×
محافظة المنطقة الشرقية

فقع الشمالية خالٍ من تلوث «اليورانيوم»

صورة الخبر

هي منزوية حزينة، بعض أجزائها علاه التراب، فمنذ زمن لم يلامس أحد تلك الرفوف، بل منذ زمن لم يمشِ أحد في تلك الممرات، هي خاوية كأن لم تغنَ بالأمس، ذلك الأمس الذي كانت لنا فيه دار تسمى (الحكمة) يأتيها الزوار سياحة وعلماً من كل أنحاء العالم، كانت لها يوماً هيبة ورنة، يسمع بها القاصي والداني، ومع الأسف هكذا نحن دائماً نقول كنا وكانوا! وأما اليوم فقد أصبح روادها قليلين، بل إن بعضهم لا يعرف أين تقع المكتبة العامة في مدينته أو قريته، وربما هي في الحي الذي يعيش فيه، وربما هي جارته، فهل هناك اليوم من يسأل عن جاره؟ بل هل هناك اليوم من يعرف من هو جاره؟! ولكن في مقابل ذلك لو سألنا أين يقع الملعب الفلاني لقيل لنا عن مكانه، ووصف لنا بدقة شكله وأبعاده، ولو سألنا عن المطاعم والمتنزهات والشواطئ لعرفنا أماكنها لكثرة ما تطأها أقدامنا، وأما غذاء العقل الذي تحتضنه المكتبة فقد أصبح من الماضي، ولأننا لا نذكرها جعلنا لها يوماً يذكرنا بها ألا وهو يوم العاشر من مارس، ذلك اليوم مر علينا بهدوء وسلام! ذلك اليوم يسمى باليوم العربي للمكتبة، أو تحتاج عقولنا من يذكرنا بالفكر والعلم والمعرفة، المكتبة هي بيت ذلك كله، بل فيها جمعت عقول كل البشر على اختلاف أطيافهم ومشاربهم ومعتقداتهم. إن هناك قضايا لابد من طرحها لتساعدنا على حل مشكلة العزوف عن المكتبات لنتمكن من إحيائها من جديد. أولاً: لقد تحول العالم إلى عالم رقمي في كل شيء حولنا، وذلك عبر شاشات التلفاز أو الجوال أو الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية، ولذلك أصبح هناك أمر ملح أن توجد لدينا مكتبة عالمية رقمية، وتلك الفكرة يذكر أن منظمة اليونسكو قد تبنتها رسمياً عام 2006، ولذلك لابد أن نفكر جيداً في تحويل جميع المكتبات العامة والخاصة إلى مكتبة تحمل شعار نمطين، النمط الورقي والرقمي لجذب السياح! أقصد الزوار إليها. ثانياً: أقترح وضع مسابقة بين المكتبات على مستوى المملكة ثم العالم العربي للتنافس فيما بينها على جائزة أفضل مكتبة. وأن تكون الجوائز مبالغ محفزة كما نفعل مع جوائز الرياضيين والفنانين! ثالثاً: أن نجعل زيارة المكتبة للأطفال والطلاب إلزامية ودورية، وأن تكون أيضاً جزءاً من المنهج العلمي في البحث من أجل التحفيز، ولطبع أهمية الكتاب في عقول النشء. رابعاً: على مستوى الأسر لابد أن تكون في كل بيت مكتبة ولو مصغرة كل حسب قدرته واستطاعته، ولكن لابد من وجودها في المنزل حتى يراها الغادي والرائح، لابد أن تراها أعيننا صباح مساء، فنتكحل بالنظر إلى كتبها. خامساً: كثرة وسائل الترفيه المرئية والمسموعة، ووسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية من «توتير»، «واتساب»، «إنستجرام»، «فيسبوك»، والقائمة تطول، أثرت كل التأثير على زيارات المكتبات والنظر في الكتب، ولذلك لابد من إيجاد شيء من التوازن لإعطاء كل شيء حقه. سادساً: اهتمام الشباب بالجانب البدني أكثر من العقلي بسبب تلميع المشاهير على مختلف وسائل الإعلام المظهر وإهمال الجانب الفكري والعلمي. ولعل الأسباب كثيرة، ولكن لنعلم أننا لن نصل إلى مصاف الدول المتقدمة والعظمى إلا إذا اهتممنا بالمكتبة كاهتمامنا بالملعب والمطعم ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة!!