لن أغامر وأصف البنوك السعودية بأنها الأسوأ في العالم كما عنون الكاتب في صحيفة الوطن الزميل طلال آل الشيخ مقاله يوم أمس، لكني مع ذلك كتبت كثيرا عن ممارساتها التعسفية وجورها وأنظمتها التي تضعها على مزاجها وعدم امتثالها للأنظمة والقرارات التي تصدرها مؤسسة النقد رغم هشاشتها، وحتى لا يغضب مني البنك الذي أتعامل معه بسبب ما أكتبه كونه واحدا من أشهرها وأقواها، فإنني حريص جدا على أن أكون عميلا ملتزما بأنظمته كي لا أترك له ثغرة يستغلها لتنكيد عيشتي وإرباك حياتي، لكن للبنوك فنونها وإبداعاتها في مفاجأة الناس بفعل ما تشاء دون تبرير أو تفسير حتى لو كان مخالفا للعقل والمنطق فضلا عن أنظمة وقوانين الدولة، بل والأنظمة البنكية المعمول بها كما يعرفها الناس هنا وفي كل العالم. منذ فترة طويلة أتعامل مع بنك كبير شهير، وأجزم أيها القارئ الكريم أن كثيرا من أصدقائي وأصدقائك، و«أهلي» وأهلك يتعاملون معه، وكما أكدت سلفا أنني أمشي «جنب الحيطة» في تعاملي معه، ملتزم بكل أنظمته راضيا عنها أو غير راض، ولا تظن عزيزي القارئ أن رصيدي فيه من فئة الأصفار الستة، إذ لا يزيد عن راتبي من الدولة. ولأن الضرورة أصبحت تحتم الآن وجود بطاقة ائتمان مع كل شخص يسافر كثيرا، فقد استخرجت بطاقة ذات حد ائتماني يناسبني وفوضت البنك باستقطاع مستحقاتها كاملة في موعدها، ومضت الأمور على ما يرام ما يربو على ٨ سنوات دون أي مشكلة. مؤخرا تأخر نزول الراتب في حسابي عن موعد استحقاق البطاقة يومان فقط فقام البنك باستقطاع كامل المبلغ المستحق مع غرامة التأخير ولم أعترض. بعد يومين أردت تنفيذ عملية شراء بالبطاقة فلم تقبل، فاتصلت بالبنك لأكتشف أن المبلغ المسحوب لحساب البطاقة لم يدخل في رصيدها دون تقديم أي تفسير من موظفيه، وما الحل يا إخواننا؟ الجواب سنرفع لك استفسارا ونرد عليك بعد أسبوع، ومضى الأسبوع وليس ثمة رد أو تفسير إلى هذه اللحظة. سألت بعض موظفي البنوك إن كان هناك تفسير لما حدث فاستغربوا تماما وأكدوا أنه لا يوجد ما يفسره، لكني عندما أخبرت أحد الأصدقاء بالقصة أكد لي ما هو أسوأ، فقد حدث له ما حدث لي في هذا البنك وبعد مضي شهر حجزوا مبلغا آخر مساوٍ للمبلغ الأول، أي ضعف مستحقات البطاقة قبل الإفراج عنها بعد شهر لاحق. لو فرضنا أيها البنك المفتري أنني سافرت دون اتصال بكم معتمدا على وجود المبلغ في رصيد بطاقتي لأنه تم استقطاعه، أو أردت استخدامها في حالة طوارئ وليس هناك ما يكفي في حسابي الجاري، كيف سيكون وضعي نتيجة تصرفكم غير القانوني، وما الذي يبيح لكم العبث وامتهان الناس بهذا الشكل الهمجي. إلى هذه اللحظة لم يعبأ البنك بالمشكلة، وتجاربنا مع مؤسسة النقد بخصوص مشاكل البنوك غير مشجعة على الاستعانة بها، وعندما أكتب عن هذه المشكلة فليس لأنها شخصية بل لأني أجزم أن الكثير وقعوا فيها، فهل هناك ما يضبط هذه الفوضى ويحفظ حقوق الناس من وحوش البنوك التي تنكل بضحاياها كما يحلو لها وكأننا في غابة.