تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخية الجولة الثالثة من المفاوضات حول الأزمة السورية، وسط حالة من الغموض بقيت مهيمنة حتى الساعات الأخيرة قبل انعقاد اللقاء الذي سبق أن تأجل ليوم واحد، وحديث عن خلافات بين الدول الراعية للمفاوضات، وتحديدًا بين تركيا وروسيا. وأمس قال وزير الخارجية الكازاخي، خيرات عبد الرحمنوف، في حديث للصحافيين، إن مفاوضات آستانة حول الأزمة السورية تأجلت بسبب تأخر وصول بعض أعضاء وفد فصائل المعارضة السورية المسلحة، وقال إن لقاءات تشاورية ستنطلق صباحا عند العاشرة بالتوقيت المحلي، على أن تبدأ الجلسة العامة عند الثانية عشرة منتصف النهار. مصدر مقرب من أجواء المشاورات في آستانة، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجواء المحيطة بلقاء آستانة 2 سلبية جدا مقارنة بالمزاجية العامة التي كانت سائدة قبل لقاء آستانة نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي». وأشار إلى أنه إلى جانب الحديث عن خلافات بين موسكو وأنقرة «عبر البعض هنا في آستانة عن خشيته من فشل المشاركين في التوقيع على الاتفاق الخاص بآليات مراقبة وقف إطلاق النار والتدابير العقابية»، التي قال إنها «لا تشكل رادعا حقيقيًا ومؤثرًا يجبر الأطراف على احترام التزاماتها»، رافضا الإفصاح عن تفاصيل إضافية حول تلك العقوبات، واكتفى بالقول: «الأجواء معقدة واللقاء حاسم جدًا، ورغم الرغبة القوية لدى الدول الراعية بالتوصل إلى اتفاق، فإن التحضيرات التي سبقت الاجتماع لم تكن بمستوى التمنيات، وما زالت هناك بعض الفجوات الحساسة الفاصلة بين مواقف الرعاة». وكانت مؤشرات حول خلافات بين الدول الراعية لعملية آستانة قد برزت بوضوح خلال اليومين الماضيين، وتحديدًا عندما وصلت الوفود إلى آستانة، باستثناء الوفد التركي ووفد المعارضة السورية المسلحة. وإذ لم يكشف أي من الطرفين عن أسباب الخلاف، فقد أشارت بعض المصادر إلى أن الأمر على صلة بالوضع في مدينة الباب، ومشاركة ممثلين عن «الاتحاد الديمقراطي» الكردي المقرب من الـ«بي بي كي» والنظام السوري في مفاوضات جنيف. وقال يحيى العريضي، أحد المتحدثين باسم وفد الفصائل المعارضة إلى كازخستان لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «ذاهبون إلى آستانة وفدا رسميا معارضا برئاسة محمد علوش لمناقشة أمر واحد فقط وهو مسألة أساسية، إذ تلقينا وعدًا بأنه سيصار إلى تثبيت وقف إطلاق النار». وأضاف: «هذا ما نأمل في إنجازه في حال توفر إرادة من قبل الضامنين وتحديدًا روسيا». ومن المقرر أن يلتقي وفد المعارضة «المصغر»، وفق العريضي، ممثلين عن روسيا وتركيا والأمم المتحدة التي سبق أن أعلنت أنها سترسل «فريقًا تقنيا». وأوضح رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أحمد رمضان، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الوفد يضم، إضافة إلى علوش «خمسة أعضاء من ممثلي الفصائل». وقال رمضان إن هدف المشاركة في المحادثات «نقل رسالة إلى الروس مفادها عدم وجود التزام» باتفاق وقف إطلاق النار، فضلاً عن «استمرار الانتهاكات من خلال القصف الجوي والمدفعي والتهجير القسري وعدم حل قضية المعتقلين واستمرار حصار المدنيين من قوات النظام السوري»، وأكد أن الوفد سينقل أيضا رسالة أخرى مفادها «رفض التطرق إلى أي ملف سياسي في آستانة ونقل ذلك إلى جنيف تحت مرجعية الأمم المتحدة». في السياق نفسه، قال ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى الأزمة السورية، رئيس الوفد الروسي في مفاوضات آستانة، في تصريحات للصحافيين، أمس، إن مشاورات جرت في العاصمة الكازاخية خلال اليومين الماضيين، لافتًا في الوقت ذاته إلى عقبات ما زالت موجودة، واعتبر «تجاوزها ممكنا»، معربا عن أمله في أن يتم إنجاز ذلك مع نهار اليوم، الخميس، وأن يتم الإعلان عن التوصل لاتفاق حول آليات وقف إطلاق النار. كما أشار ممثل الرئيس الروسي إلى وصول قسم من الشخصيات في وفدي تركيا والمعارضة السورية إلى آستانة، على أن يصل القسم الثاني اليوم، الخميس. وفي بيان، أعلن وفد الفصائل أنه «بناء على دعوة الضامنين، التركي والروسي لوفد الثورة العسكري، ستحضر لجنة تقنية من الخبراء إلى آستانة لمتابعة الموضوع الأساسي الذي نوقش في آستانة الشهر الماضي، وهو تثبيت وقف إطلاق النار». وأكدت الفصائل أن وفدها كان قد قدم في الجولة الماضية وثيقة إلى مبعوث الأمم المتحدة والضامنين تحدد آلية مراقبة ومحاسبة ومعايير وقف النار والإفراج عن المعتقلين وتحسين الظروف الإنسانية وفك الحصار عن المناطق المحاصرة.