أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن محمد آل طالب أن مجتمعنا بحمد الله يحمل خيرًا كثيرًا يجب حمايته ورعايته وتنميته وحراسته من عاديات السوء من خلال تربية النفس والنشء على خوف الله وتقواه والعلم به وبحدوده وشريعته ليبقى زادًا ونعمًا في النعماء والبأساء ومن كان له زاد من تقوى كان حريا بالنجاة، وسنة الله أن لا يخيب عبد أقبل عليه. وقال الشيخ آل طالب في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام أمس إن اتقاء المزالق يكون باللجوء إلى الله تعالى كما قال سبحانه ((ففروا إلى الله)) وكما قال سبحانه وتعالى ((أليس الله بكافٍ عبده)) وقال ابن القيم -رحمه الله- الكفاية على قدر العبودية، وكلما ازدادت الطاعة لله ازدادت كفاية الله بك، ومن هنا وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى العبادة وقت الفتن القول ((العبادة في الهرج كهجرة إليّ)). وأضاف فضيلته هنيئًا لمؤمن يركن إلى الصلاة والعبادة بينما الناس يتهارجون وهنيئا لمن يطمئن بالله حينما تقلق النفوس وتضطرب. وبيّن إن من صيانة النفس البعد عن المثبطات ومصاحبة البطالين مبينًا إن الله تعالى يهب الحكمة والثبات من تعوّد الإحسان في شؤونه وتمكن من ضبط نفسه وإحكام أمره وتثبيت خطاه وسار على الصراط المستقيم فلا تهدمه وساوس الشر ولا ترده عن غاياته همزات الشياطين ومن أكثر العبادات في الخلوات ثبته الله عند الشدائد والمدلهمات، مشددًا على أن على المسلمين عند الفتن والمدلهمات يلجؤون إلى الله والتضرع إلى الله وأن الله يحول بين المرء وقلبه فنسأل الله الثبات. وأفاد فضيلته إن الاستهانة بالذنوب والمعاصي سبب للانتكاس والهلاك. وأشار فضيلته إلى أن مزالق الشهوات المحرمة قد تبدأ بنظرة آثمة أو فكرة طائشة ثم لا تلبث أن تستحكم في القلب فيضعف بها الإيمان وتذُهب الورع وتصد عن ذكر الله ومحبته وتورث الوحشة من الصالحين والزهد في الطاعات وتحدث الانتكاسة فيبتعد الإنسان عن طاعة ربه وعن الخوف منه. وذكر إنه من الغرور والإعجاب بالنفس أن يأمن الإنسان من الشيطان وأن يزّكي نفسه بضمان الثبات عن الوسواس مؤكدًا فضيلته أن الله سبحانه وتعالى هو من يهب الثبات للإنسان ويهديه. ** وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة عن المعاني العظيمة في قوله تعالى ((أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)). وأوضح فضيلته إن الناس بحاجة إلى وقفة صادقة عند هذه الآية ليعلموا أن الإنسان مهما تمتع بأعظم المتع من نعيم هذه الدنيا وزخارفها فإنه عند مجيء أمر الله جل وعلا لا يجدي ذلك عن أهله شيئًا فلا يغني عن الملك ملكه، ولا على الغني غناه، ولا عن القوي قوته، ولا عن المتمتع متعته، فرسولنا صلى الله عليه وسلم نام على حصير فأثر في جنبه فقيل له يا رسول الله ألا نتخذ لك وطاء، فقال عليه الصلاة والسلام ((مالي وللدنيا إنما مثلي وهذه الدنيا كمثل راكب استظل تحت دوحة ثم ذهب وتركها)). وبيّن إن المعاني العظيمة والحقائق بهذه الآية يجب أن تقودنا إلى تعظيم أمر الله جل وعلا وأن نتجه إليه سبحانه بالتذلل الكامل والخضوع التام وأن نعلم أن ابن آدم لفي هلكة ونقصان وفي حسرة وخسران حينما يركن إلى هذه الدنيا الفانية ويضيع عمره بالتمتع بمتعتها المحرمة ولذاتها المتنوعة ناسيا آخرته معرضا عن طاعة ربه. ودعا فضيلته المسلمين لتأمل قوله تعالى ((وَالْعَصْرِ, إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ,إِلا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) لقول الشافعي رحمه الله لو أن الناس تدبروا هذه السورة لكفتهم واعظا وزاجرا وسائقا إلى كل خير. وحذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي من الخسارة والثبور لمن استهلك وقته في الغفلة والإعراض ففرط في العمل لأخرته وأضاع ما خلق الله جل وعلا من أجله مستدلًا بقوله تعالى ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)).