على طريقة مسلسل النجم المصري عادل إمام «العراف»، والذي قدمه قبل ثلاثة أعوام، نجحت السلطات المصرية في حل لغز نصاب خمسيني، قدم نفسه أكثر من مرة على أنه «مستشار الرئيس المصري»، وظهر في أكثر في مؤتمر يتحدث بلسان الرئاسة المصرية، وقدم عشرات الوعود والتوصيات لمواطنين لإنهاء مشاكلهم.والغريب، أيضا والمفاجأة أنه سبق وانتحل صفة نائب وزير التعليم، علاوة على انتحاله صفة صحافي بل ورئيس تحرير إحدى الصحف.مستشار الرئيس النصاب، يدعى السيد عبدالخالق محمد الدسوقي الدويك عرفت حكايته وأصلها وفصلها، حين تم الإيقاع به في أثناء حضوره مراسم عزاء وتشييع جثمان القيادي الروحي للجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبد الرحمن، بمسقط رأسه بمحافظة الدقهلية، وهو ما دعا نجل عمر عبد الرحمن لتقديم الشكر والثناء على مؤسسة الرئاسة المصرية لقيامها بإرسال مندوب عنها لحضور عزاء القيادي بالجماعة الإسلامية ومرافقة أسرته منذ وصول الجثمان لمطار القاهرة، وحتى مقر الدفن في منطقة الجمالية.ولكنه في الوقت نفسه كان محل تعجب لمراقبين للشأن المصري وهو ما دفع أجهزة الأمن للتحري عن مندوب الرئاسة.شهود العيان، في الواقعة الأخيرة، قالوا إنه ما زاد من التفاف المواطنين حول هذا الشخص لقائه مع رئيس مجلس مدينة الجمالية بالدقهلية المهندس فرج شعبان، والذي رحب به بشدة وتحدث معه عن إنجازاته بالمركز ووعده مندوب الرئيس بإرساله للحصول على فرقة إعداد قادة تمهيداً لتعيينه وزيرا لأنه توسم فيه الوطنية والاجتهاد في العمل.وفي هذه الواقعة، أجرى اتصالا بأحد الأشخاص ادعى أنه قائد عسكري مسؤول عن اختيارات الوزراء وأبلغه اسم رئيس مجلس المدينة تمهيدا لوضعه ضمن فرقة إعداد القادة القادمة.كما التقى بصاحب مستشفى خاص بالجمالية والذي أصر على دعوته لتناول عشاء فاخر معه بعد انتهاء العزاء ووافق هذا الشخص.وبعد اتصالات مع مؤسسة الرئاسة اكتشفت الشرطة المصرية أن مندوب الرئاسة مجرد «نصاب» رغم وصوله للجنازة بسيارة مدون عليها «رئاسة الجمهورية»، وتم اصطحابه خارج المراسم بحجة دعوته إلى «عشاء» ومن ثم نقله على مركز شرطة الجمالية لمناقشته وفي البداية أصر على ادعائه وأنه مندوب للرئاسة بينما أكد أنه يعمل في جهة حساسة لا يمكن أن يفصح عنها.المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد، وكشفت التحقيقات عن أن المتهم حاصل على مؤهل متوسط.وتبين أنه من مواليد مدينة بلطيم محافظة كفر الشيخ، شمال غربي دلتا مصر، وأقام في مدينة طنطا بالغربية وهارب من تنفيذ 35 حكما جنائيا.مصادر قضائية، قالت لـ «الراي» إن التحقيقات، كشفت أن الدويك (52 عاماً) يمتلك سيارة كونرادو موديل 2011 «صينية الصنع» تابعة لمرور البساتين بالقاهرة، ووضع عليها ملصق الرئاسة لإيهام ضحاياه بمنصبه.وذكرت أنه أثناء وجوده في عزاء الشيخ عمر عبدالرحمن قدمت له إحدى المواطنات طلبا لوزير الصحة فقام بالتوقيع عليه ومذيلا توقيعه بصفته المزيفة «مستشار السيسي».كما كشفت التحقيقات، عن قيام المتهم بتركيب صور «مفبركة» تجمعه بالرئيس المصري وعدد من قيادات الدولة، لاستخدامها في النصب على ضحاياه.كما تم العثور معه على كارنيهات تفيد عمله بالصحافة ورئاسته لتحرير إحدى الصحف وبفحصه جنائيا تبين أنه مسجل خطر فئة «ب» رقم 576 ومطلوب توقيفه في عدة قضايا نصب.ويعدّ الدويك لغزًا محيرًا لكل من يعرفه ويقترب منه، فلا أحد يعرف ماذا يعمل، فتارة يدّعي أنه دكتور وأخرى مستشار، وقد تم توقيفه قبل سنوات في قضية سرقة أدوات صحية مع تشكيل عصابي كبير، وخرج من السجن وانضم لحزب العمل، ثم البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية)، وأيضًا له علاقات واسعة بعدد من الجهات الرسمية، وكان يتردد إبان الثورة على بعض القيادات ورجال الأحزاب بصفته السياسية.