الإحصاءات تقول لنا بين فترة وأخرى، إننا الأكثر هدراً للمياه مثلاً "الاستهلاك الرشيد للفرد الذي حددته منظمة الصحة العالمية بنحو 83 لتراً في اليوم، علماً بأن ما يستهلكه الفرد في المملكة يعادل ثلاثة أضعاف هذا الرقم أي نحو 256 لتراً في اليوم، وبذلك تتبوأ المملكة الترتيب الثالث عالميًا بعد أميركا وكندا في معدل استهلاك الفرد للمياه كل يوم" وهنا أنقل نص ماكتب في صحفيتنا الرياض في تاريخ 9 أبريل 2016، وحين نأتي للكهرباء نجد أن المملكة بحاجة سنوياً ما بين 30 و40 مليار ريال لمواجهة الطلب على الكهرباء، وسنوياً يتم تركيب ما يقارب 500 ألف عداد كهرباء، وحجم الطاقة التي تنتجها من الكهرباء، يفوق ما تنتجة جمهورية مصر وسكانها يتجاوز 90 مليون نسمة، بل وتفوق المملكة ما يقارب 12 دولة عربية من الكهرباء، وتستهلك سنوياً ما يقارب 200 مليون برميل من النفط لتوليد الكهرباء، أما الطاقة الخاصة بالسيارات والنقل أيضاً فهي تقارب 700 مليون برميل سنويا والاستهلاك قابل للزيادة سنويا تبعا للنمو الاقتصادي والسكاني. أما الغذاء وما يتداول ونشر صحافيا ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن أن الفرد في المملكة يهدر ما يقارب 427 كيلو سنوياً، اي ما يقارب يوميا 1،17 كيلو يومياً، وعلى "فرض" صحة هذه الأرقام أو حتى مبالغ بها، حتى لا نندفع بهذه الإحصاءات "الغذائية" ونسلم بصحتها، فإن القناعة لدينا أن لدينا هدراً غذائياً حقيقياً، وسبق حاورت وقابلت رجال أعمال موردين لمواد غذائية يرون هذا التصرف أيضاً وهو "الإسراف" في الغذاء بصورة مختلفة، ونحن هنا بحاجة حقيقية لهيئة الإحصاءات العامة، أو جهة من وزارات لدراسة "سلوكنا الاستهلاكي" سواء للطاقة بمختلف أنواعها، والغذاء، والملبس، والسيارة، والسفر، والمظاهر والبذخ، وكل ما يمس استهلاكنا الشخصي، هل لدينا مشكلة في هذا الجانب حقيقية وعميقة وعامة "ولا أعمم" في مجتمعنا؟؟ فالقروض الشخصية تتجاوز اليوم للأفراد 340 مليار ريال، ماذا يحدث لدينا من "ضعف" الوعي الاستهلاكي حقيقة، والترشيد على قدم وساق من خلال التوعية، أو الجمعيات الخيرية لحفظ "النعمة" وما في حكمها، ولن نصل للحالة المثالية للاستهلاك وهذا طبيعي، ولكن لا يجب أن نتجاوز المستويات غير المقبولة لا دينياً ولا مجتمعياً ولا أخلاقياً ولا إنسانياً، فالدولة تدعم السلع والخدمات والطاقة إلى اليوم، فالكهرباء مثلاً لوحدها الدولة تقدم دعماً يقارب 150 مليار ريال، نحتاج فعلاً أن نعيد النظر في سلوكنا الاستهلاكي، الذي إن تم، سيغير سلوكنا والهدر العالي جداً في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه للتوازن في سلوكنا الاستهلاكي.