×
محافظة المنطقة الشرقية

1600 من منسوبي جامعة الملك فهد يشاركون في اليوم التطوعي التاسع

صورة الخبر

“الثقافة هي الجسر أو الطريق لبناء العلاقات وتوطيدها، وربما اختراقها”، العبارة السابقة هي القاعدة “الدبلوماسية والشعبية”، التي استطاع نظام ولاية الفقيه في إيران اللعب عليها، بل وترسيخها لتدعيم أمنه القومي الإستراتيجي، في دول شرق أفريقيا، وبخاصة في أرخبيل “زنجبار” التنزاني. زنجبار أو كما يُطلق عليها اسم “بستان شرق أفريقيا”، عبارة عن مجموعة جزر واقعة بالمحيط الهندي تابعة لتنزانيا، وتتمتع بسلطة واسعة، وتشكل الجزر الرئيسية “أنغوحا، وبمبا وتومباتو” هذا الأرخبيل. وزنجبار كلمة عربية محرّفة، أصلها بر الزنج، وتسمّى الجزيرة الكبرى (زنجبار) باللغة السواحلية أنغوجا، وهي مركبة من كلمتين: أنغو ومعناها المنسف، وجاء ومعناها امتلاء. ، حاولت من خلال زيارتها الميدانية استطلاع أبعاد عمق التغلغل الإيراني في هذا الأرخبيل الذي يعاني سكانه العوز الاقتصادي، إضافة إلى الدلالات التي ترمي إليها طهران من كل ذلك. الأرخبيل المعدم وصلت  إلى مطار مدينة “ستون تاون”، الصغير والمهترئ، في حدود الساعة الواحدة والنصف من فجر الـ18 من فبراير، بعد رحلة طيران طويلة استمرت قرابة الـ12 ساعة تقريبًا، عبر مطار مسقط الدولي. من الوهلة الأولى تستطيع أن تصف الحالة الاقتصادية لهذا الأرخبيل بـ”المعدم”، فيما يشكّل المسلمون غالبية سكانه (المليون نسمة)، وتصل نسبتهم لـ90%، لا كما تروّج بعض المواقع الإلكترونية أنهم يشكّلون 98%، وهو ما أكده لـ خميس الزنجباري، الذي يعمل بأحد الفنادق العالمية كمرشد سياحي، وتتوزع بقية السكان الـ10% ما بين المسيحيين والهندوس والسيخ. اللغة الرسمية لزنجبار السواحلية، بجانب الإنجليزية التي خلفها الاحتلال البريطاني، بعد أن كانت العربية لغة الضاد المتسيدة خلال العهد العماني، كما يعاني المسلمون الزنجباريون الفقر والتخلف، رغم ارتفاع نسبتهم وكثرة كنوز أراضيهم. المنشور الإيراني المفاجأة التي ستصيبك بالدهشة أثناء التجوّل في أرجاء مدينة “ستون تاون” الحجرية الشهيرة بالأزقة المتعرجة وأسواقها الصاخبة، ومساجدها العامرة وأبوابها الزنجبارية الشهيرة، أنك ستواجه مئات المنشورات التي تحمل علم “إيران والعلم الزنجباري”، ملصقة على جدران حدائق فروداني، والحصن القديم، ومتحف السلام التذكاري، ومتحف القصر. ولا تكاد تمرّ بقدميك مسافة قصيرة، وإلا وستجد هذا المنشور الإيراني يقابلك أينما وجّهت وجهتك، الأمر الذي استوقف الكثير من السياح الأجانب وغير الأجانب، وأضحت التساؤلات بمثابة سيدة الموقف عن كُنه هذا المنشور، المكتوب باللغة السواحلية. عبدالتواب يتقن القليل من العربية، وهو مالك أحد المحال الصغيرة لبيع التذكارات الزنجبارية، وكان أحد الذين استعنّا بهم لمحاولة فهم المكتوب على المنشور الإيراني، الذي كان يحتفظ بواحدة منها، ليقول عن ذلك إنه “مشروع للتبادل الثقافي بين إيران وزنجبار”. لم ينتهِ الأمر إلى هذا الحد مع عبدالتواب، فيؤكد أن “المشاريع الإيرانية”، وبخاصة الثقافية منها، حاضرة بقوة في زنجبار، ثم يتساءل: “إذا كنتم أيها العرب غاضبين، فأين أنتم من ذلك؟”. ، حاولت التواصل مع المسؤولين الرسميين في السياحة، لأخذ معلومات تفصيلية عن طبيعة المشاريع الثقافية الإيرانية، إلا أنهم فضّلوا عدم التعليق، مكتفين بالقول إن ذلك يخضع للجهات العليا، ولا يملكون تصريحًا رسميًّا للإدلاء بأي مقابلات صحافية لأي جهات خارجية. وعند أداء صلاة الظهر بأحد مساجد المدينة القديمة، صادفنا إمام المسجد، والطريف في الأمر أنه أحد خريجي الأزهر الشريف، ويطلقون عليه مولانا الشيخ ربيع، وسألناه عن التواجد الإيراني في زنجبار. الابتسامة كانت على محيّا الشيخ ربيع، وأجاب: “الإيرانيون يملكون في زنجبار كثيرًا من المشاريع الثقافية والاقتصادية، ونحن نعلم أنهم يحاولون التغلغل في عُمق المجتمع الزنجباري، لكسب ودهم من خلال الطرق الناعمة، والحكومة المحلية تعلم ذلك جيدًا، لكن السؤال ليس هنا، بل لماذا غاب العرب عن دعم هذا الأرخبيل المسلم”. ويضيف أيضًا إن إيران وسّعت من دعمها المالي والمعنوي لبعض الجهات الدينية في زنجبار، لذا لا ينظرون لها بنفس نظرة العرب كونها دولة معادية وتحاول اختراق المجتمعات لصالح أهداف الإستراتيجية، بل ويدافعون عنها في كثير من الأحيان. ويذهب للتوضيح بأن إيران تحاول باستمرار تطوير علاقاتها الثقافية والاقتصادية مع دول شرق أفريقيا، كونها من المحطات المهمة بالنسبة لها. الابتعاث الخطر الإيرانيون في زنجبار متغلغلون بشكل كبير، وبخاصة في القطاع الاقتصادي، من خلال الاستثمار السياحي عبر شراء وتشغيل الفنادق، كون الأرخبيل معلمًا سياحيًّا في الشرق الأفريقي، وأضحت قبلة للأوروبيين والأمريكيين والعرب أيضًا. خطورة الأمر، والذي من المهم تداركه قبل فوات الأوان، توجّه إيران إلى إعطاء الطلاب والطلبة من خريجي الثانوية بزنجبار، فرصة الابتعاث للدراسة الجامعية في الجامعات الإيرانية، وبخاصة أن ذلك يمثل فرصة كبيرة، كون أكثر العوائل لا تستطيع تسديد كلفة ذلك، للفقر الشديد الذي يعاني منه السكان الزنجباريون، خاصة المسلمين منهم، وهنا يكمن الخطر المستقبلي.