منذ 30 عاما كانت البداية.. بداية تحول في حياة الجيولوجية الهولندية كارن فان أوبستل، منذ 30 عاما كانت رحلة سياحية إلى الغردقة شعرت وقتها أن شيئا ما سيربطها بمصر، وما أن بدأت حركة التنمية السياحية في منطقة مرسى علم حتى قررت أن تستقر هناك لتتخذ من منطقة «مرسى شجرة» في «مرسى علم» موطنا جديدا لها. قضت «كارن» حياتها بين البحر والصحراء، عاشت حياتها بجوار أبناء قبيلة العبابدة الذين أحبتهم وأحبوها وشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، واعتبرتهم أهلها وتطبعت بطباعهم. «كارن»، التي تبلغ من العمر نحو 62 عاما، كانت من الأوائل، سواء من المصريين أو الأجانب، الذين قدموا لمدينة مرسى علم جنوب البحر الأحمر عملت بها كمديرة لمركز للغوص والسفارى، وقامت بتدريب العشرات من المصريين والأجانب ليصبحوا من أمهر الغواصين في المنطقة وتفتح لهم أبوابا للعمل. خلال عملها بالغوص لم تترك «كارن» مجال تخصصها، ففى كل مرة كانت تسجل كل ما تشاهده من كائنات بحرية وشعاب مرجانية، ورغم تعرضها لحادث، خلال إحدى رحلات الغوص، إلا أنها لم تيأس ونقلت نشاطها إلى الصحراء والجبال، حيث كونت شركة لتنظيم رحلات سفارى وأصبحت خبيرة تعرف أدق التفاصيل عن صحراء مرسى علم من الأودية والسهول وقمم الجبال وارتبطت بسكان الأودية من قبيلة العبابدة. سنوات طويلة قضتها «كارن» وسط طبيعة مرسى علم سجلت، خلال رحلاتها بالصحراء، المعلومات عن أحجارها ورمالها وحيواناتها، سنوات طويلة وهى تسجل وتوثق، تبحث عن إرث علمى تتركه لأهل مرسى علم ومحبيها. رحلت «كارن» عن الدنيا منذ أيام وسط حزن شديد من أهالى المنطقة، الذين ودعتهم جميعا وكأنها كانت تشعر بقرب الرحيل. يقول عنها حسام حلمى، رئيس مجلس إدارة مركز الغوص والسفارى، الذي عاصرها منذ قدومها لمرسى علم: «كارن كانت هدية من السماء لمرسى علم، بعلمها وخبراتها وأخلاقها الحميدة ومن شدة حبها وعشقها للمنطقة وأبناء قبيلة العبابدة أوصت بأن تدفن في مقابر العبابدة لتكون روحها بجوارهم ويقومون بزيارتها، وخلال تشييع جنازتها شارك نحو 150 من شيوخ وشباب العبابدة وأهالى مرسى علم من محبيها ومن تعلموا الغطس على يديها، وسط حالة حزن كبيرة وبكاء على فراقها». وأضاف «حلمى» أن «كارن» قبل وفاتها تركت كنزا ومكتبة كاملة من المعلومات والأبحاث والمقالات والدراسات والصور وأفلام فيديو بحجم 2000 جيجا عن الصحراء الشرقية ومناطق الغطس والجزر والخلجان بالبحر الأحمر بمرسى علم ليستفيد به من يأتى بعدها من الباحثين والدارسين، بالإضافة إلى توثيق حياة أبناء العبابدة بالمنطقة. حياة «كارن» المليئة بالتفاصيل دفعت «حلمى» لأن يقرر إصدار كتاب عن حياتها وجولاتها وأبحاثها للحفاظ على تاريخها وتكريما لروحها.