الأرجح أنّ الإنجاز الفضائي الذي حقّقته الهند أخيراً في إطلاق مجموعة كبيرة من الأقمار الاصطناعيّة سويّة، يملك أبعاداً متنوّعة ومتشابكة. في خريف العام 2014، سجّلت الهند سبقاً مذهلاً بأن كانت أول دولة آسيويّة تستكشف الكوكب الأحمر بأن وضعت قمراً اصطناعيّاً في مدار استكشافي حول المريخ، وصله بعد سنة كاملة من الطيران في الفضاء الكوني. إذ حمله صاروخ فضاء هندي من مركز «إسرو» الفضائي في خريف 2013، ووصل إلى مداره حول المريخ خريف 2014. وآنذاك، صارت الهند رابع دولة ترتاد المريخ، بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد السوفياتي السابق. وسجّلت تقدّماً ضخماً على الصين، يندرج في صراع آسيوي متعدّد الأبعاد بين «التنين الصيني الأصفر» و «النمر الهندي الزاحف». ولم يُنفَق على الإنجاز المريخي سوى 74 مليون دولار، ما جعل الهند تفاخر بأن مهمّاتها في الفضاء هي الأقل تكلفة بين الدول كلها. وتذكيراً، تصنع الهند خمسة أنواع من الصواريخ القادرة على حمل مركبات إلى الفضاء الكوني، بداية من المدارات حول الكرة الأرضيّة ووصولاً إلى المريخ. وتحمل تلك الصواريخ التي تتميّز بقوّتها وانخفاض تكلفتها، أسماء «أس أل في» SLV و «أس آل في أي» SLVA و «بي أس أل في» PSLV و «جي أس آل في» GSLV و «جي أس أل في أم» GSLVM. أبعاد سياسيّة أدّت الأقمار الاصطناعيّة دوراً هائلاً في تعزيز الشفافيّة خلال العقود الأربعة المنصرمة. وامتد دورها من جمع معلومات عن المحاصيل الغذائيّة الأساسيّة (قمح، ذرة، رز، شعير...) إلى كشف المقابر الجماعيّة التي خلفها نظام الديكتاتور صدام حسين، مروراً بتغطية الكوارث الكبرى كالـ «تسونامي» والزلازل، وانفجار المفاعلات النوويّة وغيرها. في السنوات القليلة المنصرمة، دخلت الأقمار الاصطناعيّة التجاريّة إلى ذلك المشهد، خصوصاً مع ظهور الأقمار الاصطناعيّة الصغيرة الحجم والقليلة التكلفة والقادرة أيضاً على بثّ صور رقميّة على مدار الساعة. في المقابل، ربما من البديهي القول أن الأقمار الاصطناعيّة وعلاقاتها مع العوالم الرقميّة، تعاني عوائق تقنيّة تشمل التقلّب في أحوال الطقس والأجواء، والمحدوديّة النسبيّة في القدرات التقنيّة لمجسّاتها وكاميراتها. وفي معطى الآلات المحلّقة، برز في الآونة الأخيرة عنصر تقني جديد، يمكّنه أسلوب عمله وقدراته التقنية وارتباطه المباشر مع الإنترنت، من المساهمة بقوّة في صعود الشفافيّة، خصوصاً في علاقة الجمهور الواسع مع الدولة. وتمثّل ذلك العنصر بطائرات الـ «درون» التي تستطيع التقاط صور جويّة مقرّبة، وتعطي أشرطة فيديو عاليّة الوضوح، فكأنها عدسة إعلاميّة جويّة. ومنذ انتشارها تجاريّاً، تلتقط الـ «درون» صوراً وأشرطة مرئيّة- مسموعة، وتوصلها إلى الـ «سوشال ميديا» ما يضاعف تأثيرها في الرأي العام ومساهمتها في الشفافيّة أيضاً. وفي 2015، بيع مليون «درون» في الولايات المتحدة، كما جرى الترخيص لقرابة 3 آلاف شركة باستخدام تلك الطائرات. ويتوقّع أن يرتفع السوق العالمي للـ «درون» ثلاثة أضعاف حجمه حاضراً، خلال سنوات قليلة مقبلة. وفي 2016، ساهمت صور الـ «درون» وأشرطتها في التقاط حقائق عن التدخل الروسي العسكري المباشر في أوكرانيا، وزلزال النيبال، وإبراز مسؤوليّة الحكومة الصينيّة في مأساة انزلاق الوحول في مقاطعة «شنزن» وغيرها. وبقول آخر، أحدثت الـ «درون» نقلة نوعيّة في المواد الموثّقة المتاحة للجمهور، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل أن محلّلي محتوى شبكات التواصل باتوا يستندون إلى كاميرات الـ «درون» في تحليلاتهم للحوادث، ما يزيد انكشاف الحكومات والدول أمام أعين جمهور يتزايد تطلّبه للشفافيّة بصورة متصاعدة.