مخاض عسير لولادة أول موازنة لبنانية منذ 12 عاما تصاعدت أصوات الخبراء والأوساط الاقتصادية المطالبة بإنهاء أزمة غياب الموازنة اللبنانية منذ عام 2005 في وقت يخشى فيه اللبنانيون من زيادة كبيرة في الضرائب بحسب تسريبات من الجدل الدائر في الحكومة لإقرار الموازنة الجديدة. العرب [نُشرفي2017/02/23، العدد: 10552، ص(11)] بانتظار عاصفة الضرائب الجديدة بيروت – تتابع الأوساط الشعبية والاقتصادية اللبنانية الجدل المتواصل في الأروقة السياسية لإقرار أول موازنة العام الحالي، بعد 12 عاما من الاعتماد على استنساخ موازنة واحدة، تعود إلى عام 2005، رغم التغيرات الكبيرة التي حدثت في هيكل الاقتصاد منذ ذلك الحين. ويقول الخبراء إن تلك الموازنة لم تعد صالحة لإدارة الاقتصاد بسبب التغيرات الكبيرة، وأن الاقتصاد أصبح بحاجة ماسة لموازنة تستجيب وتعالج الأزمات الكبيرة، التي لم تكن موجودة. ويرى النائب نبيل دو فريج رئيس لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط في البرلمان اللبناني أن مواصلة الاعتماد على موازنة عام 2005 لم تعد مجدية، لأن حجم الإنفاق في ذلك الحين كان يبلغ ما يعادل 6.6 مليار دولار سنويا، في حين يصل حجم النفقات الجارية للدولة حاليا لنحو 15.9 مليار دولار. وأضاف أن مداخيل الدولة تصل حاليا إلى نحو 10.9 مليار دولار سنويا، ما يعني أن تقديرات العجز المتوقع تصل إلى نحو 5.2 مليار دولار. محمد شقير: هدر الأموال نتيجة الفساد يقدر بنحو 5 إلى 7 مليارات دولار سنويا وتواصل الحكومة اللبنانية اجتماعاتها هذا الأسبوع، بهدف التوصل إلى إقرار موازنة عامة للبلاد، وسط متابعة للبنانيين المتخوفين من فرض ضرائب جديدة في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها البلاد، خصوصا في ظل وجود أكثر من مليون ونصف نازح على الأراضي اللبنانية. ونسبت وكالة الأناضول إلى دو فريج قوله إن “الدولة اللبنانية لم تفرض منذ عام 2005 وحتى اليوم أي ضريبة جديدة على المواطنين، بسبب غياب الموازنة، في وقت كانت مصروفات الدولة وإنفاقها يتزايدان باستمرار”. وأشار على سبيل المثال إلى أن عوائد الكثير من الضرائب مثل الضريبة على القيمة المضافة كانت تتراجع في ظل الأزمات الاقتصادية وعند انخفاض سعر البترول، مما يؤدي لارتفاع العجز المتراكم. وذكر دو فريج أنه يجري حاليا الحديث عن البحث عن إيرادات جديدة في الموازنة، التي يجري بحثها حاليا في البرلمان، وبينها فرض ضرائب جديدة. وعبّر عن اعتقاده بأن ذلك لن يجدي نفعا. وقال إنه “على سبيل المثال إن اقتراح رفع الضرائب على المشروبات الكحولية إلى 500 بالمئة قد يؤدي إلى تراجع إيرادات الموازنة بدل زيادتها، لأن هذه الضريبة المرتفعة سوف تشجع على التزوير والتهريب”. وأشار إلى أن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري حين تولى منصب رئاسة الحكومة قام حينها بخفض ضريبة الدخل من 30 بالمئة إلى 10 بالمئة “ومع ذلك ارتفع مدخول الدولة من تلك الضريبة، بفعل توقف التهرب الضريبي وبات الجميع يصرح عن مدخوله كما هو”. واقترح دو فريج اللجوء إلى حلول بديلة عن الضرائب قائلا “نحن في بلد يشهد مؤشرات اقتصادية ومالية سلبية، خاصة مؤشر الاستهلاك المتراجع الذي لا يتحمل أي زيادة جديدة في الضرائب”. وأكد أن الحل يكون بأن تتعاقد الدولة مع القطاع الخاص لتقديم الخدمات العامة، لكي تتمكن من التحول من دولة تقدم الخدمات إلى دولة تشرع وتراقب القطاع الخاص بعد خصخصة القطاع العام. نبيل دو فريج: مضاعفة الضرائب ستؤدي لتراجع الإيرادات لأنها ستشجع التزوير والتهريب ودعا بموازاة ذلك إلى أن تركز الدولة جهودها بشكل أساسي في محاربة الفساد بالفعل وليس بالقول، وأن تصدر قوانين تشجع المستثمر اللبناني والأجنبي على الاستثمار في لبنان. ويرجع السبب الرئيس لعدم إقرار أي موازنة منذ مطلع 2006، إلى حدوث تجاوزات داخل البلاد مرتبطة بالمال العام، وبعض الاختلالات الاقتصادية والمالية. وقال محمد شقير رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان ورئيس غرفة بيروت وجبل لبنان، إن الهدر في لبنان نتيجة الفساد يقدر بنحو 5 إلى 7 مليارات دولار سنويا. وأضاف أن الدولة تخسر على سبيل المثال من تهريب السجائر والتبغ حوالي 800 مليون دولار سنويا “أما سوق الهواتف النقالة فإن 90 بالمئة منها مهربة، وفي سوق الكمبيوتر 60 بالمئة.. ولذلك على السياسيين في لبنان أن يتفقوا على مكافحة الفساد قبل الحديث عن الضرائب”. وأكد شقير أنه “لا يجوز أن يدفع المواطن الضريبة دون أن يدفعها مواطن آخر وعلى الدولة أن تكون قادرة على جباية الضرائب من كل اللبنانيين دون استثناء”. واقترح “أن تقـر الحكومـة اللبنانية الموازنة الآن، وتبحث لاحقا موضوع سلسلة الرتب والرواتب لزيـادة أجـور مـوظفي القطـاع العام، بمساعدة شركات عالمية متخصصة بالتنسيق مع كافة القطاعات الاقتصادية”. وفي نهاية نوفمبر المـاضي، بلغ إجمالي الدين العام نحو 74.5 مليار دولار، بحسب تقرير صادر عن جمعية المصارف في لبنان.