في خضم الانهماك الحكومي والنيابي اللبناني بالشؤون اليومية للمواطنين، وفي طليعتها سلسلة الرتب والرواتب، طفا على سطح المتابعات مجددا «زغل» في العلاقات بين لبنان الرسمي ودول غربية وخليجية وتحديدا المملكة العربية السعودية، نتيجة موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من حزب الله وهجوم أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله على المملكة ودول خليجية، عبر عنه بداية موقف سفراء مجموعة الدعم الدولي للبنان في اجتماعهم الشهير الأسبوع الماضي في اليرزة (شرق بيروت) الذي نحى في اتجاه التلويح بحجب المساعدات العسكرية عن لبنان، ثم المعلومات الواردة في شأن انزعاج سعودي من لبنان بلغ حده الأقصى في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين أمس الاول، ومثّّل لبنان فيه المندوب بالوكالة أنطوان عزَّام، حيث تحفظ المندوب السعودي لدى الجامعة أحمد القطان على «بند التضامن مع الجمهورية اللبنانية» بالكامل، كما أدرج في جدول أعمال الاجتماع. وهي سابقة لم يألفها تاريخ العلاقات بين البلدين منذ أكثر من ربع قرن، في تطوّر اعتبره مراقبون سياسيون مؤشرا إلى عودة تلبّد الغيوم في سماء العلاقات اللبنانية – السعودية، واللافت أيضا وفق ما قال المراقبون، أن مندوبي الإمارات والبحرين أيّدا زميلهما السعودي بالتحفظ على بند التضامن، في حين أن هذا البند لطالما كان يُقرّ بالإجماع من دون أي نقاش. وكشفت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء «المركزية»، أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سيعلن في الاجتماع تحفظ المملكة على بند التضامن مع لبنان، معللا الأمر بما تضمنه موقف رئيس الجمهورية إزاء حزب الله وهجوم نصرالله على السعودية ودول الخليج، إلا أن المصادر أشارت إلى أن المندوب السعودي نقل للوزير الجبير تمنيات مندوب لبنان بالعودة عن القرار، فوعد الوزير الجبير خيراً. وأضافت المصادر أن لبنان تمكن بعد سلسلة اتصالات أجراها في الساعات الأخيرة من انتزاع موافقة قطر على بند التضامن، بعدما كانت نأت بنفسها في الدورة 146 العام الماضي. باسيل يغيب وتحدثت المعلومات الواردة في هذا الشأن عن أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل سيغيب عن اجتماع الدورة العادية الـ147 لمجلس الجامعة على مستوى الوزراء اليوم، وأنه كلَّف الأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة السفير شربل وهبه تمثيله، علما أن الأجواء في وزارة الخارجية أوحت بهذا الاتجاه كون الوزير باسيل منهمكا في متابعة الملفات الداخلية من الموازنة إلى قانون الانتخاب وحضوره جلسات مجلس الوزراء ضروري. إلى ذلك، خالفت بعض المواقف الغربية الصادرة في الأيام الأخيرة مناخ اجتماع اليرزة التشاؤمي، فالإحاطة الدولية بلبنان مستمرة وقد تجسدت أمس في إعلان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان عقب زيارته قصر بعبدا استمرار بلاده في مساعدة الجيش وزيادة الدورات التدريبية والوقوف إلى جانب لبنان في المجالات كافة وتوفير الدعم اللازم له في المحافل الإقليمية والدولية. وأكد لودريان عقب لقائه الرئيس عون، «الاستمرار في تقديم المساعدات للجيش اللبناني، لا سيما تلك التي كان وعد بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته الأخيرة للبنان». وبعد لقائه نظيره اللبناني يعقوب الصراف، أكد لودريان دعم فرنسا «لسلامة وسيادة لبنان»، معتبراً أن ذلك يمر بـ«احترام المؤسسات ولكن بالتوازي مع وجود جيش لبناني منظم ومتماسك». وتزود فرنسا الجيش اللبناني بمساعدات عسكرية في إطار هبة قدمتها السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار. لكن الرياض جمدت في فبراير 2016 البرنامج على خلفية ما وصفته بـ«مواقف عدائية» ناتجة من «خضوع» لبنان لحزب الله القريب من إيران. وشكر عون خلال لقائه لودريان «الدعم الذي تقدمه فرنسا للبنان في المجالات كافة، لا سيما في المجال العسكري»، متمنيا «استمرار هذا الدعم لتمكين الجيش من القيام بالمسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقه، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار في البلاد ومكافحة الإرهاب». (بيروت – المركزية ، ا ف ب)