باستثناء «تكريم يتيم» من المهرجان القومي للسينما المصرية في دورته الثامنة عشرة (5 - 12 ديسمبر 2014)، الذي أصدر كتاباً عنه بعنوان «حكايتي مع السينما»، ومحاولة مفضوحة لاستغلال شهرته من مهرجان مغمور كرّمه في دورته الخامسة (12 – 17 أكتوبر 2015)، وبعض التكريمات من جامعة هنا وجمعية هناك، يمكن القول إن النجم سمير صبري، الذي ولد في 26 ديسمبر 1936 بالإسكندرية، لم ينل ما يستحقه من تكريم يليق بمسيرته الطويلة، كفنان شامل. مثّل صبري وغنى ورقص وقدّم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وشارك، منذ ظهوره لأول مرة على الشاشة الكبيرة في مشهد عابر {على الناصية} في فيلم {حكاية حب} إخراج حلمي حليم عام 1959، في ما يناهز المئة وأربعين فيلماً، بدأها بثلاثة أفلام عُرضت في عام 1962 هي: {اللص والكلاب}، {من غير ميعاد}، و{قصر الشوق}. أما أحدث أفلامه فـ{بتوقيت القاهرة} (2015). ونجح سمير صبري في أن يترك بصمة من خلال عدد من الأفلام، أهمها: {بالوالدين إحسانا، دموع صاحبة الجلالة، دقة قلب، جحيم تحت الماء، الجلسة سرية، التوت والنبوت، المحفظة معايا، بمبة كشر، السلخانة، البحث عن فضيحة، بتوقيت القاهرة}. كذلك حمل على عاتقه تدشين شركة خاصة للإنتاج السينمائي، اختار لها اسم {انترناشيونال فيلم} تيمناً بنجاح برنامجه التلفزيوني الشهير International Club {النادي الدولي}، الذي كان سبباً في شهرته، وذيوع صيته، أسهمت في إنتاج ما يقرب من 18 فيلماً، أولها {أهلاً يا كابتن}، ومن بينها: {جحيم تحت الماء}، {منزل العائلة المسمومة}، {دموع صاحبة الجلالة}، {نشاطركم الأفراح}، و{علاقات مشبوهة}. من هنا يأتي إعلان إدارة مهرجان {شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية} (5 - 11 مارس 2017)، اختيار الفنان سمير صبري ضمن أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، بمثابة مفاجأة حقيقية، وخبر سار ومُدهش لجمهوره ومحبيه، وربما له شخصياً. فالفنان الذي عمل في بداية حياته مقدم برامج باللغة الإنكليزية، التي يجيدها، وعدة لغات أخرى، عن ظهر قلب، وامتلك سيرة حافلة، ومتخمة، بالأعمال السينمائية، لم يخطر على بال إدارة أي مهرجان سينمائي مصري، لسبب مجهول، ترشيحه للمشاركة في عضوية لجان تحكيم دوراتها المتعاقبة، إلى أن حدثت المعجزة، وفعلها مهرجان {شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية}، برئاسة الكاتب الصحافي جمال زايدة، عندما أعلن ضمه إلى لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، التي يترأسها المخرج التشيكي يوري مينزل الحائز {أوسكار} أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية عن {قطارات مُراقبة عن قرب} في عام 1967، وتضمّ في عضويتها: المخرج والسيناريست الروسي إلكسندر بروشكين، المؤلف الموسيقي المصري تامر كروان، مبرمجة الأفلام البولندية ماوجورچاتا سادوفسكا، والصحافية والناقدة البريطانية ليزا فورمان. رد الاعتبار إلى الفنان سمير صبري، الذي تعرض لظلم بيِّن، وتجاهل صارخ، لا يرجع إلى كونه فناناً مخضرماً، يملك من الحنكة والخبرة واللغة والثقافة، ما يؤهله لتمثيل السينما المصرية خير تمثيل في لجنة التحكيم، وإنما لأن الاختيار يمثل فرصة لإلقاء الضوء على الجانب الإنساني لدى هذا الفنان، الذي لم يلق ما يستحقه من اهتمام إعلامي، رغم أياديه البيضاء على الفقراء، وتعدّد أشكال العطاء الخيري من جانبه، ووقوفه مع زملائه في المحن والأزمات، الصحية منها والاقتصادية، كما فعل مع الفنانة القديرة تحية كاريوكا في الأعوام الأخيرة التي سبقت رحيلها، ووفائه لأساتذته في شخص أبنائهم، كما اعتاد أن يفعل مع حسين حسن الإمام. وتتجلى الواقعة الأكثر إنسانية في إصراره على إسناد دور إلى الفنانة الكبيرة ميمي شكيب في الفيلم الذي أنتجه عام 1982 بعنوان {السلخانة}، في تحد سافر لأولئك الذين أهملوها، وتجاهلوها، بعد القبض عليها في فبراير 1974 بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، ومعاناتها، بعد نحو 170 يوماً من المحاكمة وحصولها على البراءة في 16 يوليو 1974، شظف العيش وتدهور الأحوال المادية، بعدما أجبرت على الاعتزال والابتعاد عن الأضواء. لكنّ سمير صبري نجح في إعادتها إلى الساحة، من خلال شخصية {المعلمة ملكة}، والدة مديحة كامل في الفيلم، ما شجع المخرج عادل صادق لترشيحها في العام التالي مباشرة لتجسيد شخصية {حكمت هانم}، في فيلم {الذئاب}، وبعدها غيبها الموت، وكان صبري أول من نعاها.