خيانة زوج رابعة الختام هروبا من ضغوط العمل الطاحنة ومشكلات نفسية وسياسية متسللة إلى العقل ومتربّصة بالقلب ذهبت وصديقتي إلى محل لاحتساء فنجانين من القهوة العربي، ولم يكن المكان مكتظا إلى الدرجة التي لا أستطيع معها التجول بعيني بين الطاولات وممارسة عادتي المحببة في تفحص وقراءة وجوه الآخرين وتحليل لغة أجسادهم. فجعتني رؤيتي لزوج صديقتنا الثالثة محتضنا فتاة عشرينية حسناء يميزها لون صبغة شعرها الأشقر وعدساتها الملونة، وصوت ضحكتها العالية بإغراء واستمالة غريبين، ولم تجتهد صديقتي في اكتشاف الأمر حيث أعلنت ضحكة الفتاة عن نفسها ووجودها إلى جوار رجل أربعيني “مشتاق” لاستنشاق الحب والغرام من طزاجة مشاعر أنثى لم ترهقها الواجبات المنزلية ومتطلبات الصغار. رجل يحلم بامتصاص رحيق امرأة أخرى غير التي تنام إلى جواره منهكة. شهقت صديقتي من وقع الصدمة، فكيف بمهندس مثقف ووقور يترك وقاره لفتاة “راغبة وطامعة” تبعثره على طاولة الحب المكذوب. بالتأكيد لفتنا انتباه زوج صديقتنا إلى وجودنا برد الفعل المباشر. حار الرجل ماذا يفعل؟ فإن تجاهل وجودنا فقد السيطرة على توجيه بوصلة مشاعرنا تجاهه وتقدير وجهة نظره أو على الأقل محاولة استمالتنا لعدم البوح لزوجته، وإن جاء مُلقيا السلام علينا لن يسلم من تساؤلات بديهية يفرضها الموقف ذاته. حسم الرجل أمره واقترب من طاولتنا وفي كل خطوة يتقدم فيها نحونا أكاد أسمع صوت أنفاسه المتلاحقة، كما أستمع بوضوح لصوت ضربات قلبي وقلب صديقتي، فقد فضحت يده الباردة والمرتعشة في السلام ما لا يستطيع أن يفصح عنه. جلس لالتقاط أنفاسه وتهدئة الأجواء، ودون مواربة طلب عدم إخبار صديقتنا بالأمر مبررا ذلك بكونها زميلة عمل وبينهما علاقة مال لا أكثر، احتسى بعضا من الماء ورحل عن المحل بأكمله والفتاة تسير معه بجسدها ونظرها معلق إلينا. رحلا ولم يرحل معهما الحديث عن الموضوع، بدأ الجدل بيني وبين صديقتي فهل من العقل إخبار صديقتنا بما حدث لتنتبه إلى زوجها وتمنحه الكثير من الحب والاهتمام حفاظا على بيتها وأبنائها، أم نتجاهل ما حدث كلية حتى لا نثير زوبعة بين الزوجين قد تعصف بالبيت وتهدمه. العجيب أن كلا الخيارين يقع في نفس القدر وينال ذات الأهمية، وكلاهما يحترم الحفاظ على البيت أمر مقدس، كما أن عدم “استغفال” الزوجة واللعب من وراء ظهرها في نفس درجة التقديس. شب الخلاف بيني وبين صديقتي في طريقة التعاطي مع الأمر وكلانا يضع البيت والأبناء واستقرار حياة صديقتنا نصب عينيه. هي ترفع شعار أن معرفة الحقيقة حق أصيل لكل إنسان وللزوجة الحق في معرفة أمر خيانة زوجها وتعاملها مع الأمر بطريقتها الخاصة حتى وإن كان الثمن طلب الطلاق. فمن حقها وحدها الحياة في كنف رجل خائن أو اختيار كرامتها والثأر لها، كما أنه من الظلم تغييب الزوجة عن سلوك زوجها المشين بزعم الحفاظ على البيت والأبناء. أن يأتي كل يوم إلى فراشها محملا ببقايا أثار علاقة عابرة، جثة هامدة تستخدم فندقا للمبيت. وأنا أرى أن إخبار صديقتنا بالأمر هدم للبيت وجرح لكرامتها وكبريائها، فما أقسى وقع كلمة (زوجك يخونك من صديقة لصديقتها)، فربما لا ترغب في معرفة صديقاتها بالأمر حفاظا على مظهرها كامرأة مرغوبة، وليس كزوجة فقدت بريقها وأهميتها لدى شريك العمر وذهب للبحث عن الحب والغرام إلى جوار عشرينية حسناء تجدد دماء رجل في نهاية الأربعين، سقط في جليد الحياة الزوجية وأصبحت مشاعره بركة مياه راكدة تتلهف لحجر يحرك ماءها ويهبها مظاهر الحياة. كان من رأيي أن من يشاهد العرض في الصالة، حتى وإن جلس في المقاعد الأمامية، ليس كمن يفتح الستار ويشاهد من خلف الكواليس. فربما يرى الصورة أوضح وعلى طبيعتها وربما يرى “كراكيب” يخفيها الستار، ولكن في كل الأحوال ليس من التعقل الحكم على حياة الآخر من وجهة نظرنا نحن حتى وإن كان الآخر صديقة مقربة، فلسنا أوصياء على أحد وهي لا تستحق الحجر على مشاعرها وحياتها. ما بين الجذب والشد والجدل حول الخيانة وهل نخبرها بخيانة زوجها أم نتكتم الأمر، ضاع حلم فنجان القهوة، ولكنني أدعو الجميع إلى مشاركتي الرأي، فهل أقول أم أصمت؟ كاتبة من مصر سراب/12