في ثنايا الندوة الثقافية المقامة ضمن فعاليات المهرجان الثقافي الجنادرية، والتي دارت محاورها حول تأثير الأيديولوجيا على الرواية العربية، كان هناك اتفاق من المشاركين على وجود التأثير مع شروحات مختلفة لأنواع وعمق التأثير في الأطروحات الثقافية على وجه العموم، والتي اختلفت من مجتمع لآخر لأسباب مختلفة، منها الاجتماعي والثقافي والسياسي والموقع الجغرافي. في قراءة لتأثير الأيديولوجيا على كافة مسارات الحياة في عالمنا العربي نجد أنها أثرت بدرجات مختلفة، وأكثر القطاعات تحرراً من تأثيرها هو القطاع الاقتصادي وأكثرها تأثراً القطاع الثقافي ومحلياً في مجتمعنا السعودي يمكن أن نضيف لها القطاع التعليمي وحقوق المرأة التي كانت ومازالت تمثل منطقة مستحبة وناشطة لأصحاب الأيديولوجيا المتشددة. اختلاف تأثيرها يعود لمدى تدين المجتمع، بالإضافة إلى أن المجتمعات العربية الخاضعة للاستعمار كانت أقل تأثراً بتلك الثقافة، مع انفتاحها أكثر على ثقافة المستعمر ولعل المتابع للمنتج الثقافي عموماً والروائي على وجه الخصوص يلمس ذلك بالإضافة لتأثيرها على اللغة الأم وهو تأثير عام وليس خاصاً بالمثقفين أو المهتمين بالنشاط الثقافي بكل مساراته وأشكاله، لعل أكثر القطاعات تحرراً من تأثيرها كان القطاع الاقتصادي كما ذكرت سابقاً والذي خدمه صانع القرار السياسي بقوة لعدة اعتبارات منها حتمية بناء علاقات وتبادل مصالح مع القوى الخارجية، بالإضافة لأهميته لتحقيق الأمن الوطني والاجتماعي للمجتمعات، كما أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة ترتكز عليها كافة الأنظمة الحاكمة في كافة سياساتها الداخلية والخارجية. في المشهد المحلي تداخلت تلك الأيديولوجيا مع الكثير من قطاعاتنا بل وتركت بصمتها بقوة في كافة مفاصل حياتنا الاجتماعية والثقافية والإدارية والتعليمية، كذلك الحراك النسائي ووضع بصمة الممنوعات في غالب المشاهد، ناهيك عن مقاومة الجديد وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية، حيث تم تحريم التصوير والانترنت في بداياتها والأطباق اللاقطة للبث الفضائي والجوال المزود بكاميرا وغير ذلك، تلك الآثار تغلغلت في مفاصل الحياة الاجتماعية حيث غاب الترفيه البريء، بالإضافة إلى حضور بارز في تصميم المنازل خاصة عند الطبقة المتوسطة وهي الشريحة الأكبر في مجتمعنا. في التعليم بقي النشاط غير الصفي قوته محصورة في نشاطات معينة بل وصل الأمر بهم إلى عرض صور للقبر والجنائز لطلاب المرحلة الابتدائية وجميعنا يعرف أنهم في مرحلة الطفولة مما يعني حاجتهم لغرس قيم ومفاهيم تعزز روح الحب لخالقهم ومجتمعهم وليس الترهيب المبالغ فيه. السؤال؛ إلى أي مدى استطعنا الحد حالياً من تأثير الأيديولوجيا على مفاصل حياتنا؟