استشعر الجميع حجم الفوضى والألم الذي خلفه إغلاق جسر واحد وهو جسر الغزالي قبل أيام وذلك كخطوة ضرورية لاكمال طريق الجهراء الذي هو أهم مشروع للطرق شهدته الكويت منذ بداية نهضتها!! وسبب غضب الناس هو أن ذلك الإقفال لم يتم التخطيط السليم له أو توعية المواطنين بما يجب عليهم عمله، ووقف الناس في طوابير لساعات، فهل يمكن تصور أن بلداً يقف على رجليه ويقفل شوارعه بسبب جسر مغلق!! واسمحوا لي ببعض التعليقات على موضوع الطرق أولاً: مشاريع الطرق القائمة اليوم هي مشاريع مهمة والكل يترقب متى تنتهي لكي يتم حل تلك المشكلة العويصة التي عفست كل شيء في الكويت وعطلت السير، ولكن السؤال هو عن سبب تأجيل تلك المشاريع لما بعد تحرير الكويت عام 95 إلى الوقت الراهن ومضاعفة النفقات إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، والأهم هو التسبب في الاختناقات المرورية اليومية التي نعيشها اليوم ونفاد صبر الناس بسبب الفوضى الحاصلة من تلك المشاريع؟! بل إن مشكلة مطار الكويت الذي يمثل فضيحة حقيقية للكويت لكل من يزور هذا البلد قد تكون أكبر من مشكلة الطرق، ثم جاءت الحلول بمشروع مطار يتجاوز 1.3 مليار دينار وفترة انتظار ست سنوات!! فهل هنالك مبررات لهذه التصرفات الكارثية التي سلكتها الحكومات المتعاقبة وجر البلاد إلى تلك الأوضاع المأسوية؟! ثانيا: لقد أصبح الجميع يدرك بأن مشكلة المرور لا تتعلق بالطرق فقط، بل هي مشكلة معقدة ترتبط بالزيادة المجنونة في أعداد السكان والقوانين المهلهلة التي تسمح بتكديس السيارات في شوارع الكويت من دون حساب، والتردد في فرض الضرائب والرسوم على السيارات ورفع أسعار الوقود، وهي من العوامل المهمة لترشيد استهلاك الناس وإجبارهم على التوفير! ثالثا: الفوضى في تحديد مواقع العمل وإجبار الناس على التوجه إلى أماكن محددة داخل البلد للدوام ممايحاصر المناطق السكنية ويتسبب في الاختلالات المرورية! بل إن تخطيط المدن في الكويت يعاني من التخبط الكبير والفوضى، وأكثر من 80 في المئة من مساحة الكويت هي مناطق غير مأهولة بالسكان!! ومن يتابع المخطط الهيكلي للكويت الذي تم رسمه مرات عدة خلال الخطط الخمسية ثم مخالفته والاتجاه نحو الداخل يدرك كم فرطت الحكومة في توفير مخطط واقعي للبلد وساعدت في ارتفاع أسعار العقار وتردي الخدمات، وساعدت مافيا المال على ابتلاع أراضي الدولة ورفع أسعار العقار إلى أرقام فلكية وإفشال جميع الخطط الإسكانية!! رابعا: مع أننا نشعر بالارتياح ونحن نشاهد تلك المشاريع الكثيرة يتم الانتهاء منها على جميع المستويات، لكننا ندرك بأن ضريبة تنفيذ تلك المشاريع وتأخيرها مؤلمة جدا ومكلفة كثيرا!! مكافأة صمود على الطرق!! اقترح بأن تكافئ الحكومة جميع من يضطرون للتوجه يومياً إلى أعمالهم مروراً بمشروع طريق الجهراء - وأنا منهم - وذلك بمنحهم علاوة طريق بأثر رجعي تقديرا لمعاناتهم المستمرة على مدى ست سنوات، والحالة النفسية التي مروا بها خلال تلك السنوات، وتكسر سياراتهم وظهورهم، فهذه أفضل مكافأة تقدمها الكويت لهؤلاء الصامدين بمناسبة الأيام الوطنية التي نحتفل بها اليوم!!