من أبسط أبجديات الحياة أن تعرف الداء أولاً؛ كي تعرف الدواء الأنجع، وعندها تأخذ هذا الدواء لتبرأ من علتك. ولا يمكن تجاهل الدواء بعد معرفته إلا إذا كنت لا تريد أن تُشفى..!!! فالعقل والمنطق يقولان ذلك. والعرب يقولون في أمثالهم: (إذا عُرف السبب بطل العجب). وهذا المثل ينطبق على كل شؤون الحياة. من هذين الأمرين يجب علينا أن ننطلق في التعامل مع كل شؤون حياتنا؛ فكل ما يمر بنا من أمر يندرج تحتهما؛ فتأمل ما يدور حولك، ودقق النظر فيه، تجده لا يخلو منهما. وبالمثال يتضح المقال؛ فخذ مثلاً: (غياب الطلاب).. فالعقل والمنطق يفرضان الانضباط والالتزام بأوقات الدوام المحددة من الوزارة بدءًا ونهاية، ولكن ما يحدث في مجتمعنا عكس ذلك؛ فتجد أن الغياب يكثر عندنا، وبخاصة قبيل الإجازة وبعدها. وللأسف الشديد، إن هذا الأمر أصبح ثقافة مجتمعنا؛ ولكل مجتمع ثقافته، وعاداته، وتقاليده.. وهذه الظاهرة أصبحت ثقافة مجتمعنا. ومما لا شك فيه أن هذا داء ينخر جسد العلم والمعرفة؛ لذا يجب علينا أن نجد له الدواء الشافي؛ كي نخلص هذا الجسد الطاهر مما اعتراه من علة.. ومن باب أن (لكل داء دواء) وجب علينا تشخيص الداء لمعرفة الدواء. وبما أننا لاحظنا أن الغياب يكون بشكل أكبر قبيل الإجازة وبعدها إذًا اتضحت العلة، وبان السبب، وتشخص الداء.. فالداء الإجازة..!! إذًا الدواء البُعد عن هذه الإجازة. وبما أنه لا يمكن أن يكون الدوام مستمرًا على مدار العام، ولا يمكن إلغاء الإجازة؛ لأن الإنسان يحتاج للراحة؛ كي يتجدد نشاطه، إذًا الحل في التقليل من هذه الإجازات إلى أقل عدد ممكن؛ كي لا نعطي الفرصة للطلاب ليغيبوا. والمتأمل لواقع دراستنا يجد أنها تحتوي على عدد لا يمت للمنطق والعقل بصلة من الإجازات، وفي الوقت ذاته عدد أيام هذه الإجازة بعيد جدًّا عن العقل والمنطق..!! كيف ذاك؟!! وهل هذا لغز تريدنا أن نحله؟!! أم ما الأمر؟!! هذا ليس لغزًا، والأمر في غاية الوضوح، ولكن -للأسف الشديد - لا يريد البعض أن يراه؛ فيغمض عينيه ويمضي، ويريد أن يسير في الطريق الصحيح.. فهل هذا من الممكن؟!! وهل في هذا استجابة لصوت العقل؟!! أم انصياع لأصوات أخرى؟!! وهل هذا سيصل بنا إلى الهدف المنشود؟!! نعود إلى إجازاتنا، وعددها، وعدد أيامها.. فنجد أن عددها ثلاث إجازات عدا إجازة الصيف..!! فهل هذا العدد منطقي؟!! أما عدد أيامها فكل إجازة عبارة عن خمسة أيام دراسية، تسبقها عطلة نهاية الأسبوع، وتتبعها أخرى؛ فيصبح مجمل الإجازة مع عطلتي نهاية الأسبوع تسعة أيام..!! فهل هذا منطقي..؟!!! وهل من المعقول أن تكون إجازة الربيع خمسة أيام؟! من هذا المنطلق نستطيع القول إن الحل الناجع يكمن في تقليص عدد هذه الإجازات القصيرة إلى إجازة واحدة، تكون مدتها مدة هذه الإجازات (ثلاثة أسابيع)؛ أي تجمع هذه الإجازات المتفرقة في إجازة واحدة؛ فتصبح إجازة الربيع ثلاثة أسابيع بين الفصلين الدراسيين، إضافة إلى إجازة الصيف في نهاية العام؛ وبذلك تصبح إجازاتنا إجازتين فقط؛ فنتخلص من أربع فترات غياب؛ لأن غياب الطلاب - كما أسلفنا - يتركز قبيل الإجازات وبعدها، وبحجة أن أسبوعًا واحدًا غير كافٍ. من هنا نكون قد قلصنا فترات الغياب إلى الثلث إن لم نكن قد قضينا عليها..!!! فكيف ذاك؟ قلصناها إلى الثلث عند الذين يسيرون على ثقافة المجتمع أو تقاليده أو عاداته في الغياب قبيل الإجازة وبعدها؛ فألغينا إجازتي منتصف الفصل الأول والثاني؛ فقضينا على أربع فترات غياب قبلهما وبعدهما؛ فقلصنا فترات الغياب من ست فترات إلى فترتين فقط قبيل إجازة الربيع وبعدها، وقضينا على الغياب عند الذين يتحججون بأن مدة الإجازة غير كافية فأسبوع واحد لا يكفي؛ لأن إجازة الربيع ستصبح ثلاثة أسابيع بعد دمجها مع إجازتي منتصف الفصلين الأول والثاني؛ فمن هنا لم يعد هناك مبرر للغياب. فبما أن كثرة الإجازات وقصر مدتها هما السبب في الغياب، وهما الداء، إذًا فالحل باختصار شديد دمجها في إجازة واحدة، تكون مدتها بمدة هذه الإجازات.. وهذا هو الدواء. فهل هذا الدواء يغيب عن مسيري الوزارة؟!! أم أنه غير متوافر في صيدليتها؟!!!! وهل تمتلك صلاحية صرفه أم لا؟!!! وهل يعقل أنها لا تمتلك تلك الصلاحية؟!! وإن كانت لا تمتلكها فمن الذي يمتلك هذه الصلاحية إذًا؟!! وإذا كانت الوزارة تعرف كل هذه الأسباب ولا تطبقها..!! فلماذا تشغل منسوبيها بالغياب؟!! وتكوِّن له اللجان..!! وتعقد له الاجتماعات..!! ويصبح شغلها الشاغل، حتى أن البعض كاد يخلع عليها اسم: "وزارة الغياب"..!!!