×
محافظة المدينة المنورة

اعتماد مركز صحي السميري بينبع كمركز مناوب

صورة الخبر

حسن روحاني في الكويت.. ثم ماذا إبراهيم الزبيدي في أجواء زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للكويت وسلطنة عمان دعا المساعد السياسي لروحاني، حميد أبوطالبي، “الدول الصديقة” في الخليج إلى استغلال الفرصة. وقال في تغريدة له عبر حسابه في تويتر إن مبادرة روحاني بزيارة عُمان والكويت “مؤشر على ضرورة الصداقة والأخوة الإسلامية، والعودة إلى العلاقات الإقليمية الـودية”. كما اعتبرها “إنـذارا بضرورة إنهـاء الخلافات الدينية، والصراعات الطائفية، والعنف الإرهابي، وقتل الأبرياء والمشردين، والتوتر الإقليمي المتزايد في المنطقة”. وفي تغريدة أخرى، اعتبر أبوطالبي الزيارة “بشارة لتفاهم بين دول الخليج على تأمين الأمن المشترك، والقتال الموحد ضد الإرهاب والعنف والتطرف”. والحقيقة أن هذا كلام هام يشبه قلب الكرة الأرضية رأسا على عقب، فيصبح قطبها الشمالي في الجنوب، والجنوبي في الشمال. ولا وجود لواحدٍ قط في الدول العربية والعالم لا يتمنى أن يكون أبوطالبي صادقا، وروحاني أكثر منه صدقا وشرفا وإنسانية. ولا حاجة لنـا بأن نسأل، من اعتدى على من، ومن زعزع الأمن المشترك، ومن افتعل الصراعات الطائفية، ومن الذي موّل ودرّب وسلّح العنف الإرهـابي في المنطقة، ومن الذي أفتى بقتل الأبرياء المشردين؟ أسئلة كثيـرة أجوبتها فيها، ولا حاجة لمجيب. ولكن، وبرغم أن روحاني لا يحل ولا يربط، ولا يستطيع أن يفي بأي وعدٍ قد يقطعه لـ“الدول الصديقة” في الخليج العربي، فإن على محاوريه العرب أن يَعُودوا إلى العشرة قبل أن يثقوا بوعود الزائر الجديد، وأن يسألوا أنفسهم، قبل أن يسألوه، هل يستطيع إلزام المرشد الأعلى، ومن ورائه الحرس الثوري وقادة فيلق القدس، ومنهم قاسم سليماني، مثلا، بالموافقة على اتفاق مصالحة حقيقية مع دول الجوار والمنطقة؟ وهل يستطيع النظام القائم أساسا على اعتماد العنف وسيلة سياسية لفرض نفسه وصيا على المنطقة والحفاظ على وجوده، أن يتحمل الأثمان الباهظة التي لا بدّ أن يدفعها مقابل مصالحة حقيقية صادقة مع دول الجوار تقتضي، أول ما تقتضي، وأكثر من أي شيء آخر، لكي يبرهن على حسن نواياه، أن يعلن التخلي عن عقيدة تصدير الثورة إلى دول المنطقة بقوة السلاح، وأن يتوقف عن تمويل وتدريب وتسليح أحزاب وميليشيات عدوانية إرهابية طائفية تقوم نيابة عنه، وتنفيذا لأوامره ومخططاته، بزعزعة أمن شعوب المنطقة واستقرارها، ثم احتلالها واستعمارها؟ وهل سيأمر حرسه الثوري والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والأفغانية التابعة له بالخروج من سوريا؟ وهل سيقطع حبل السرة مع حزب الله، ويوقف مدّه بالمال والسلاح، لكي يعود حزبا مدنيا سياسيا وطنيا لبنانيا غير مسلح، ولا يعبث بمقدرات الشعب اللبناني، باسم المقاومة والممانعة؟ وهل سيغلق مراكز تدريب الميليشيات الخارجية التابعة لقوات الحرس الإيراني التي يديرها فيلق القدس، والتي تنتشر في أنحاء مختلفة من إيران، والتي يقوم فيها ضباط فيلق القدس بتدريب عناصر الميليشيات الطائفية المستوردة من سوريا واليمن ولبنان والعراق وأفغانستان؟ بصراحة، لا يتوقع مواطن واحد، من الخليج إلى المحيط، بعد كل الذي جرى وصار، أن تتمخض هذه الزيارة عن شيء ذي قيمة، عدا فائدة واحدة جيدة يمكن اقتطافها منها هي البرهنة على حقيقة أن عنجهية النظام الإيراني لا يَبطـُل مفعولـُها إلا عندما يشعر بخطر داهم يتطلب من قادته، متشددين وإصلاحيين، أن يلجأوا إلى التقية والانتهازية، على طريقة “تمسكن إلى أن تتمكن”. ففي أجواء الإدراك الأميركي المتأخر في عهد إدارة دونالد ترامب لحقيقة كون النظام الإيراني بؤرة القلق والتوتر في المنطقة، وأنه مموّل الإرهاب الأول، بنوعيه، السني والشيعي معا، وفي ظل إصرار الإدارة الجديدة على مواجهته لحماية مصالحها في المنطقة، كان طبيعيا أن يتواضع المرشد الأعلى، ويتعطف ويتلطف، ويحمل رئيس الجمهورية “بشارة” تفاهم مع دول الخليج، لتحييدها، ومنعها من التفاهم مع ترامب، واحتمال أن تضع أيديها في يده لمحاصرة إيران، وربما الهجوم على بعض مواقع قوته الضاربة. فمهما نتج أو ينتج عن زيارة حسن روحاني لدول الخليج العربية، فإن إيران لن تخرج من سوريا، ولن تترك العراق للعراقيين، ولا لبنان للبنانيين، ولا اليمن لليمنيين، ولا البحرين للبحارنة، ولا السعـودية للسعوديين، ولا الكويت للكويتيين. لأن أيّ مصالحة حقيقية يعقدها النظام الإيراني مع دول الإقليم لا بد أن تكون لها نتيجتان، كلٌ منهما تربكه وتهدد وجوده. أولاهما انكشاف حقيقته أمام الطائفة الشيعية في العالم، والشيعة العرب في المقدمة، والتأكد من أنهم ليسوا سوى حطب لناره، وجنودٍ يقاتلون في سبيله، فيَقتلون ويُقتلون، دون أن يضطر إلى الزج بمقاتلين إيرانيين في حروبه التي لا تتوقف. وثانيهما شماتة شعبه به، وخصوصا ملايين المعارضين لظلمه ودكتاتوريته وهمجيته، وهو ما لا طاقة له به. ففي شهر فبراير من العام الماضي قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وهو يؤبن 46 عسكريا إيرانيا قُتلوا في اشتباكات مع المعارضة السورية، إنها “حرب الإسلام على الكفر”. وقد نقل، يومها، الأمين العام إلى مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي قول خامنئي “لو لم يذهب الشباب للقتال في سوريا، ولو لم يقاتلوا هناك، لكنا نقاتل العدو في كرمنشاه وطهران وأصفهان”. إنه، بهذا يعترف، بالقلم العريض، بأن الهجوم على شعوب المنطقة هو وسيلته الوحيدة للدفاع عن بقائه في إيران ذاتها. وليس على ذلك اعتراض. ولكن إذا ما لجأ خصومه “الكفار” السوريون والعراقيون واللبنانيون واليمنيون والخليجيون، بالمقابل، إلى نفس مبدأ المرشد الأعلى، “الهجوم أفضل أنواع الدفاع”، واصطفوا مع ترامب، ومع أي قوة أخرى على الأرض، لردعه ورده، لن يكون حراما ولا منكرا ولا عدوانا على إيران ولا على وكلائها. إذ ستكون، عندئذ، “بضاعتُها قد ردت إليها” بالكمال والتمام. وبعبارة أوضح. لا يفل الحديد غير الحديد. والسن بالسن، والعين بالعين، والبادئ أظلم. كاتب عراقي باهر/12