لم يعد الحق في حرية التعبير عن الرأي مقتصرا على التظاهر والمشاركة في المنتديات أو التجمعات، إذ أصبحت شبكة الإنترنت النطاق الرئيسي للإدلاء بالمواقف وتنظيم الحملات، لا سيما مع الاختراق الذي حققته وسائل التواصل في المجتمع الأميركي، فهل أصبح استخدام فيسبوك وتويتر حقا يضمنه الدستور؟ الجواب بيد المحكمة العليا، إذ إن قرارا واضحا في هذا الصدد سيكون من دون أدنى شك مرتبطا بتفسير التعديل الأول للدستور ورؤية القضاة لدور الإنترنت كمساحة للتعبير. فمن المقرر أن تفصل المحكمة العليا في حزيران/ يونيو المقبل في قانون بولاية نورث كارولاينا يحظر على المدانين بارتكاب جرائم جنسية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعما إذا كان متناقضا مع التعديل الأول والذي يضمن حرية التعبير. قضية كهذه فيها كثير من التعقيد، فمن جهة يضمن الدستور الأميركي حرية التعبير مهما كانت الوسيلة أو الأداة التي تستخدم لهذا الغرض، ومن جهة أخرى ترى الحكومة أن من حقها تقييد استخدام الإنترنت كعقوبة لبعض المجرمين، كقراصنة المعلومات، أو في حالة نورث كارولاينا، المدانين بالجرائم الجنسية. واستمعت المحكمة الاثنين لاستئناف مقدم من لستر باكنغهام، المدان بارتكاب جريمة جنسية في 2002، والذي ألقي القبض عليه عام 2010 بعد أن فتح حسابا في فيسبوك ونشر عبارة يشكر فيها الله لعدم حصوله على مخالفة مرورية. ويمنع القانون الذي أصدرته الولاية عام 2008 المسجلين بتهم جنسية (المدانين في الجرائم) من دخول المواقع التي يستطيع استخدامها من لم يبلغوا السن القانونية، وهذا يعني حظر مواقع مثل فيسبوك وتويتر. وتتمثل حجة باكنغهام في أن منعه من استخدام مواقع التواصل يعد انتهاكا لحقوقه الدستورية التي تضمن له التعبير عن الرأي. وبدى الانقسام واضحا بين قضاة المحكمة بشأن القضية، فبعضهم رأى في قرار الولاية تعديا على حقوق المواطن، إذ إنه لا يمنعهم من التعبير عن الرأي فحسب، بل يحرمهم أيضا من تلقي المعلومات ومن سوق ضخم للأفكار. وهناك من اعتبر أن هناك بدائل أخرى للتعبير عن الرأي غير مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن السماح للمدانين بالجرائم الجنسية باستخدام تلك المواقع قد يعرض الأطفال والمراهقين للخطر.