×
محافظة مكة المكرمة

تواصل الاستعدادات لإطلاق مستشفى سرطان الأطفال بجدة

صورة الخبر

الزيارة التاريخية التي يجريها العاهل السعودي الملك سلمان لعدد من دول جنوب شرق آسيا تهدف إلى تعزيز التعاون والاقتصادي، لكن الملك سلمان يسعى أيضا فيما يبدو إلى تعزيز الخطاب الديني السعودي في هذه المنطقة. العاهل السعودي الملك سلمان يزور إندونيسيا قادما إليها من ماليزيا. وتشكل الزيارة إحدى المراحل الأساسية من جولة نادرة للعاهل السعودي الذي تسعى بلاده إلى تنويع اقتصادها من أجل الحد من الاعتماد على النفط، وشملت الجولة حتى الآن ماليزيا، على أن يتوجه لاحقا إلى اليابان والصين وجزر المالديف ثم الأردن، وتستغرق شهرا ونصف. العنوان الرئيسي لهذه الجولة إذن هو تعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه البلدان والمملكة، لكن الخبراء يناقشون ما وراء هذه الجولة وعما إذا كانت تحمل مساعي سعودية لتعزيز التحالف الإسلامي السني ضد الغريم التقليدي الشيعي إيران؟ مصالح اقتصادية بعد زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا، اعتبر مراقبون أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قطعت شوطا كبيرا في السباق على الحصة السوقية في آسيا بعد صفقة ضخ سبعة مليارات دولار في مجمع للبتروكيماويات والتكرير في ماليزيا. وفي اندونيسيا تم توقيع اتفاق يعزز الاتفاق الموجود والذي تبلغ قيمته ستة مليارات دولار بين شركتي أرامكو السعودية وشركة بيرتامينا الاندونيسية، لتوسيع مصفاة نفط أندونيسية. هذا بالإضافة إلى توقيع 11 مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين واتفاقيات حول التجارة والطيران وتعزيز التعاون في مجال العلوم والصحة ومكافحة الجريمة. وتشهد آسيا منافسة حادة بين المنتجين ومن بينهم روسيا ودول من الشرق الأوسط مثل العراق والكويت وإيران. ويوفر نمو الطلب في آسيا الملجأ الوحيد للإنتاج وخاصة بعد أن خسر المنتجون حصة سوقية في الولايات المتحدة نتيجة لزيادة إنتاج النفط الصخري هناك. الزيارة تعتبر الأولى من نوعها لعاهل سعودي منذ حوالي نصف قرن وتسعى السعودية إلى خصخصة أصول الدولة وتعزيز القطاع الخاص غير النفطي وفتح أسواقها للمستثمرين الأجانب بعد أزمة هبوط أسعار النفط التي سببت عجزا كبيرا في موازنة البلاد، وتقول الرياض إن بيع أسهم عملا النفط أرامكو ستؤدي لجمع ما يصل إلى 100 مليار دولار فيما ستكون أكبر عملية إدراج على مستوى العالم حتى الآن.  ويقول الكاتب والصحفي عبد الوهاب بدرخان إن هذه الدول تشكل أسواقا مهمة للسعودية وفيها رساميل مهمة ويمكن أن تساهم في تنفيذ رؤية 2030 الإصلاحية السعودية، خاصة بالنظر مثلا للعمالة الاندونيسية الكبيرة في السعودية. ويضيف بدرخان أن التعاون قد يشمل أيضا تنفيذ مشاريع لهذه الدول في السعودية أيضا وليس العكس فقط وذلك في إطار الانفتاح الذي بدأته الممكلة مع الملك الحالي. يشار إلى أن خطة 2030 السعودية هي خطة عريضة أطلقتها المملكة السنة الماضية وتسعى من خلالها إلى النهوض باقتصادها وتخفيف اعتمادها على عائدات النفط، وتشمل الخطة استراتيجيات ومشاريع ضخمة. وبالمقابل تسعى اندونيسيا وماليزيا إلى أن تزيد استثمارات السعودية فيهما لخلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل. "تكريس زعامة المسلمين" بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي تباحث الملك سلمان مع الاندونيسيين موضوع رفع أعداد الحجاج الاندونيسيين، وتأتي اندونيسيا في صدارة الدول التي يتوجه منها المسلمون لأداء مناسك الحج في السعودية. وفي الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها لعاهل سعودي منذ حوالي نصف قرن، دعا الملك سلمان في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإندونيسي إلى ضرورة محاربة الإرهاب، التحدي الذي يواجهه المسلمون حاليا، حسب قوله. ويقول بدرخان إن الملك سلمان يحاول من خلال هذه الزيارة تعزيز "الوضع الإسلامي لبلاده"، وتوجيه رسالة للعالم مفادها أن السعودية لها علاقات قوية بدول إسلامية معتدلة موثوق فيها ولا تحوم حولها شبهات بدعم الدواعش، خاصة أن هذه الدول لها ثقلها في العالم الإسلامي. ويبدو جليا أن السعودية تحاول تعزيز علاقاتها الثقافية والدينية أيضا وليس الاقتصادية فقط بهذه البلدان وخصوصا إندونيسيا التي تعتبر أكبر بلد مسلم في العالم من حيث السكان. وفي هذا السياق تقول سالينا سليم من مدرسة راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة في تصريحات لـ DW  إن السعودية مهتمة بتعزيز الروابط أكثر مع إندونيسيا، البلد السني الكبير، وهذا له علاقة أيضا بتصاعد الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة. وهو الصراع الذي ينعكس بشكل كبير في الحرب السورية واليمنية وتزايد التنافس بين الغريمين الرياض وطهران. وتضيف سليم أن الملك سلمان الذي التقى رجال دين وزار أكبر مسجد في جنوب شرق آسيا يحاول أن يتولى زعامة المحور الإسلامي السني، بينما تسعى هذه الدول إلى الاستفادة من العاهل السعودي لزيادة شعبيتها، إذ يعتبر الكثير من المسلمين في آسيا أن الملك سلمان هو حارس الأماكن المقدسة لدى المسلمين.  تنافس مع إيران أو مصر؟ وإن كان بدرخان يختلف مع فكرة أن هذه الجولة التاريخية تندرج أيضا ضمن التنافس السعودي الإيراني في المنطقة، إلا أنه يتفق مع كون السعودية تسعى لتكريس "زعامتها إسلامية". ويقول "لكن التنافس هو مع مصر وليس إيران فهذه الدول سنية ولا يطرح فيها مشكل الطائفية. أما مصر فلطالما كان لها تأثير في هذه المناطق بحكم دورها الريادي التاريخي في العالم العربي ودورها في حركة عدم الإنحياز وغير ذلك". السعودية واعية بأن التنافس عربيا مع مصر يصعب حسمه نظرا لأهمية مصر كأكبر بلد عربي من حيث السكان والأهمية الاستراتيجية الكبرى التي تحظى بها بالنسبة لكل من الولايات المتحدة وروسيا، وبالتالي ما تسعى إليه السعودية هو زعامة إسلامية، ولهذا "تبحث عن مساحات جديدة خارج العالم العربي لنشر نفوذها" يستنتج الخبير السياسي. ويضيف بدرخان أن الخلاف غير المعلن الذي يتسع بين مصر والسعودية يزيد من أهمية هذا التنافس، والأمور تسير لصالح السعودية باعتبار أن مصر منشغلة حاليا بمشاكلها الداخلية ومراجعتها لبعدها الأفريقي وقضايا أخرى. وبالإضافة إلى هذه المواضيع ركزت تغطية الجولة التي يجريها الملك سلمان على جوانب أخرى، في مقدمتها حجم الأمتعة والوفد الذي يرافق الملك، وأعداد عناصر الأمن الذي يحرصون على أمن الملك وحاشيته لدرجة أن وسائل إعلام استخدمت وصف "ثكنة عسكرية" لوصف ما أصبحت عليه جزيرة بالي الإندونيسية حيث سيقضي الملك عطلته. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أيضا تم التركيز على صور "سيلفي" التي التُقطت للملك في ماليزيا واندونيسيا في خروج على الطابع الرسمي للأبهة الملكية في الزيارات الخارجية للملك، فقد ظهر العاهل السعودي مع مسؤولين كبار في إندونيسيا وماليزيا في صور ومقاطع فيديو جرى تداولها بشكل كبير على الإنترنت. خبر لقاء الملك بحاكم جاكرتا المسيحي الذي يحاكم بتهمة ازدراء الإسلام في زيارة يحاول فيها الملك تعزيز خطاب السعودية في هذه البلدان، استأثر أيضا باهتمام وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. سهام أشطو