العامل المهم في نجاح السوق الموازية التي ستبدأ تعاملاتها الحصرية الأحد المقبل هو إحياء الدور الرقابي بصورة كبيرة من قبل هيئة السوق المالية، وذلك لأجل حماية المستثمرين، حتى وإن كانوا مؤهلين، ومنع أي ممارسات لا تمت للنظام كالاحتيال والتلاعب والغش والتدليس. دون رقابة عالية فإن الاقتصاد الوطني سيتحمل كُلفَة تآكل استثمارات كبيرة نتيجة موجة مضاربات أموال ضخمة تتنافس على شراء أسهم قليلة لشركات محدودة وبنسبة ارتفاع يومية تبلغ 20% كحد أقصى، لأن من نتائج احتدام المضاربات والسباق على شراء تلك الأسهم القليلة هو تضخيم أسعارها إلى مستويات غير معقولة وربما لا يقف الأمر على التضخيم فيما لو حصل تساهل. إن ما يتلو نفخ الأسعار هو الهروب منها ببيعها على الأحمق الكبير كما تقول ذلك إحدى النظريات المتبعة في أسواق المال، ولمن لا يعرف نظرية الأحمق الكبير Greater Fool Theory فإنها تعني كسب المال بشراء الأوراق المالية المبالغ في أسعارها، ومن ثم بيعها بربح اعتماداً على أن هناك شخصا على استعداد لشرائها ويوصف بـ الأحمق الكبير هو على أهبة الاستعداد لدفع سعر أعلى، ولا تقتصر هذه النظرية على الأفراد، بل أيضاً تتواجد في الأشخاص المؤهلين وقد كشفت انهيارات سابقة عن حقيقة ذلك؛ حيث قدمت الصناديق الاستثمارية للأسهم المحلية أسوأ وأبشع أداء لها تضرر منه فئات كبيرة من صغار المستثمرين. في مقال كتبته في هذه الصحيفة حول السوق الموازية تحت عنوان (فرصة الثراء السريع) لعدد يوم الجمعة 13 يناير 2017، ذكرت؛ أنني لا أتوقع أن نفخ الأسعار لأسهم تلك الشركات سيحدث؛ لأن من سمح له في التعامل في السوق الموازية تم تصنيفهم بالمتعاملين المؤهلين، وهم فئة مستثمرين انطبقت عليهم الشروط، وبكل تأكيد فإن المستثمرين المؤهلين سوف يكون لهم خططهم وأهدافهم المبنية على معايير الاستثمار في الأسواق المالية ومفاهيمه وهذا ما سينعكس على قراراتهم الاستثمارية لدى شراء الورقة المالية أو بيعها وهي لن تختلف عن ذات المعايير والمفاهيم في السوق الرئيسية. أتمنى أن يتحقق ذلك التوقع، وإن حدث العكس واتجهت تلك السوق الصغيرة إلى العنف المضاربي بقيادة المؤهلين فالحقيقة واضحة؛ وهي أن كل من يخالف أنظمة السوق المالية ويحتال ويتلاعب ويغش ويدلس لابد أن يحاسب، بل يجب أن يوضع له حد ولا يتم التساهل معه وذلك بموجب النظام. ما هو صحي وصحيح في كل سوق مالية هو أن المضاربات ملح الأسواق، لكن ترويض المضاربات العنيفة الناشئة بلا أسباب جوهرية يجعل السوق أكثر انتظاماً واستقراراً.