×
محافظة المنطقة الشرقية

تعيين البديلات خلال الفصل الدراسي الحالي دفعة واحدة

صورة الخبر

ظلّت العلاقة بين الإنسان والحيوان متفاوتة حسب طباع وعادات وطقوس ومعتقدات البشر، حيث بقي الحيوان الوادع والجارح على مرّ الزمان رمزاً للعلاقة مع بني البشر، حتى تحولت صور تلك الحيوانات شعارات ورموزاً للشعوب والممالك والدول، وتحديداً أسطورة التنين والعنقاء والأسد، بل ظل معظمها مستخدماً في أعلام كثير ابن المرزبان ألّفَ «فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب» والجاحط كتب «الحيوان» و«العقاد» رثى كلبه «بيجو» من الدول، كالنسر الذهبي الذي استخدمه "صلاح الدين الأيوبي" شعاراً ورمزاً للدولة الأيوبية واستمر إلى عصرنا هذا يتوسط معظم الأعلام والبيارق العربية، وكذلك هي الشعارات، كما هو الدب الروسي، والنسر الأمريكي، والأسد الإنجليزي، والحصان العربي. وظل الشعر في كثير من الأحيان معبراً عن صدق العواطف والمشاعر نحو العلاقة بين الإنسان والحيوان، حيث نقل لنا المؤرخون والرواة والقصاصون حكايات هذا المكلوم أو ذلك المحزون الذي فقد ديكه أو عنزته أو ناقته أو حتى كلبه أو صقره الجارح، وأنت في عالم الشعر والأدب مغبوط بما تسمعه وتشاهده من صدق المشاعر بين هيمنت الآلة على السلوك البشري فاستغنوا بوسائل النقل عن الحصان والناقة.. وساعات المنبه محل الديك والحرّاثة بديلاً عن الحمار والبقر الإنسان والحيوان، إذ ربما يخالط رثاء الإنسان للإنسان مصالح سابقة ومآرب لاحقة، وهي التي لن تقرأها في رثاء الحيوانات، حيث ينتهي المأمول من هذا الديك أو تلك الناقة بمجرد موتهما وعليه بقيت خصلة الوفاء مرهونة بصدق المشاعر نحو هذه الحيوانات والطيور الأليفة. الكلب الوفي يروي بعض الأدباء ومنهم "ابن المرزبان" أنّ أعرابياً اضطر للخروج من منزله، ولم يجد من يحرس أولاده الصغار، وبعد حيرة وتردد ترك الأطفال عند كلبه الوفي، وما هي إلاّ سويعة ويعود الرجل فيستقبله كلبه يقفز مذعوراً والدماء تسيل من شدقيه، ما دعا هذا الأعرابي أن يشهر سيفه ويقطع به رقبة كلبه المذعور، والذي ظن أنّه الشعر وثّق علاقتهم التاريخية.. وصور التنين والأسد والنسر تحولت إلى رموز للشعوب وأعلام لكثير من الدول وجد في أبنائه وجبة جاهزة، بيد أنّه تفاجأ حين دخل داره بأطفاله وهم "يناغون" وبجوارهم أفعى ممزقة ومرمية على الأرض، حينها لم يجد هذا الأعرابي إلاّ أن يبكي بحرقة على كلبه الوفي، ويرثيه بأمهات المراثي شعراً ونثراً. ولأن الكلب كان وما يزال مِثالاً للوفاء والأمانة فقد زخرت كتب الأدب بذكر محاسنه، حتى نُظمت له الأشعار وأُلفت فيه الكتب والأسفار، كما تتبع بعض العلماء ك"أبي بكر السيوطي" أسماء الكلب وجمعها في سبعين اسماً؛ كي يتبرأ من تهمة الشاعر "أبي العلاء المعري"، حيث كتب قصيدته الشهيرة (التبري من معرّة المعري) مؤرخون ورواة وقصّاصون نقلوا حكايات محزنة لمن فقد ديكه أو عنزته أو ناقته أو حتى كلبه أو صقره الجارح جمع فيها سبعين أسماً للكلب، في حين ذكر "ابن المرزبان" في كتابه الظريف (فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب) أنّ "الأحنف بن قيس" قال ذات مرة: "إذا بصبص الكلب لك فثق بوّد منه ولا تثق ببصابص الناس، فرب مبصبص خوّان". ورأى "جعفر بن سليمان" كلباً مع "مالك بن دينار" فقال له ما هذا؟ قال: هذا خير من جليس السوء. وذكر بعض الرواة أنّه كان ل"الربيع بن بدر" كلب قد ربّاه، فلما مات ودفن جعل الكلب يتعزّب على قبره حتى مات، وقال بعضهم: ذهب الناس وانقضت دولة المجد فكلٌ إلا القليل كلابُ إن من لم يكن على الناس ذئباً أكلته في ذا الزمان ذئاب غير أن الوجود في صور الناس وأبدانهم عليها ثياب وكم ذكروا أن الرجل يموت فيغيب عنه الأحباب والجيران والأصحاب وتبقى كلابه على قبره تجاوره وتلازمه، رغم أنّه كان يضربها ويقسو عليها في حين كان "يهش ويبش" لصديقه وجاره وصاحبه حتى قال أبوعبيدة: يعرج عنه جاره وشقيقه ويرغب فيه كلبه وهو ضاربه وكانت الكلاب تحرس الدار وتحمي الديار وتدل الضيوف على الزاد والنار تهش في وجوههم وتبش حين استقبالهم، وتظل هي تصارع الجوع لتنام على الطوى، بل لقد قالوا إنّ جميع الحيوانات إذا ارتحل صاحبها من المنزل التي عاشت فيه فإنها ترفض الرحيل معه حنيناً لمنزلها الذي عاشت فيه، ماعدا الكلب فإنه يؤثر صاحبه على المكان مع ما يناله من الحزن والأشجان لفراق منزله الذي تربى فيه. وفاء البغال القول في البغال والكلاب على لون واحد من الوفاء، وهي عند العرب بعكس البغال التي عرفت بالتغيّر والتلّون يقول ابن حازم الباهلي لصديق تغيّر عليه بعد أن خالط السلطان فأرسل له هذه الأبيات: مالي رأيتك لا تدوم على المودة للرجال متبرماً أبداً بمن آخيت ودك في سفال خُلق جديد كل يوم مثل أخلاق البغال ويذكر أن الجاحظ لما انتهى من كتابه المشهور "الحيوان" أعقبه كتاب سماه "القول في البغال" عرض فيه فصول كثيرة في مدح وذم البغال، كما ذكر أخلاقها وطرق الانتفاع بها، فوجد أنّها على النقيض مما ذكر البعض في نعتهم وذمهم لها، ثم خصص فصلاً كاملاً عن سنواتها وطول عمرها، وقد أتم كتابه قبل وفاته بقليل. الحمار والناقة لم يكن رثاء الناقة والشاة بمستغرب على العربي في باديته وحاضرته، إذ اكتنزت كتب الأدب ودواوين الشعر بمدائح ومراثي الشاة والبعير، بل لقد وصفها العرب بأوصاف تدل على سمو قدرها ومكانتها لدى الكثيرين منهم، ولأنّ عرض مثل هذه الأشعار والمشاعر يستحيل لكثرته ووفرته وتعدد أوجهه وأغراضه؛ فإنّ قول العرب في الحمار له شأن آخر في موروثهم إذ انقسم القوم بين مادح وقادح، ولا أدل على ذلك إلاّ وصف ذلك الأعرابي حين قال يصف حماره: "الحمار بئس المطية، إن أوقفته أدلى، وإن تركته ولى، كثير الروث، قليل الغوث، سريع الفرارة، بطيء في الغارة، لا توقى به الدماء، ولا تمهر به النساء، ولا يحلب في الإناء". وهو عند الأعراب على النقيض من مكانة الناقة ولأن من طبيعة أهل البادية الميل للإبل وحب تملكها فقد قال أحدهم يصفها: "إن حملت ثقلت، وإن سارت أبعدت، وإن حلبت أروت، وإن نحرت أشبعت"، بل إنّ بعض العرب يرفض ركوب الحمار ولو بلغت به الحاجة، كما كان الحمار مركوب الزهاد والمتعففين والفقراء المعدمين، وكان له في كتب الأدب أسفار وصفحات، وفي أيام العرب قصص وحكايات، كحكاية الجاحظ مع معلم الصبيان الذي هام في بحر الغرام وطار عن عينه المنام، وهو يبكي معشوقته ويردد: ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار غزل الحمير! أما غزل الحمار بالأتان "أنثى الحمار" فقد شوهد أمام العيان، إذ قد ذكر "محمد بن الحجاج" أن "بشار بن برد" -الشاعر المشهور- جاء إليهم مغتماً فسألوه عن سبب حزنه، فقال: مات حماري، قالوا هل قلت فيه شعراً؟، قال: نعم، بعد أن سألته لم تركتني وأنا أحسن إليك وأخدمك؟، فقال له الحمار: أتذكر يوم أن وقفت عند باب فلان فإنني قد شاهدت أتاناً أخذت بتلابيب قلبي وسرقت مهجة فؤادي، فقال له بشار: هل قلت يا حماري شعراً في ذلك الموقف، قال الحمار: نعم، قلت: هام قلبي بأتان عند باب الأصفهاني تيّمتني ببنان وبدلٍّ قد شجاني وبغنج ودلال سل جسمي وبراني ولها خدٌّ أسيل مثل خد الشنفران فلذا مت ولو عشت إذاً طال هوان فسأله "ابن الحجاج": بشار ماهو الشنفران يا أبا معاذ، فقال: وما يدريني لعله من غريب الحمير، فإذا لقيته فاسأله. رثاء الحمير أما رثاء الحمار فقد كثر بين الشعراء حتى خصصت لمراثيه الكتب، فهذا يرثي حماره بقصيدة طويلة مطلعها: راح الحمار وخلى القيد بالوتد وما أرى أثره في الناس من أحد ليجيبه "تاج الدين بن حنا" وهو يرثي حمار صديقه ابن الوراق الذي سقط في بئر فمات ليقول: يفديك جحشك إذا مضى مترديا وبتالد يفدى الأديب وطارف قوم يموت حمارهم عطشاً لقد أزروا بحاتم في الزمان السالف كما رثى أحد الشعراء حماره وكان هذا الشاعر جزاراً فقال: ما كان حين تنجح الأسفار نفق الحمار وبادت الأشعار خرجي على كتفي وها أنا دائر بين البيوت كأنني عطار لم أدر عيباً فيه إلا أنه مع ذا الذكاء يقال عن حمار راعت لصاحبه عهوداً قد مضت كما علمن بأنه جزار وما أن سمع "البوصيري" بموت حمار صاحبه إلاّ وراح يعزيه وهو يقول ساخراً: إذا أنت عشت لنا بعده كفانا وجودك ما يفقد فرد عليه الجزار: من مات في عزةٍ استراح ومن خلف مثل الأديب ما ماتا أما "أبو الأنوار السجستاني" فقد ظل يبكي على حماره أياماً وأياماً وهو يردد: عزيز علينا أن يغيبك القبر وليس لنا إلا البكاء أو الصبر ولو صح أن تفدى فديتك طائعاً وقلت فداك النعم والحمر فراق عزيز! أما محاورة القطط ورثاؤها فله ديوان آخر أكثر نثراً وأجزل شعراً، إذ قد أسهب الشعراء في الحديث عن قططهم التي كانت تجوب منازلهم وبيوتهم مثل أبنائهم ولا أدل على ذلك إلاّ قصيدة "أبي بكر العلاف" الذائعة الصيت والتي رثا بها قطته التي طالما أنذرها عواقب سطوتها على حمام جيرانه، كما هي قطة "التهامي" التي سقطت في بئر عميقة فرثاها بعبراته ومدامعه، كما كان ل"القاسم بن يوسف" قطة يبادلها الود كما كان جيرانه يبادلونها وحين رمتها سهام المنون قال باكياً: يقولون كانت لنا هرة مربية عندنا تالدة وكنا بصحبتها حامدين وكانت بصحبتنا حامدة فعن لها عارض للردى فأمست بتربتها هامدة وكان ديك "الأصفهاني" يوقظ الحي بأذانه وصوته الجميل، حتى إذا قبضته يد المنون بكاه "الأصفهاني" بقصيدة محزنة، كما بكا "عبد المحسن الصالح" ديكه الجميل في قصيدته الشعبية وهو يقول: لي ديك ضبطٍ توقيته يوعي النايم تصويته لولا طيبه ماشريته بريال وقرش الدلال(ي) لكن ممدوح لي طيبه ترتيبه ساعه ترتيبه لولا اذانه ويش آبيبه ماني بسن الجهالي كما رثى "بدر الحويفي" في قصائد شعبية جزلة فراق صقره العزيز على نفسه وتألم كثيراً حين رأى الصبيان في أطراف الحي يلعبون في جثته الهامدة؛ فقال: لجا القدر ما للفتى عنه مجناب ياما خذا ناس وناس نكبها ياما خذا شيخ تداريه الأجناب وإلا الطيور تموت محدٍ حسبها جمعيات أدبية وحقوقية في عصرنا الحديث غاب الاهتمام بالحيوانات بغياب مشهدها عن الحياة العصرية، فالديك والقط والناقة والكلب والحمار كانت حاضرة في حياة الناس بالأرياف والحواضر يلاطفونها ويسايرونها وينتفعون بها، إلى أن حلّت وسائل النقل الحديثة محل الناقة والحصان، وحلّت ساعات المنبه محل الديك، كما حلت الحراثة محل الحمار والبقر، وهيمنت الآلة على السلوك البشري والحياة الصاخبة، ما دعا البعض إلى المطالبة بحفظ كرامة وحق الحيوان في الحياة الكريمة، من خلال تبنيهم مبادرات إنشاء جميعات الرفق بالحيوان، التي كانت بذرة نشأتها منذ عهد الخليفة المعتصم بالله العباسي عام 122ه، كما قامت المؤسسات الخيرية والتوعوية بإعداد الحملات الإعلامية التي من شأنها أن تنمي ثقافة المحافظة على بقاء الحيوان، لاسيما النادر منها مع حرصها على حفظ حق الحيوان الذي يجد تناقضاً بين من يقيم له المسالخ والمجازر -كما تفعل بعض شعوب الشرق مع الكلاب-. روايات وكتب وبين من يكرّم حضوره ويعزر جنابه في دول الغرب فيورّث ويطعم بطعام الأثرياء، وعليه فقد زخر الأدب الحديث أيضاً بفنون التأليف والتصنيف في مدح الحيوان، لا سيما الحمار الذي ظل ملهم الشعراء والرواة منذ أسطورة "حمار جحا" وما سبقه من رواية " الحمار الذهبي" ل"لوكيوس أبوليوس" التي تعتبر أقدم رواية في التاريخ، حتى لقد سبقت رواية ابن طفيل "حي بن يقظان" إلى أن جاء "ميكافللي" في أواخر القرن العاشر الهجري ليعيد كتابة رواية "الحمار الذهبي" بيد أنّه لم يكملها. وكانت قصص "كليلة ودمنة" للقاص الهندي "بيدبا" من أقدم وأشهر القصص التي ترجمها للعربية "عبدالله بن المقفع"، إلى أن أتى "الجاحظ" بعدها بعقود قليلة ليترك لنا كتابه "الحيوان" ويتبعه بكتب أخرى مشابهة، كما يضع الدميري كتابة "حياة الحيوان" ويترك ل"القزويني" فرصة الوصف للمخلوقات الأخرى من الطيور والحشرات والجوارح في كتابه الشهير "عجائب المخلوقات"، ليأتي "جورج أورويل" في كتابه "مزرعة الحيوانات" الذي كتبه في عام 1945م، ليقول لنا إنّ الحمار لا يضحك أبداً. وترك لنا لأديب الألماني "غونتردي برون" رواية "حمار بوريدان" التي ترجمها "صنع الله إبراهيم" عام 1977م، في حين يرثي "العقاد" كلبه الذي سماه "بيجو" ويهنئ صديقه بولادة كلبه "فلورة" ليأتي "حمار شهاب الدين" الذي كتب عنه الكاتب "أنيس منصور"، وحوله من الحمار إلى "حوار"، أما "حمزة شحاته" الأديب والشاعر السعودي فقد سبق أقرانه في العصر الحديث في كتابة "حمار حمزة شحاته" الذي نشر في صحيفة "صوت الحجاز" عام 1936م، وبذلك فقد سبق هذا المؤلف ترجمة "خواطر حمار" ل"ألكونتس دي سيجير" إلى أن جاء "توفيق الحكيم" فكتب كتابه "حماري قال لي"، ثم استطرد كثيراً في كتاباته وأعماله عن الحمار والحمير، بل لقد انضم إلى "جمعية الحمير" التي تأسست عام 1930م التي تهدف لرعاية حقوق الحمير والتي تلاها إنشاء جمعيات مماثلة في بعض الدول الأخرى وكان "أحمد شوقي" يسقط بعض أشعاره المزية ويقول: سقط الحمار من السفينة بالدجى فبكى الرفاق لفقده وترحموا حتى إذا جاء الصباح أتت به نحو السفينة موجة تتقدم قالت خذوه كما أتاني سالماً لم ابتلعه لأنه لا يهضم بل لم يقف الأدب على محاولة حفظ كرامة الحمار والتغني بمحاسنه إذ عمد بعض الشعراء إلى إقحام حماره في عالم الغزل والتشبب، مذكراً بأيام الصبا والشباب ومراتع ربيع العمر، وهو يناديها بعد أن حور القصيدة من صاحبه إلى معشوقته التي قال لها: أنَسيت أيامَ الحَمِيرْ؟! أنَسيت ماضينا المُثيرْ زَمَنَ الطفولةِ والبراءَةِ والبساطةِ والحصيرْ أنَسيت أيامَ الحَمِيرْ؟! زَمَنَ الخيامِ الشارباتِ مِنَ الهجير أنَسيت أيامَ الحَمِيرْ؟! كان الحِمَارُ رَفيقَنا والكلبُ كانَ صديقَنا كُنَّا نَطيرُ على الدروبِ ولا نَطيرْ كُنَّا نَطيرْ واقع اليوم وأصبحنا اليوم نرى المحاجر الخاصة بالحيوانات والطيور المستوردة على حدود الدول في كل مكان، فلا يدخل إلى هذه الدولة أو تلك طائر أو حيوان أيّاً كان إلاّ ويُعرف برقم و"كود" يحدد من خلاله سنه وفصيلته ومنشأة ومدى ملاءمته للبيئة التي سوف ينزل بها، بل إن الاهتمام بالحيوان زاد بزيادة الوعي الإنساني، لا سيما وأن هذا توجيه رباني كريم، حيث قال عليه الصلاة والسلام "في كل كبد رطبة أجر"، حتى إن بغيِّاً دخلت الجنة في كلب سقته، في حين دخلت امرأة النار في هرة لم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض -كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم-، ولذا نجد أن الاهتمام بالحيوان اليوم، يطل علينا من مقار العيادات البيطرية ومراكز الأحياء الجميلة، بل أصبحنا نسمع عن فنادق ومهاجع الحيوانات الأليفة، التي يضطر أصحابها للسفر خارج أو داخل البلاد، بل لقد أصبحت منافسات جمال الخيل لا سيما الخيل العربي الأصيل، ومسابقات مزايين الإبل والأغنام الشامية والصقور بمختلف أنواعها وفصائلها تحظى باهتمامات الكثيرين ومتابعة وسائل الإعلام المختلفة، وعليه لا عجب أن تحتل حدائق الحيوان في مختلف دول العالم -لا سيما السياحية منها- مراكز متقدمة، بل لقد أصبحت هذه الحدائق أولى محطات السواح هنا وهناك، حيث الحيوانات العجيبة والمتنوعة حسب بيئاتها وظروف معيشتها، رغم أن المبادرة في بناء هذه الحدائق له امتداد تاريخي منذ العصر العباسي، حيث حرص بعض الخلفاء على جمع الحيوانات العجيبة في بيوت ومحميات متنوعة، قدمت لها المعالف والأكلات والعلاجات اللازمة حتى توافد الناس من كل حدب وصوب، لمشاهدتها ومعرفة الغريب والنادر منها.