حوار: بكر المحاسنة عبد الصمد هوساوي هو سفير المطبخ السعودي، الذي مثله في العديد من المسابقات والاحتفاليات الكبرى داخل وخارج المملكة، امتلك الشجاعة ولم يعبأ لنظرة المجتمع، فدخل عالم الطهي مبكراً، وتعلمه كمحترف، فأبدع في اكتشاف الكثير من الوصفات. هوساوي يؤمن بأن الطبخ أبو الفنون، لملامسته الحواس الخمس للإنسان، ولا يخفي إعجابه بدولة الإمارات، التي كانت سباقة في فتح الأكاديميات ومعاهد فنون الطهي، لعشاق عالم الطبخ، لذلك يسعى بكل جهده لإطلاق نادي طهاة المدينة المنورة، للتعريف بمهنة الشيف بشكل أكبر، والتقته الخليج لتتعرق منه على نشاطاته واجتهاداته. }كيف كانت بدايتك مع مهنة الطهي؟ - لم يدر في خلدي يوماً ما، أن أطهو في مطبخ اليونيسكو بباريس، عندما بدأت أولى خطواتي في الطبخ قبل 20 عاماً، حيث كانت البداية حباً وموهبة، ولكن نظرة المجتمع كانت عائقاً، ولم ألق الترحيب من الأسرة ولا من الأصدقاء، ولكن توفيق الله عزوجل، ثم إصراري على دخول هذا المجال بكل قوة وعزيمة، دفعني إلى بذل المزيد من الاجتهاد، وكانت رحلتي في الطهي ملأى بالحب والشغف والمغامرة، بداياتها عبارة عن تعلم واستطلاع، إلى أن وصلت إلى الاحتراف والإتقان، ولم تكن البداية سهلة، لعدم وجود مدرسة فندقية في المملكة، ولم يكن المجتمع يتقبل وجود طاه سعودي في الميدان، وقبلت براتب شهري زهيد في سبيل التعلم واكتساب المعرفة، والحمد لله وصلت إلى عشرة أضعاف الراتب، وأصبحت مصدر اعتزاز وفخر لأسرتي وأصدقائي، ولكل من يعرفني. }ما أول طبخة قمت بإعدادها؟ - حبي لمهنة الطهي، وشغفي بإعداد الطعام، قد لا يذكرني بأول طبق، ولكن طبق الدبيازة الحجازية، من الأطباق التي أتقنتها منذ بداياتي في عالم الطهي، لمكانة هذه الأكلة في المائدة الحجازية، وخاصة في إفطار عيد الفطر، وتتكون من عصير قمر الدين والمكسرات والبهارات الخليجية والسمن البلدي، حيث تمد الجسم بالطاقة والحيوية، وهي من الأكلات العثمانية، التي انتقلت للحجاز. } وهل ابتدعت أطباقاً جديدة من ابتكارك، منذ أن عملت كشيف؟ - في البداية كنت أعتقد أن الشيف هو من يحفظ المئات من الوصفات، ولكن مع مرور الزمن في المهنة، اكتشفت أن الشيف، هو من يتقن التقنيات، ويكتشف الكثير من الوصفات، واحدة من مراحل الرحلة الجميلة هي الابتكار والإبداع في المطبخ، وهذا ينبع من حب الشيف وشغفه بالطعام والمطبخ، وخلال عملي كشيف، أبدعت في أطباقي، وواحد من ابتكاراتي الباستا بالفواكه، وحالياً أعمل على دمج بعض الأطباق فيوجن، بين المطبخ الشرقي والغربي، مثل طبق المصابيب المحشية بالشوكلاته. } أنت تعمل في فندق الإنتركونتننتال في المدينة المنورة، ما أبرز الأكلات التي يقدمها الفندق؟ - المدينة المنورة يزورها سنوياً ملايين المسلمين من مختلف بلاد العالم، وبالتالي يتم إعداد قوائم طعام مختصة ببعض الشعوب، وأيضاً يقدم الفندق الأطباق العالمية والمحلية، لإرضاء ذوق المستهلك المحلي، وهناك أطعمة تقدم في مناسبات خاصة، كالتعتيمة، في عيد الفطر، والأطباق السعودية في اليوم الوطني. } ألم يكن غريباً أن يعمل شاب سعودي كشيف في فندق؟ -الطفرة الاقتصادية التي مرت على منطقة الخليج عامة، جعلت من ثقافة العيب أن يعمل أحدنا في حرفة، لم أكن أول سعودي يعمل طاهياً في فندق، ولكن كنت من الأوائل الذين عملوا في هذا الميدان، برغم نظرة المجتمع إلى أنها مهنة دونية، وفكرة أن العمل في القطاع الحكومي للمواطنين، والقطاع الخاص للوافدين، كانت ثقافة سائدة حتى عهد قريب. } ما الجوائز التي حصلت عليها خلال مسيرتك المهنية؟ - حصلت على جائزة موظف الشهر المثالي في فندق الهيلتون، خلال ديسمبر 2002م، وأفضل موظف بفندق الهيلتون، وجائزة أمير المدينة المنورة لمشاريع الشباب2005، كما حصلت على جائزة الموظف النجم بفندق الإنتركونتننتال 2008، وجائزة عكاظ للتميز المهني، وجائزة الإصرار، لقصص النجاح الأكثر إصراراً على مستوى المملكة، وحصلت أيضاً على جائزة أفضل طاه للعام2013م، وجوائز التميز السياحي، وفضية دبي للطهاة المحترفين الواكس. } لماذا أطلق عليك لقب سفير المطبخ السعودي؟ - هذا لقب مصدر فخر واعتزاز، وهذا اللقب، تكليف وليس تشريفاً، وهو مصدر إلهام، وأطلق عليّ هذا اللقب من هيئة التدريس بكلية السياحة والفندقة بالمدينة المنورة، لكثرة مشاركاتي، وتمثيل المطبخ السعودي داخلياً وإقليمياً ودولياً، حيث مثلت المطبخ السعودي في معرض آثار المملكة عبر العصور، في العاصمة الألمانية، برلين ومثلت المطبخ السعودي في احتفالية المملكة وإيطاليا، بمرور ثمانين عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية مع إيطاليا، في العاصمة روما. ومثلت المطبخ السعودي في الأيام الثقافية للملكة العربية السعودية باليونسكو، في العاصمة الفرنسية، باريس، وأيضا كان لي شرف التمثيل والمشاركة في المطبخ السعودي، في الأسابيع الثقافية للمملكة العربية السعودية في ألبانيا وقرقيزسستان وإندونيسيا. وشاركت بالمطبخ السعودي في أول برنامج مسابقة طهي معرب في العالم العربي Lbc، وشاركت بالمطبخ السعودي في مسابقة النجم الشيف، في قناة فتافيت، ومثلت المطبخ السعودي في برنامج سفرة عامرة، على قناة دبي، وشاركت في المطبخ السعودي مع نجوم الطهي في الخليج والعالم العربي، ببطولة دبي العالمية للضيافة. وهناك العديد من المشاركات في المهرجانات والفعاليات. } وهل لتخصصك الدراسي علاقة بإبداعك في المطبخ؟ - أنا حاصل على الشهادة الجامعية المتوسطة، من كلية السياحة والفندقة بالمدينة المنورة، وهي الجهة الأولى والوحيدة، في تدريس الطهي في السعودية، التابعة للحكومة، وكنت الأول على الدفعة، بتقدير ممتاز، مع مرتبة الشرف الأولى، وحصلت على درع ووشاح الكلية للتميز، ولكن الإبداع في الطبخ، يحتاج إلى صفات خاصة في الطاهي. } في رأيك أيهما أهم: التدريب العملي أم النظري في هذه المهنة؟ - الجانب العملي والنظري، وجهان لعملة واحدة، خاصة في هذا العصر؛عصر الثورة العلمية، فلا يمكن الفصل بين الجانب الأكاديمي والجانب العملي، وما يتم تعرفه نظرياً، يتم تطبيقه عملياً، وأنا كمدرب محترف معتمد في المملكة العربية السعودية، عند تقديم أية دورة لأية جهة، أطلب أن يتوفر فصل دراسي، ومطبخ تعليمي. ولكن بالنسبة للشيفات المتقدمين مهنياً، والمحترفين، أحياناً نكتفي بالجانب النظري، كفلسفة علمية أكاديمية للمهنة. } هل ترى أن التعليم في الخليج العربي، أولى هذه المهنة خصوصية وأهمية؟ -لا يخفى على أحد مكانة الإمارات في الخليج العربي، وسعيها الدائم للرقي بالمواطن الخليجي، فكانت سباقة كعادتها دائماً، إلى فتح الأكاديميات ومعاهد فنون الطهي، وبدأت بالفعل، مدارس الطهي في الانتشار بدول الخليج. } ما طموحك وأحلامك المستقبلية؟ - لا حدود لأحلامي ولا لطموحاتي المستقبلية، ولكن أطمح إلى تأسيس جمعية اتحاد طهاة الخليج العربي، وإنشاء مركز تدريب ودراسات للمطبخ الخليجي، وعمل معرض متنقل له، وأجهز لإطلاق نادي طهاة المدينة، الذي أتمنى أن يسهم في التعريف بمهنة الشيف، والمطبخ السعودي. تنوع الثقافات ينعكس على الأطباق يعود تنوع الأطباق والمأكولات في المملكة العربية السعودية، بحسب الشيف عبدالصمد هوساوي إلى عدة عوامل، أبرزها وجود الحرمين الشريفين، والموقع الاستراتيجي الذي يربط ثلاث قارات، وكون السعودية أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث المساحة، ولها حدود جغرافية مع ثماني دول عربية، وسواحل بحرية ممتدة على البحر الأحمر، والخليج العربي، فالأطباق السعودية تتباين وتتنوع من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها. يقول هوساوي: بلغت منطقة الخليج من التقدم والنمو والانفتاح الثقافي والاقتصادي على العالم الكثير، ولديها حجم كبير من الأيدي العاملة في المنطقة، وثقافة السياحة الخارجية من مواطني المنطقة، كل هذه العوامل وغيرها أثرت في ثقافة المواطنين، والثقافة الغذائية لها عدة جوانب، فهناك الجانب الطبي، والجانب السياحي، والوقائي، والمعرفي، وغيرها الكثير من الجوانب، وللأمانة المهنية، أقول: مازال الخليجي بحاجة إلى الكثير من التثقيف الغذائي. ويتابع: من خلال مشاركتي وزياراتي الدائمة لدول الخليج، ألاحظ إقبالاً متزايداً من الجنسين لدراسة الطهي وفنونه، وقد ساهمت البرامج التلفزيونية كبرنامج التوب شيف، والمسابقات أوالمهرجانات والمعارض، في خلق شغف لدى الشباب، حيث يحتاج الشباب الخليجي، إلى الشيف الخليجي النموذج، وأيضاً إلى المزيد من التوعية والتثقيف، حول المهنة وأسرارها، وعلى مسؤولي التعليم المهني في دول الخليج، بناء شراكات مع كبرى مدارس الطهي في العالم، وجذبها للمنطقة، فمنطقة الخليج، منطقة واعدة بكل المقاييس، وفي كل الاتجاهات.