قليلة هي الأفلام الكوميدية الرومانسية التي تنجح في أن تقدم شيئاً مختلفاً وهذا هو تحديداً ربما سر نجاح فيلم "في عالم" "In A World", فهو لا يبدو للوهلة الأولى كوميديا رومانسية بشكلها التقليدي كما أنه أيضاً يقدم رؤية نسوية نوعا ما تدعو لتمكين المرأة في عالم الأداء الصوتي بشكل عام والتعليق الصوتي على دعايات الأفلام بشكل خاص، وهو جانب مجهول سينمائياً. كما أنه تحية أيضاً لأحد أعلامها وهو دون لا فونتين، الممثل الإذاعي وصاحب الصوت الأشهر في عالم التعليق الصوتي والذي توفي عام 2008، وقد علق لا فونتين على أكثر من خمسة آلاف دعاية لفيلم ومئات الآلاف من الإعلانات التلفزيونية, ولذلك فعنوان الفيلم مستمد من عبارته الشهيرة التي عادة ما تصاحب إعلانات الأفلام "في عالم". يبدأ الفيلم بما يشبه فيلما وثائقيا يتحدث عن دون لا فونتين وخسارة صوته، فلا أحد يستطيع أن يأخذ مكانة أسطورة التعليق الصوتي, وفي المقطع الوثائقي تظهر شخصيتان يتحدثان عنه ويبدو من أنهما من العاملين في هذا المجال لنعرف فيما بعد أنهما من شخصيات الفيلم: الأول هو سام سوتو "فريد ميلاميد" والثاني هو جوستاف ورنر (كين مارينو). سام هو معلق صوتي شهير يعيش مع ابنته الصغرى كارول (ليك بيل) منذ وفاة زوجته وهو على وشك أن يتلقى أرفع جائزة فنية على مجمل أعماله, وقد نشر حديثاً سيرته الذاتية ويرغب في العيش مع رفيقته جيمي فيطلب من كارول أن تترك المنزل. كارول مدربة صوتية، مغرمة بتقليد اللهجات واللكنات، وترغب بأن تكون معلّقة صوتية لكن والدها يقلل من شأنها في هذا الموضوع متحججاً بأن المنتجين لا يرغبون بصوت نسائي. بسبب وفاة لافونتين يعول سام على جوستاف لأن يحل محله بعد تقاعده، ولا يفكر أبداً في ابنته التي علمها هو أصول المهنة. لكن جوستاف يصاب بالتهاب في الحلق ويتأثر صوته فيطلب لويس (ديمتري مارتن) مهندس الصوت في الاستديو، الذي تعمل فيه كارول على تدريب الممثلة إيفا لانجوريا على اللهجة البريطانية، أن تؤدي تعليقاً لإعلان فيلم تجاري كان يفترض أن يؤديه جوستاف. لويس يكن بعض المشاعر لكارول لكنها تتجه لجوستاف الذي يحاول التأثير عليها وإبعادها عن منافسته. يحضر سام جيمي وتنتقل كارول للعيش مع أختها داني (ميكيلا واتكينز) وزوجها مو (روب كورددراي). تتصرف كارول وكأنها صغيرة نوعاً ما في مشاعرها وطريقتها في الحياة. تطلب كارول التي تمشي بجهاز مسجل لتسجيل أي لهجة غريبة للتدرب عليها، أن تسجل لها داني التي تعمل في أحد الفنادق الكبرى مقابلة مع أحد الزبائن والذي يحاول أن يتقرب إليها مما يوقعها في مشكلة. يغضب جوستاف من ذهاب عدة إعلانات منه بسبب مرضه ويغضب سام أيضاً الذي يجهل أن ابنته هي من اختطف هذا العمل منهم. علاقة سام بابنتيه علاقة متوترة وهو لا يستطيع أن يتخيل أن ابنته يمكن أن تنافسه، كما تتعقد الأمور أكثر حين يتعرف جوستاف على كارول وحين تقرر سلسلة أفلام "نساء الأمازون" أنها تريد عمل إعلان عن الفيلم لتبدأ المنافسة بين الجميع. ما يميز الفيلم أنه يكشف عن جانب غامض نوعاً ما في صناعة السينما بشكل ظريف وخاصة دور كارول، فهو إلى حد ما دور غير تقليدي، كما أن علاقة الأب بالبنات مختلفة نوعا ما. كما يمزج الفيلم بين الكوميديا الرومانسية والعلاقات العائلية وعالم التنافس الوظيفي الذي تعاني فيه المرأة من الكثير من التحديات بشكل جيد. وهناك في الفيلم رؤية نسوية غير مباشرة تحسب للمخرجة في عملها الأول, فالممثلة والكاتبة والمخرجة ليك بيل التي تقتحم عالم الإخراج السينمائي بفيلم طويل بعد إخراج حلقة تلفزيونية وفيلمين قصيرين، أجادت في الأدوار الثلاثة؛ فقد كان أداؤها عفوياً ومميزاً. وقد حاز الفيلم على جائزة أفضل سيناريو، وقد يكون أهم نقاط القوة في السيناريو هو عدم تقليدية الشخصيات، فقد كان هناك بعد حميد عن الكلاشيهات المعتادة. وهو أيضاً يوحي بتمكن مخرجته من حيث إدارة موظفيها وإخراج فيلم استحق ثناء نقدياً ونجاحاً لا بأس به تجارياً, ويعتبر الفيلم بميزانيته المتواضعة من الأفلام الكوميدية المميزة لعام 2013.