جاء الإسلام بتعظيم أمر المال سواء في جهة كسبه أو في جهة إنفاقه، وثَمَّ أوصاف في القرآن الكريم للمال تبين أمره وأهميته مثل قول الله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) النساء: ٥ والقيام في الآية ما به يتقوم معاش الناس. قال المفسرون: والمعنى أنها تقويم عظيم لأحوال الناس، وقيل: قيما جمع قيمة، أي التي جعلها الله قيما أي أثماناً للأشياء. وعلى كلا التقديرين؛ فالآية تبين ما للمال من أهمية في قضاء مصالح الناس الدينية والدنيوية. بل قبل ذلك فحبّ المال فطرة إنسانية: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر: ٢٠ (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) العاديات: ٨ وسماه خيراً. وغريزة "التملك والاقتناء" غريزة فطرية، ولذلك فالنظم والفلسفات الاقتصادية التي حاربت هذه الغريزة كلها باءت بالفشل الذريع، والسقوط المدوي. ومع أن هذا "التملك" في الإنسان غريزة، إلا أن الإسلام وجهها وهذبها كبقية غرائزه، ولذلك جعله مستخلفاً في المال لا مالكاً أصلياً له، مما يعني أن يده على المال يد أمانة كالخازن ينبغي أن يراعي في صرفه الوجوه المشروعة والنافعة، قال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) الحديد: ٧ وقد بين الدين الإسلامي في كثير من نصوصه أن الإنسان مسؤول عن المال سواء في جهة كسبه أو في جهة إنفاقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه) وفي هذه الزاوية سيكون الحديث عن المسائل المالية المعاصرة مراعياً: الاختصار، والوضوح، مقدماً لذلك ببعض المقدمات والأسئلة المهمة؛ والله تعالى ولي التوفيق. الأمين العام لهيئة كبار العلماء عضو المجمع الفقهي الإسلامي