من الجيد أن يعود الحديث الجاد عن المسرح في المملكة بالتزامن مع يومه العالمي قبل أيام، ومن الجيد أيضا أن جميع آراء المهتمين والمتخصصين التي نشرت على صفحات "الوطن"، مثل سلطان البازعي ومحمد العثيم، وفي غيرها من الصحف، تصب في مصلحة هذا الفن، الذي ينعكس تراجعه أو تطوره على بقية الفنون المقاربة كالسينما والدراما التلفزيونية. التطوير والتغيير نحو الأفضل، وتكريس حالة مسرحية إبداعية صحيحة متميزة يحتاجان لإعادة بناء تنطلق من صناعة وعي مسرحي جمعي، يبعد المفهوم السائد بأن المسرح مكان للإضحاك والتهريج والشتم والركل، بحسب الصورة التي كرستها الأعمال التي كانت التلفزيونات تعرضها. وكم من مرة خرج عدد من الحضور بعد دقائق من بداية عرض مسرحي جاد قائلين: "المسرحية ما تضحّك".. سمعت هذه الجملة أكثر من مرة، وسمعها غيري، ولا بد من إبعادها عن أذهان الناس. إلى ذلك، لا تكفي إعادة افتتاح شعبة المسرح في جامعة الملك سعود أو غيرها، فالمفترض هو افتتاح كيان مستقل تحت مسمى "المعهد العالي لفنون المسرحية" أو أي اسم آخر، تكون مرجعيته إلى وزارة الثقافة والإعلام بحكم الاختصاص، وكذلك يجب العمل على تأسيس اتحاد أو رابطة للفنانين تضم في جمعيات فرعية خريجي "المعهد"، ومن يعملون في الغناء وتشعباته من تلحين وعزف، والتمثيل وأنواعه ومتطلباته. فجمعية المسرحيين الموجودة حاليا مثلا تكون جزءا من اتحاد الفنانين، وهو بدوره يتبع لجمعية الثقافة والفنون وبالتالي لوزارة الثقافة والإعلام. لو حدث وتقرر البدء في إنشاء معهد عال للفنون المسرحية، يخرّج متخصصين محترفين في مجالات تشربوها بعد أربع سنوات من الدراسة، بدل الاتكال على الهواية، بالإمكان الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي لديها معاهد مماثلة مثل: مصر أو سورية، سواء كان ذلك في المناهج أو الأقسام، وحتى في قبول المنتسبين للدراسة فيه، إذ على كل من يريد التسجيل أن يكون حاصلا على شهادة الدراسة الثانوية، وأن ينجح أمام لجنة تحكيم متخصصة في اختبار القبول الأولي، الذي يشمل أمورا عدة منها: تقديم مشهد تمثيلي، وإلقاء مقطع قصصي أو شعري، وأسئلة عامة في الفن، وأخرى لاكتشاف سرعة البديهة.. وما إلى ذلك من أمور لن يصعب وضعها عند اعتماد الفكرة. بعدها يندرج الناجحون في الاختبار الأولي في دورة مكثفة شاملة بإشراف خبراء من المعهد، ثم يُجرى لهم اختبار نهائي لاختيار أفضل 20 أو 30 منهم كحد أقصى هم طلاب كل دفعة.. وعاما بعد عام تكون الساحة الفنية قد كسبت نقادا ومخرجين وممثلين جددا.