×
محافظة الرياض

“الإسكان” توقع اتفاقية تطوير 462 وحدة سكنية شرق الرياض

صورة الخبر

كان ديوان «جدائل متمردة» المنبر الأوّل الذي انطلقت منه الشاعرة والأكاديمية الجزائرية شامة درويش، إذ فاز بالمرتبة الثانية في المسابقة الوطنية في مهرجان الشعر النسوي في قسنطينة، وتضمّن مجموعة نصوص تنوّعت بين المنثور والموزون. بعد ذلك، توالت إبداعاتها وأصدرت ديوان «كعب يمشي على حافة الألوان»، لتكرس مكانتها على خريطة الشعر في الجزائر. تكتب شامة غير عابئة بالجوائز، وترى أن صراعاً وحروباً ومجاملات تشوب الساحة الثقافية العربية، وتتحدث عن الأمراض التي تتمنّى أن تتعافى الثقافة العربية منها. حول أعمالها ومسيرتها ورؤيتها المشهد الأدبي الجزائري، والعربي عموماً، التقتها «الجريدة» في هذا الحوار. أخبرينا عن ديوانك الشعري «جدائل متمردة»؟ أعتبره التجربة الكبيرة لي. منذ كنت طفلة أرسم وأشكّل مجسمات وأغنّي وأكتب وأعبث بالحروف والمعاني، وكنت كلّما قرأت نصاً جميلاً، رأيت أن ما أكتبه مجرد شخبطات واهمة. عام 2011 بدأت بجمع نصوص كنت كتبتها، وقرّرت في آخر يوم قبل انتهاء موعد قبول المشاركات في المسابقة الوطنية لمهرجان الشعر النسوي بقسنطينة في يونيو 2013 زجّ نصوصي في خانة التقويم، لا سيما أنني لم أكن معروفة، وكانت المسابقة الفاتحة والمنبر الأوّل الذي انطلقت منه. وفاز مخطوط «جدائل متمرّدة» بالمرتبة الثانية في تلك المسابقة، وهو عبارة عن مجموعة نصوص تنوّعت بين المنثور والموزون، حاولت فيها أن أظهر ما يمكنني كتابته. ماذا عن ديوانك الأخير «كعب يمشي على حافة الألوان»؟ حاولت تخصيص «كعب يمشي على حافة الألوان» للنصوص المنثورة، وتجربتي بحسب ما لقيت من أصداء في المعرض الدولي الأخير كانت ناجحة جداً، على الأقل لكاتبة شابة تحمل الشعر همّاً حقيقياً، وتؤمن بأن الكتابة وجع حين النزف ودواء حين التلقّي. صدرت المجموعة عن دار «الألمعية»، وصمّم غلافها الشاعر المبدع الطيب لسلوس. هل تركزين ناظريك على الشعر، أم على أجناس أدبية أخرى؟ منذ عرفت الكلمة أميل إلى الشعر، ولا أجد بديلاً يملأ هذا الراهب في الروح. لا يمكنني الحديث عن فنون أخرى ما دمت لم آخذ مكاني الراسخ في الشعر. لذا أحاول ألا أمنع أي فنّ عندي، أو بالأحرى لا أمنع الحروف من الخروج في تلك اللحظة، فقد تكون شعراً عامياً أو فصيحاً أو نثراً. أحاول كذلك التميّز في لون واحد ولو بعد حين. زخم التجارب كيف تنظرين إلى زخم الأشكال والتجارب الشعرية في ما يسمى عصر المعلومات؟ اللحظة الشعرية لحظة خطف كما هي لحظة عمق فكري. ربما لا يتأتى لغير الشاعر أن يفعل ذلك. لن أردّد ما يلوكه المشهد الثقافي هنا وهناك بأن الشعر زال بريقه، وتراجعت مقروئيته، لكنني أقول إن الشعر أبو الفنون. يكفيني من الشعر أن أحكي، وأن أسرد، وأن أروي، وأن أمَسْرح النصوص، وأن أغني، وأن أخرج من حالات الأرض إلى حالات سماوية. هنا يمكن الحديث عما يحيط بنا من اختلاف وتباين، فالمتن الأدبي يعج بالفنون النثرية والشعرية على السواء، والعالم يتسع للأصوات كافة، يكفي أن العصفور والأسد يتنفسان هواء واحداً. كيف ترين وتقيمين المشهد الأدبي والثقافي الجزائري راهناً؟ أرفض كلمة تقييم أو تقويم، لأن المشهد الأدبي يحتاج إلى إلمام واسع باتجاهاته كافة. أما نظرتي الشخصية فهي أن الجزائر تلد كل يوم كاتباً إن لم أقل أكثر، فضلاً عن الأسماء المعروفة. ولما كنت من الجيل الشاب فأفضل الحديث عن هذه الفئة التي أراها تكتسح المشهد الأدبي الجزائري بقوة تجديدها وعزيمتها على الكتابة الجادة. ورغم وجود أسماء كثيرة لها وزنها وحضورها فإن الجيل الشاب هو من سيكون قائداً في المشهد المقبل، لا سيما في ما يخصّ الرواية، فهي تكتسب يومياً قراء جدداً. أضف إلى ذلك ما حققه الشعر في المعرض الدولي للكتاب في العاصمة الجزائرية (نوفمبر 2016) من حضور قوي، فأسماء جزائرية كثيرة عادت إلى النشر، إذ انتفت المقولة المكرسة «مقروئية الشعر نقصت». ثمة شاعرات يصرحن بوجود معاناة وتهميش للمجتمع لهن مقابل سيطرة الأدب الذكوري. هل هذا هو الواقع فعلاً؟ أرفض هذه التصنيفات والتقسيمات، لأن الذات الإنسانية هي في النهاية من تكتب. لا فرق بين الكتابتين إلا بالدهشة والحضور الباقي الحامل لأثر. مع ذلك سأجيبك عن سؤالك، لا يوجد تهميش لأن العالم أصبح كصفحة واحدة تقرأها العيون في كل مكان، بفضل قنوات التواصل الاجتماعي، والكاتب الحقيقي هو من يكتب عن قناعة لا كي يظهر للعالم على أنه كاتب. هل من تجارب نقدية رافقت تجربتك الأدبية؟ سأصارحك بقول لا أدري إن هو ميزة أم انسحاب من المشهد، لم أجرب عرض كتاباتي على أحد كي ينقدها، لكني أشهر لكتاباتي قبل الصدور وبعده، وبجهدي الخاص. ثمة أقلام تناولت مجموعتي الأولى بالدراسة «جدائل متمرّدة». أمّا المجموعة الثانية فلم يقرأها أحد حتى هذه الساعة سوى من اقتناها من المعرض. عموماً، لا أحتاج إلى مجاملات، لأنني واعية تماماً أن الكتابة مشروع كبير لا بد له من حضور كبير، كذلك ينتهي عملي حينما أضع نصي داخل كتاب وأنشره، فقد لا تلتقي زوايا التفكير عندنا لكننا نشترك في الكتابة. أحلام وجوائز هل حققت لك الكتابة كل ما تحلمين به؟ كانت الكتابة رفيقتي الأبدية في لحظات التيه والوجع، لكنها تخونني أحياناً مع الآفاق المرسومة في مخيلتي، وأخذت عهداً على نفسي منذ سنوات ألا أحلم بل أسعى إلى تحقيق الحلم. هل ثمة مناطق محظورة في شعرك؟ لا أحب أن أُمْلِيَ عليّ ما ينبغي كتابته، وما يجب تفاديه، لكن في النهاية ما ينشر هو انتقاء. لماذا تتجه الشاعرة العربية إلى الشعر الحديث أكثر من العمودي في كتابتها؟ ربما تقصد السرد، أو الحكي، لأن المرأة متهمة بالميل إليهما، لكن البوح لا يحتاج إلى رخصة مرور، أو إلى وزن محدد كي يعترف به كإبداع. المرأة أو الرجل سيان عندي في الكتابة، كلاهما تسكنه روح ساردة تبني حوادث بلغة ما، فتخرج كيفما شاء لها المعنى أن تكون. ما رأيك في الجوائز الأدبية العربية؟ هل تشكل دليلاً على إبداعية المنتج الأدبي؟ تشكّل الجوائز العربية حافزاً كبيراً للكاتب، لكنها ليست شرطاً للكتابة، فأن تكتب على مقياس جائزة ليس معناه أنك تكتب للإنسان، وأن تكتب للإنسان فأنت اخترت الدرب الأطول، والجوائز عادة ما تكون انعكاساً لمستوى اللجنة المقومة للعمل. ما هي أهم المشكلات التي تواجة الثقافة العربية؟ الثقافة العربية موبوءة بالصراع الدموي والمجاملات، فمتى انتهت الحروب والمجاملات عادت الثقافة إلى مكانها الصحيح. شامة والنثر حصلت الشاعرة شامة درويش على درجة الماجستير من جامعة قسنطينة عن رسالة بعنوان «شعرية أدونيس - نقد معاصر وقضايا تحليل الخطاب»، ونالت الجائزة الوطنية الثانية في مهرجان الشعر النسوي بقسنطينة عن ديوان «جدائل متمردة»، وفازت في المسابقة العربية «القلم الحر بمصر للشعر» عام 2014، وشاركت في ملتقيات أكاديمية وثقافية عدة. ترفض المقولات التي تعد قصيدة النثر مجرد خواطر شخصية ولا ترتقي إلى مستوى القصيدة العمودية، وتقول: «لا أعتقد أنه حكم صحيح ومنصف هذا الذي يقول إن قصيدة النثر مجرد خواطر، ففي اعتقادي أنها الأبقى والأصلح للعصر الذي نحن فيه. كذلك أردد عبارة راسخة عندي «لن يكتب ولن يبدع أحد كما أبدع الأوّلون في العمودي». لذلك لا أجد مبرراً واضحاً في مهاجمة التجديد في النصوص الشعرية، لأن الكاتب يأخذ لون عصره. لم يكن أنسي الحاج ولا الماغوط ولا أدونيس بحاجة إلى تأشيرة مرور من الموزون إلى النثر، وبطبيعة الحال لن يكون الشعراء بمرتبة هؤلاء، كما لم يكن الشعراء كلهم بمرتبة امرئ القيس والمتنبي.