبير لدى (بعض) المستخدمين السعوديين وكذلك عدم احترام حق الآخر في الاختلاف، لكن ليس على الإطلاق، وقبل ذلك يجب أن نتفق أولاً على معنى مفردة «حق» واتساع صلاحياتها، ثم من هو «الآخر» وبماذا يؤمن وعلى ماذا نختلف؟! وبكل إنصاف، نجح الكاتب في طرح بعض الأمثلة كدليل على تشوه «زاوية» من المشهد السعودي، فبعض الأمثلة تدل إلى جزئيات نالها انتشار واسع رغم مساهمتها في بطء الحراك الثقافي، مثل التعصب الرياضي وما لحق به من سِباب وشتائم وولاء وبراء رياضي، وأيضاً تناول الكاتب بعض الأمثلة الواقعية، مثل عودة الصحافة المصرية الى الوراء بألف عام – وفق وصف الكاتب – وما سينال متبني هذه الحقيقة من شتائم من «بعض المتلبرلين نصرةً للسيسي!»، وضرب الكاتب أمثلة أخرى تصف زاوية المشهد بكل شفافية. إلا أنه ومع احترامي لوجهة نظره – من باب حرية الرأي واحترام حق الاختلاف – لم يوفق في طرحه بشكل عام، لأنه أغفل الكثير من إيجابيات تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ونسي أن التجربة السعودية في حرية الرأي من خلال تويتر تعتبر حديثة الى حد ما ولم تنضج بعد، وترك الحديث عن بقية الزوايا التي تكمل المشهد السعودي، مثل حرية تبادل الأفكار والمعلومات وتوثيق الأخبار بالصور ومقاطع الفيديو، وحرية المتابعة للمثقفين وغير المثقفين المماثلين في التوجه والمخالفين، والحصول على فرص كثيرة لم تكن موجودة قبل توتير، مثل التواصل المباشر مع المشاهير والمفكرين والأدباء وغيرهم، وطرح الرأي الشخصي في الخط الزمني وفي الهاشتاغ... الخ، وما هذه إلا بعض حسنات برامج التواصل الاجتماعي. وحتى يكون النقد منصفاً وواقعياً بعيداً من التخرصات، كان على الكاتب أن يستند إلى احصاءات ولو تجارية أو غير دقيقة مئة في المئة، فطرحه (قد) يكون مستمداً من بعض «الهاشتاغات» ومن يتابعهم من الذين يمثلون بعض شرائح المجــــتمع الكثيرة، لذلك كانت النظرة قاصرة ولم تشمل الغالبية لتحقق الواقعية والإنصاف، فكانت المبالغة هي الطابع الواضح للمقال الذي لم نجد بين سطوره أية اقتراحات أو حلول. ذكر الكاتب أن انتشار تويتر لم يرفع سقف حرية الرأي. وهذه مغالطة أو تناقض، فحرية الرأي تحققت بمعناها الشامل، وهي من أوصل بعضهم الى استخدام الشتائم وتراشق الاتهامات بكل «حرية»، لكن الصحيح أن استخدامات حرية الرأي كانت غير منضبطة لنعود بعد ذلك ونستفهم عن ماهية حرية الرأي وإلى أي مدى يمكن استخدامها في مجتمعنا. ومن باب أولى أن نستفهم عن «قيم احترام حق الاختلاف». نكزة: على وزن وقافية الكاتب، هل كل اختلاف هو «سر الإبداع ومفتاح التقدم»؟ أم أن هناك اختلافات تؤدي الى الفرقة والتشرذم، كما في العصبية القبلية والمناطقية، وهل فعلاً «فات على أعـــضاء مـــجلس الشورى أن الهجوم التويتري يأتي ضد أي كان ولأي سبب كان» أم أن المبالغة في حرية رأيه ضد حرية رأي المتـــوترين أوقعت الكاتب في هجوم صحافي غير محـــمود، كما أنه أزعج أعضاء مجلس الشورى.